قرار محكمة العدل الدولية الأخير أزاح الضباب الذي يختبئ وراءه الدعم الغربي لإسرائيل المارقة!

بقلم جوناثان كوك

ترجمة وتحرير مريم الحمد

إسرائيل دولة مارقة وذلك بحسب قرارا أعلى محكمة في العالم، فالحكم الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في 19 يوليو بأن الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين غير قانوني هو قرار مزلزل حقاً، ولذلك سوف يتم  تجاهل الحكم بشكل متعمد من قبل الدول الغربية ووسائل إعلامها التي ظلت لعقود توفر غطاء لإسرائيل.

لا يحتاج المشككون في أنه مزلزل إلا إلى مشاهدة الاستقبال الذي تلقاه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال زيارته للولايات المتحدة، فرغم ملاحقته حالياً بتهمة ارتكاب جرائم حرب من قبل المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، إلا أن الكونغرس الأمريكي استقبله استقبال الأبطال في خطابه الأخير.

سوف تكون للحكم عواقب وخيمة على إسرائيل ورعاتها الغربيين، حتى لو استغرق ذلك شهوراً أو سنوات أو حتى عقوداً

لقد كانت المصافحات والتصفيق الحار في قاعة الكونغرس بمثابة تذكير على أن نتنياهو قد حصل بالفعل على الدعم الكامل من قبل القوى الغربية طوال المذبحة المستمرة في غزة!

لقد أكد هذا الترحيب بنتنياهو على أن العواصم الغربية تؤيد بالكامل قيام إسرائيل بتسوية قطاع غزة بالأرض وتجويع سكانه، كما أنه شكل صفعة قوية على وجه أولئك الملتزمين بالقانون الدولي بأن إسرائيل لا يمكن المساس بها!

تزامناً مع الخطاب، سوف يستمر الساسة وكتاب الأعمدة الغربيون في التأكيد على أن المحكمة الدولية لا تقدم أكثر من مجرد “رأي استشاري وغير ملزم”، فقد نسوا على ما يبدو أن هذا الرأي هو وجهة نظر جماعية لأبرز قضاة العالم في مجال القانون الدولي، وأنه غير ملزم فقط لأن القوى الغربية التي تسيطر على هيئاتنا الدولية تخطط لعدم القيام بأي شيء لتنفيذ قرار لا يناسبها!

رغم ذلك، سوف تكون للحكم عواقب وخيمة على إسرائيل ورعاتها الغربيين، حتى لو استغرق ذلك شهوراً أو سنوات أو حتى عقوداً.

تحذير “سري للغاية”

تجدر الإشارة إلى أن الحكم الذي صدر مؤخراً منفصل عن القضية التي قبلتها محكمة العدل الدولية في يناير والتي رفعت ضد إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية في غزة. 

لقد جاء هذا الحكم استجابة لطلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر عام 2022، للحصول على استشارة حول شرعية الاحتلال الإسرائيلي المستمر منذ 57 عاماً في الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية. 

قد يقلل أولئك الذين ليسوا على دراية بالقانون الدولي من أهمية الحكم الذي أصدرته المحكمة الدولية في 19 يوليو قبل أيام، على اعتبار أن عدم قانونية الاحتلال أمر ليس بجديد، ولكن هذه ليست الطريقة التي يعمل بها القانون الدولي.

تقول الحكومة الإسرائيلية أن المستوطنات موجودة من أجل “تهويد” الأراضي الفلسطينية، أما الآخرون فيرون أن الهدف منها هو التطهير العرقي للسكان الفلسطينيين، وذلك ما يقودنا إلى انتهاك إسرائيل الثاني لقوانين الاحتلال، فمن خلال نقل مئات الآلاف من المستوطنين إلى الأراضي المحتلة، تكون إسرائيل عملياً قد عرقلت أي فرصة لنشوء دولة فلسطينية!

وفقاً للقانون الدولي، يُسمح بالاحتلال الحربي طالما أنه يلبي شرطين، فأولاً، يجب أن يكون الاحتلال عسكرياً فقط ومصمماً لحماية أمن دولة الاحتلال وحماية حقوق الشعب المحتل، وثانياً، يجب أن يكون إجراءً مؤقتاً مع إجراء المفاوضات لاستعادة الحكم المدني والسماح للشعب المحتل بتقرير مصيره. 

