قانونيون دوليون يطالبون اليويفا: علّقوا عضوية إسرائيل كما فعلتم مع روسيا

دعت مجموعة من أبرز خبراء القانون الدولي وحقوق الإنسان، يوم الخميس، الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (اليويفا) إلى فرض “حظر كامل وفوري” على فرق كرة القدم التابعة لدولة الاحتلال، التزامًا بمسؤوليته القانونية في مواجهة الإبادة الجماعية الجارية في قطاع غزة.

وجاءت الدعوة في رسالة وجّهها الخبراء إلى رئيس “اليويفا” ألكسندر تشيفرين، استندوا فيها إلى تقرير أصدرته لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة الشهر الماضي، والذي خلص إلى أن دولة الاحتلال ارتكبت وترتكب جريمة الإبادة في قطاع غزة.

كما استندت الرسالة إلى الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية في يوليو/تموز 2024، الذي أكد عدم شرعية الاحتلال وواجب الدول الأخرى في عدم الاعتراف به.

وجاء في الرسالة: “الحظر أمر ضروري استجابةً لتقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة، الذي يقدم أدلة دامغة على ارتكاب سلطات الاحتلال جرائم إبادة وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، في انتهاك صارخ لقواعد القانون الدولي الإلزامية”.

لا للتواطؤ مع “غسل الرياضة”

وأكد الخبراء أن هذه النتائج تُلزم “اليويفا” بمسؤولياته بموجب المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان، مضيفين: “يجب ألا يكون الاتحاد الأوروبي لكرة القدم متواطئًا في غسل الجرائم عبر الرياضة وتلميع انتهاكات صارخة للقانون الدولي”.

وطالبت الرسالة بحظر شامل لفرق كرة القدم الإسرائيلية، سواء المنتخبات أو الأندية أو اللاعبين، ومنعهم من المشاركة في أي منافسات أوروبية “إلى أن تتحقق المساءلة والعدالة لفلسطين ولكافة الفلسطينيين”.

وسجّلت الرسالة سلسلة من الانتهاكات الموثّقة ضد كرة القدم الفلسطينية منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، من بينها استشهاد 421 لاعبًا فلسطينيًا على الأقل على يد جيش الاحتلال، وتدمير البنية التحتية الرياضية في غزة بشكل ممنهج، بما في ذلك الملاعب ومقر الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم.

وقال الخبراء: “هذه الأفعال قضت على جيل كامل من الرياضيين، ودمّرت نسيج الرياضة الفلسطينية”، وأضافوا أن “فشل الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم في تحدي هذه الانتهاكات يجعله متواطئًا في منظومة القمع، ويجعل مشاركته في مسابقات اليويفا غير مقبولة”.

سابقة مشابهة لروسيا

وأشار الموقّعون إلى أن فرض الحظر يتماشى مع قرارات سابقة للاتحاد الأوروبي لكرة القدم، مثل تعليق مشاركة الفرق الروسية عقب غزو أوكرانيا عام 2022.

وكتبوا: “إن تعليق الاتحاد الإسرائيلي يتسق مع السوابق التي أرساها اليويفا ضد دول ارتكبت انتهاكات جسيمة مماثلة، ويضمن نزاهة الرياضة الدولية”.

كما انتقدوا خطة وقف إطلاق النار المكونة من 20 نقطة التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن غزة، معتبرين أنها لا تُلغي التزامات “اليويفا” بحظر الاتحاد الإسرائيلي.

وقال الخبراء في رسالتهم: “الخطة تُقدَّم على أنها طريق للسلام، لكنها في الواقع تقوّض القانون الدولي والسيادة الفلسطينية وحق تقرير المصير، ولا تفرض أي التزامات على دولة الاحتلال باعتبارها السلطة القائمة بالاحتلال في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، ولا تتناول العواقب القانونية للإبادة في غزة أو تلزم الاحتلال بتقديم تعويضات للفلسطينيين”.

ضغوط متصاعدة على اليويفا والفيفا

تأتي هذه الرسالة في ظل تصاعد الضغط الدولي المطالب بتعليق مشاركة فرق الاحتلال في البطولات الرياضية العالمية، لتجنّب “تطبيع الإبادة وجرائم الحرب”.

وكانت لجنة خبراء بالأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية قد طالبتا “اليويفا” و”الفيفا” مؤخراً بتعليق مشاركة دولة الاحتلال. 

وذكرت صحيفة تايمز الأسبوع الماضي أن “اليويفا” كان على وشك التصويت لصالح الحظر، وأن غالبية أعضائه التنفيذيين أبدوا تأييدهم لذلك، قبل أن يجمّد ترامب الخطوة بإعلانه خطته لغزة.

وقال أشيش برشار، مدير حملة Game Over Israel، لموقع ميدل إيست آي: “أعتقد أننا قريبون جدًا من تحقيق نصر في هذه القضية، بشكل لم يتوقعوه أبدًا”.

وأوضح أن الحملة حشدت خلال الأسبوعين الماضيين ناشطين وشخصيات عامة لتأييد مطالبها، ونصبت لوحة إعلانية في ساحة تايمز سكوير في نيويورك تحمل عبارة: “إسرائيل ترتكب إبادة جماعية، يا اتحادات كرة القدم قاطعوا إسرائيل”.

عواقب وخيمة على كرة الاحتلال

يذكر أن دولة الاحتلال انضمت إلى “اليويفا” عام 1994، لكن تعليق مشاركتها سيجعل من شبه المستحيل عليها أن تتأهل لكأس العالم 2026 في أميركا الشمالية، لأنها لن تتمكن من خوض التصفيات الأوروبية.

كما سيؤدي الحظر إلى منع أنديتها ومنتخباتها من المشاركة في جميع البطولات الأوروبية، بما في ذلك دوري أبطال أوروبا، والدوري الأوروبي، ودوري المؤتمر الأوروبي، إضافة إلى بطولة أمم أوروبا.

ومن شأن مثل ذلك الحظر أن يحرم دولة الاحتلال من عائدات البث التلفزيوني والرعايات والجوائز المالية المرتبطة بمسابقات “اليويفا”، فضلًا عن منع الحكام والمسؤولين الإسرائيليين من المشاركة في أي أحداث كروية أوروبية، ما سيُبقيها معزولة عن مجتمع كرة القدم الأوروبي.

الجدير بالذكر أن شخصيات قانونية بارزة وقعت الرسالة، التي لم يصدر إلى الآن تعليق رسمي من “اليويفا” عليها، من بينهم الخبير في قضايا الإبادة ويليام شاباس، والمقرر الخاص السابق للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة جون دوغارد، إضافة إلى ريتشارد فولك ومايكل لينك، والمستشار القانوني السابق غاي جودوين-غيل من جامعة أوكسفورد، إلى جانب خبراء آخرين من جامعات مرموقة ومنظمات حقوقية.

مقالات ذات صلة