قانونيون يؤكدون أن الهجمات الإسرائيلية على إيران ترقى إلى مستوى جريمة العدوان

وفقاً لخبراء في القانون الدولي، فإن الهجمات الإسرائيلية على إيران والتي استهدفت “عشرات” المواقع وشملت منشآت نووية وقادة عسكريين وعلماء، تعد عدواناً غير قانوني.

وفي خطاب متلفز مسجل، اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد اتهم الحكومة الإيرانية بالبدء في بناء رؤوس حربية نووية، معلناً بأن الهجوم يهدف إلى “دحر التهديد الإيراني للحفاظ على وجود إسرائيل”، مع الإشارة إلى أن الأمر سيستغرق “عدة أيام”.

وأضاف نتنياهو في خطابه: “لقد ضربنا قلب برنامج التخصيب النووي الإيراني، حيث استهدفنا منشأة التخصيب الرئيسية الإيرانية في نطنز واستهدفنا كبار العلماء النوويين الإيرانيين الذين يعملون على تطوير القنبلة الإيرانية كما ضربنا قلب برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني”.

تحظر المادة 2 (4) من ميثاق الأمم المتحدة “التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة”

ويستند نتنياهو في قراره على حجة “الدفاع الوقائي عن النفس” لتبرير استخدام القوة ضد دولة أخرى لمنع هجوم متوقع في المستقبل، إلا أن مثل هذه الحجة لا تتفق مع القواعد التي تحكم استخدام القوة بموجب القانون الدولي، ولا يتوافق حتى مع المبررات المحدودة المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة وحظر جريمة العدوان لاستخدام القوة، فالقانون يبرر استخدام القوة فقط إذا كان الهدف منه صد هجوم وشيك أو هجوم جارٍ.

وفي حالة الهجوم الإسرائيلي على إيران، فقد أوضح عالم القانون الدولي ماركو ميلانوفيتش في مقال لموقع “إيجيل توك”، بأن الأهداف المعلنة لإسرائيل هذه المرة تتعلق بمنع وقوع هجوم نووي مستقبلي من قبل إيران، وبالتالي لا يعد ذلك رداً على هجوم بدأ أو وشيك، كما لم تحصل إيران بعد على أي سلاح نووي، ولذلك، لم يكن هناك أي تهديد بوقوع هجوم وشيك يبرر الدفاع الوقائي عن النفس!

وفي إطار توضيحه، أشار ميلانوفيتش إلى أن هناك ثلاثة مواقف فيما يتعلق بحق الدفاع عن النفس بموجب القانون الدولي، أولها إمكانية استخدام الدفاع الوقائي عن النفس لدرء التهديدات المستقبلية المتوقعة، وخاصة تلك التي يُنظر إليها على أنها تهديدات وجودية، وثانيها استخدام القوة بهدف استباق الهجمات المستقبلية الوشيكة، وثالثها إمكانية اللجوء إلى استخدام القوة فقط عندما تكون الهجمات قد حدثت بالفعل.  

بحسب ميلانوفيتش، فإن استخدام القوة لمنع هجوم مستقبلي، كما استخدمته إسرائيل في عمليتها الأخيرة على إيران، يعتبر “غير مقبول من الناحية القانونية” من قبل غالبية المحامين الدوليين، فكتب: “إن استخدام إسرائيل للقوة ضد إيران، في ضوء الحقائق التي نعرفها، يكاد يكون من المؤكد أنه غير قانوني”. 

“ليست دفاعاً عن النفس مطلقاً”

تحظر المادة 2 (4) من ميثاق الأمم المتحدة “التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة”، ويعد المبرر الوحيد لاستخدام القوة كما تنص المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة هو الرد على هجوم حاصل بالفعل.

“إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تذرعت بحجة حق الدفاع الوقائي عن النفس” – البروفيسور كيفن جون هيلر- جامعة كوبنهاغن 

وقد أوضح ميلانوفيتش في مقاله: “ما لم تكن إسرائيل قادرة على تقديم أدلة أكثر إقناعاً بكثير مما هو متاح علناً ​​حالياً، فلا يمكن الاستناد إلى فكرة أن إيران على وشك مهاجمة إسرائيل، أو أن استخدام القوة كان الخيار الوحيد لوقف هذا الهجوم”. 

وأضاف: “لذا، فإن إسرائيل تستخدم القوة ضد إيران بشكل غير قانوني، في انتهاك للمادة 2 (4) من الميثاق، وبذلك ترتكب جريمة العدوان”.

وتعد جريمة العدوان إحدى الجرائم الدولية الأساسية الأربع بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، إلى جانب الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، وتعرف بالتخطيط أو الإعداد أو تنفيذ عمل عدواني أو استخدام القوة في انتهاك لميثاق الأمم المتحدة من قبل شخص في منصب قيادي، مثل رئيس دولة أو قائد عسكري كبير.

شارك خبراء آخرون ميلانوفيتش الرأي أيضاً في اعتبار أن إسرائيل قد قامت بالفعل بارتكاب جريمة العدوان، حيث كتب البروفيسور كيفن جون هيلر من جامعة كوبنهاغن على موقع اكس: “الهجوم الإسرائيلي غير قانوني وإجرامي في نفس الوقت، فهجوم إسرائيل على إيران انتهاك واضح لميثاق الأمم المتحدة”.

علاوة على ذلك، فقد وصف الخبير القانوني من الجامعة المفتوحة في هولندا، سيرجي فاسيلييف، الهجوم بأنه يندرج تحت جريمة العدوان، فكتب على موقع اكس: “هذه العملية هي استخدام غير قانوني للقوة، فإيران لم تمثل أي تهديد وشيك لإسرائيل يبرر مثل هذا الهجوم وهذا عمل عدواني”.

من جانبه، أشار ميلانوفيتش إلى أن تبرير نتنياهو للهجوم يشبه الحجج التي قدمتها روسيا لتبرير غزوها لأوكرانيا، أو تلك التي استخدمتها الولايات المتحدة لتبرير استخدام القوة ضد العراق، فكتب: “المشكلة في هذا النهج هو أنه بلا حدود فقد يلغي الحظر المفروض على استخدام القوة، حيث يمكن لدولة أن تتصرف كما تريد بمجرد أن تشعر بوجود تهديد وجودي، باختصار، هذا الشكل “الوقائي” للدفاع عن النفس ليس دفاعاً عن النفس مطلقاً”.

ويرى جون هيلر أن “إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تذرعت بحجة حق الدفاع الوقائي عن النفس”.

مقالات ذات صلة