يبقى المثير للدهشة أن يستغرق الأمر أكثر من 57 عاماً قبل أن تتوصل أعلى محكمة في العالم إلى نتيجة كان ينبغي لها أن تنظر إليها في وقتها،  فقد تم تقويض الطبيعة العسكرية للاحتلال منذ اللحظة التي احتلت فيها إسرائيل الأراضي الفلسطينية في يونيو عام 1967، وفي غضون أشهر، اختارت إسرائيل نقل المدنيين اليهود إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة!

كانت تعرف إسرائيل أن هذا يعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، فقد حذرها من ذلك مستشار وزارة الخارجية الإسرائيلية القانوني آنذاك، تيودور ميرون، في مذكرة “سرية للغاية” كشف عنها الصحفي الإسرائيلي، غيرشوم جورنبرج، قبل حوالي عقدين من الزمن، وهو ما أشار إليه رئيس المحكمة الدولية الحالي نواف سلام.

لقد حذر ميرون في مذكرته، التي تعود إلى سبتمبر عام 1967، من أن أي قرار بإنشاء مستوطنات مدنية في الأراضي الفلسطينية المحتلة “يتعارض مع أحكام صريحة في اتفاقية جنيف الرابعة”مضيفاً أن هذه الأحكام “تهدف إلى منع الاستعمار”، ولكن بعد 9 أيام فقط، انتقدت الحكومة الإسرائيلية مذكرة ميرون وبدأت في إنشاء أول مستوطنة في كفار عتصيون.

عملية السلام الزائفة!

اليوم، تنتشر مئات المستوطنات غير القانونية، على أكثر من نصف مساحة الضفة الغربية وقسم كبير من القدس الشرقية، حتى أن العديد منها يرقى إلى كونه تجمعاً لميليشيا مسلحة، فبدلاً من حماية حقوق الفلسطينيين تحت الاحتلال، كما يقتضي القانون الدولي، يساعد الجيش الإسرائيلي المستوطنين اليهود على ترويع الفلسطينيين، والهدف بالطبع هو طردهم من أراضيهم. 

تقول الحكومة الإسرائيلية أن المستوطنات موجودة من أجل “تهويد” الأراضي الفلسطينية، أما الآخرون فيرون أن الهدف منها هو التطهير العرقي للسكان الفلسطينيين، وذلك ما يقودنا إلى انتهاك إسرائيل الثاني لقوانين الاحتلال، فمن خلال نقل مئات الآلاف من المستوطنين إلى الأراضي المحتلة، تكون إسرائيل عملياً قد عرقلت أي فرصة لنشوء دولة فلسطينية!

لم تكن المستوطنات مخيمات مؤقتة يوماً، بل تطوربعضها إلى مدن صغيرة مع مراكز تسوق وحدائق ومسابح ومعابد ومصانع ومكتبات ومدارس وكليات، فلم يكن هناك شيء “مؤقت”، حيث كانت إسرائيل تخطط لضم الأراضي الفلسطينية بشكل تدريجي تحت غطاء الاحتلال الذي تواطأت به واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون.

لقد كانت عملية أوسلو برمتها عبارة عن عملية تبادل وطعماً للفلسطينيين، أو كما أسماها وحذر منها الكاتب إدوارد سعيد آنذاك بأنها “فرساي الفلسطيني”، فلم تكن إسرائيل جادة يوماً بشأن السماح للفلسطينيين بإقامة دولة، وهي الحقيقة التي اعترف بها رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، إسحاق رابين، قبل وقت قصير من مقتله على يد مستوطن يميني متطرف في عام 1995.

لقد كانت عملية السلام الزائفة في أوسلو تهدف إلى كسب المزيد من الوقت لإسرائيل لتوسيع المستوطنات مع إلزام الفلسطينيين أيضاً بالتزامات تعاقدية لا نهاية لها.

في رده الغاضب على قرار المحكمة، كشف نتنياهو عن اللعبة حين قال: “الشعب اليهودي ليس محتلاً في أرضه التي تشمل عاصمتنا الأبدية القدس ولا في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، وطننا التاريخي”، وهي نظرة مشتركة بين جميع الأحزاب اليهودية في البرلمان الإسرائيلي.

