خلصت محكمة بريطانية متخصصة بالعمل إلى أن الاعتقاد بأن تصرفات إسرائيل ضد الفلسطينيين ترقى إلى مستوى الفصل العنصري والتطهير العرقي والإبادة الجماعية رأي “يستحق الاحترام في مجتمع ديمقراطي”.
يذكر أنه في فبراير الماضي وفي ما اعتبر قراراً تاريخياً، حكم قاضٍ بريطاني بأن أستاذ علم الاجتماع السياسي، ديفيد ميلر، والذي كان قد طُرد من جامعة بريستول عام 2021 بسبب آرائه المناهضة للصهيونية، كان فصله ظلماً كما أنه تعرض للتمييز.
مؤخراً، قامت المحكمة بنشر حكمها المكون من 120 صفحة والذي يوضح السبب وراء حماية آراء ميلر بموجب قوانين مكافحة التمييز، حيث أوضح القاضي روهان بيراني بالقول: “على الرغم من أن الكثيرين قد يختلفون بشدة مع تحليل ميلر للسياسة والتاريخ، إلا أن هناك آخرين يشاركونه نفس المعتقدات أو معتقدات مماثلة، ولذلك وجدنا أنه بعد التأكد من استيفاء المعايير، بأن اعتقاده كان بمثابة اعتقاد فلسفي”.
تجدر الإشارة إلى أنه قد تم إقالة ميلر عام 2021، وذلك بعد اتهامه لإسرائيل بالرغبة في “فرض إرادتها في جميع أنحاء العالم”، وما إن تم فصله حتى بدأ إجراءات أمام محكمة العمل بداعي الفصل التعسفي وخرق العقد والتمييز على أساس الدين أو المعتقد.
“معتقدات ميلر تستحق الاحترام في مجتمع ديمقراطي، فهي لا تتعارض مع كرامة الإنسان ولا تتعارض مع الحقوق الأساسية للآخرين” – القاضي روهان بيراني
في جلسة الاستماع، دافع ميلر عن موقفه بأن معاداة الصهيونية ليست مثل معاداة السامية، وليست “مجموعة من الأفكار العنصرية”، مؤكداً بأنه من المستحيل أن تكون دولة صهيونية مثل إسرائيل غير عنصرية، كما وصف غزة بأنها “سجن في الهواء الطلق”، كما أشار ميلر إلى كون الصهيونية “مركبة بأن تؤدي إلى ممارسات الفصل العنصري والتطهير العرقي والإبادة الجماعية سعياً للسيطرة على الأراضي والتوسع”.
وصف محامي ميلر، زيل الرحمن، القضية بأنها “قضية تاريخية تمثل لحظة محورية في تاريخ بلادنا لأولئك الذين يؤمنون بدعم حقوق الفلسطينيين”، مشيراً إلى أن لدى ميلر أصلاً خبرة في موضوع الصهيونية.
علق القاضي بيراني على معتقدات الأكاديمي المناهضة للصهيونية بالقول: “كان ولا يزال مناهضاً للصهيونية، وقد لعبت آراؤه حول هذا الموضوع دوراً مهماً في حياته لسنوات عديدة”، مؤكداً أن معتقدات ميلر “تستحق الاحترام في مجتمع ديمقراطي، فهي لا تتعارض مع كرامة الإنسان ولا تتعارض مع الحقوق الأساسية للآخرين”.
وأضاف بيراني: “إن معارضة ميلر للصهيونية ليست معارضة لفكرة تقرير المصير اليهودي أو فكرة وجود دولة ذات أغلبية يهودية موجودة في العالم، بل هي معارضة للسطوة اليهودية في تقرير المصير داخل أرض تضم عدداً كبيراً من السكان غير اليهود”.
تجدر الإشارة إلى الحكم كان قد تعرض لانتقادات عند صدوره في فبراير الماضي من قبل اتحاد الطلاب اليهود، وهو هيئة تمثل الجمعيات اليهودية الجامعية والطلاب اليهود في المملكة المتحدة، حيث جاء في بيان الاتحاد: “يشكل هذا سابقة خطيرة حول ما يمكن قوله وبالقانون داخل الحرم الجامعي عن الطلاب اليهود والمجتمعات التي تشكل محور حياتهم الاجتماعية، وهذا سيجعل الطلاب اليهود أقل إحساساً بالأمان”.