بقلم عاصم الجرجاوي
ترجمة وتحرير مريم الحمد
على مدى 11 شهراً من الحرب على غزة، قتل الجيش الإسرائيلي العشرات من العلماء والأكاديميين والفنانين الفلسطينيين إلى جانب عائلاتهم، حيث تم استهداف العديد منهم في هجمات جوية دون سابق إنذار في كثير من الأحيان وسحق البعض حتى الموت تحت الأنقاض.
أدت الغارات الإسرائيلية المتواصلة إلى مقتل مئات المعلمين والآلاف من الطلاب أيضاً، في حين دمرت البنية التحتية الجامعية في غزة.
ليس هذا العنف جديداً، فإن للجيش الإسرائيلي تاريخ طويل ودموي في استهداف الحياة الثقافية الفلسطينية، وهنا أستذكر استشهاد أحد رواد الأدب الفلسطيني، غسان كنفاني، الذي قُتل قبل أكثر من نصف قرن بتفجير سيارة مفخخة زرعها الموساد في بيروت، مع مرور ذكرى اغتياله في أغسطس.
يعد قتل الجيش الإسرائيلي للعلماء والمثقفين والفنانين الفلسطينيين جزءاً من محاولة منظمة لتدمير الحياة الثقافية الفلسطينية، لأن مثل هذه الأصوات ضرورية لتعليم الجيل القادم من الفلسطينيين، وخسارتهم لا يمكن إحصاؤها!
كان كنفاني كاتباً غزير الإنتاج وقد ساهمت أعماله في إلقاء ضوء عالمي على القضية الفلسطينية، وفي هذا تقول الراحلة الكاتبة رضوى عاشور: “علمنا كنفاني أن الأدب يمكن أن يكون سلاحاً ضد الظلم، وأن الكلمات لديها القدرة على إحداث التغيير، تماماً مثل الرصاص”.
لقد أدى العنف المميت الذي ارتكبته إسرائيل في غزة إلى مقتل رفعت العرعير، وهو شخصية ثقافية فلسطينية مهمة أخرى قُتل في غارة جوية على غزة في ديسمبر، حيث كانت وفاته حادثة أثرت بي على الصعيد الشخصي، فقد كان أستاذي، وجاء خبر وفاته بمثابة صدمة مؤلمة.
“لقد كانت دائماً فلسطين”
لقد ساعد العرعير، أستاذ الأدب في الجامعة الإسلامية بغزة، في إنشاء برامج لدعم الناشطين الشباب والكتاب في القطاع، وقد تم استهدافه من قبل الأصوات المؤيدة لإسرائيل على وسائل التواصل الاجتماعي بسبب رفضه الصريح لقبول الفظائع الإسرائيلية.
لقد لعب العرعير دوراً مهماً في رحلتي الأكاديمية، فبعد التحاقي بصف الكتابة الإبداعية قبل عامين من الحرب، كان لي شرف تعلم الشعر والأدب على يد أستاذ حقيقي، حيث علمني الكثير عن كتابة القصص والمقالات ومقالات الرأي، وشجعني على مشاركة صوتي مع العالم.
“لقد كانت دائماً فلسطين”، هي العبارة التي نشرها العرعير على موقع إنستغرام قبل أسابيع قليلة من قتله، فقد كان من أشد المدافعين عن الفلسطينيين الذين ناضلوا من أجل حقهم في مقاومة الاحتلال، وفضح الجرائم الإسرائيلية في وسائل الإعلام العالمية باللغة الإنجليزية.
تتذكره إحدى طالباته، أسماء أبو مطر، في مقال لها على موقع “الانتفاضة الإلكترونية”: “الدكتور رفعت قُتل لأن صوته وكلماته وشجاعته وصل إلى العالم، وفتح أعين الناس على الحقيقة، وحتى في غيابه، فإن أصداء ما علمه للآخرين وصدى روحه لا تزال تلهم جيلاً لحمل الشعلة التي أضاءها”.
في ديسمبر الماضي أيضاً، أودت القنابل الإسرائيلية بحياة عالم الفيزياء، سفيان تايه، وأفراد عائلته في منطقة الفلوجة شمال غزة، وقد كان أحد كبار الباحثين في العالم وحاز على العديد من الجوائز، وكان مستهدفاً لاعتقاله سابقاً من قبل القوات الإسرائيلية.
ويعد الفنان محمد قراقع ضحية أخرى من ضحايا العدوان الإسرائيلي المستمر، فهو فنان فلسطيني معروف بتصوير معاناة الشعب الفلسطيني وواقع الحياة تحت الحصار والهجوم في غزة، وقد أمضى أيامه الأخيرة في محاولة مساعدة الأطفال المتضررين من الحرب المستمرة في المستشفى الأهلي بغزة.
من بين الضحايا أيضاً، الطبيب عدنان أحمد البرش والفيزيائية ختام الواصف والكاتب المؤسس في مجموعة “لسنا أرقاماً” يوسف دواس.
ويعد قتل الجيش الإسرائيلي للعلماء والمثقفين والفنانين الفلسطينيين جزءاً من محاولة منظمة لتدمير الحياة الثقافية الفلسطينية، لأن مثل هذه الأصوات ضرورية لتعليم الجيل القادم من الفلسطينيين، وخسارتهم لا يمكن إحصاؤها!
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)