حكم الفصل العنصري

من هنا تنبع أهمية حكم المحكمة الدولية، وذلك لأنه ينسف تغطية الدول الغربية لإسرائيل بشكل قاطع، فقد أشار القضاة في القرار إلى أن احتلال إسرائيل الدائم للمناطق ونقل المستوطنين اليهود إليها، قد استلزم تطوير نظامين منفصلين ومتميزين من القوانين، أحدهما للمستوطنين اليهود، ويكرّس لهم الحقوق التي يتمتع بها الإسرائيليون، فيما يتعين على الفلسطينيين أن يخضعوا لأهواء نظام عسكري أجنبي عدائي. 

الحكم يزيل منطق اللغة التي تستخدمها القوى الغربية، فالواقع الذي قلبه الغرب رأساً على عقب لعقود من الزمن، أعادته المحكمة الدولية إلى الواجهة، فالاحتلال بحد ذاته وليس المستوطنات فقط هي أمر غير قانوني

هناك كلمة واحدة معروفة لوصف ذلك وهي الفصل العنصري، حيث نشأ بالفعل إجماع خلال العقد الماضي في مجتمع حقوق الإنسان في العالم، من منظمة العفو الدولية إلى هيومن رايتس ووتش، على أن إسرائيل دولة فصل عنصري، والآن تعلن أعلى هيئة قضائية في العالم موافقتها على ذلك.

يعد الفصل العنصري جريمة ضد الإنسانية، وهذا يعني أن المسؤولين الإسرائيليين هم مجرمو حرب، بغض النظر عن الجرائم التي يرتكبونها حاليا في غزة، ولهذا السبب تحدثت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن حالة من الذعر داخل الحكومة الإسرائيلية بسبب حكم محكمة العدل الدولية. 

يخشى المسؤولون الإسرائيليون من أن قرار المحكمة الدولية هذا قد يكون سبباً في إجبار شقيقتها، المحكمة الجنائية الدولية، على إصدار أوامر اعتقال ضد نتنياهو ووزير دفاعه، يوآف غالانت، كما طلب المدعي العام، ومن المرجح أيضاً أن يؤدي ذلك إلى زيادة تصميم المحكمة الجنائية الدولية على محاكمة المزيد من المسؤولين الإسرائيليين على جرائم مرتبطة ببرنامج الاستيطان الإسرائيلي.

أعمال عدوانية

لقد خلصت محكمة العدل الدولية إلى أن حكم الفصل العنصري الذي تمارسه إسرائيل على الفلسطينيين، فضلاً عن سياسات التطهير العرقي التي تنفذها ميليشيات المستوطنين التابعة لها، هي أعمال عدوانية، ولذلك فإن تصوير الغرب لـ “الصراع” بين إسرائيل والفلسطينيين مشوه عمداً.

إضافة إلى ذلك، فإن تصوير الهيجان الإسرائيلي في غزة على أنه “حرب ضد حماس” كذبة، فقرار المحكمة الدولية قد سخر فعلياً من ادعاء إسرائيل وحلفائها الغربيين بأن احتلال غزة قد انتهى عندما سحبت إسرائيل جنودها إلى السياج الحدودي وبعد ذلك بوقت قصير فرضت حصاراً على القطاع برا وبحراً وجواً!

إن إسرائيل هي التي تهاجم الفلسطينيين من خلال احتلالها غير القانوني وفصلها العنصري وحصارها لغزة وضمها التدريجي للأراضي التي ينبغي أن تشكل دولة فلسطينية!

أما العنف الفلسطيني فهو رد فعل ليس إلا، والفلسطينيون هم الذين ينتقمون وهم الذين يقاومون وذلك بحسب ما يمكن فهمه من حكم المحكمة!

هناك عواقب أخرى لحكم محكمة العدل الدولية، وعلينا أن نفهم أنه لا يوجد تفاوض مع الحكم العنصري، فلم يقترح أحد أن يكون هناك تفاهم في منتصف الطريق مع نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، بل يجب القضاء على الأسس العنصرية لمثل هذه الدولة، ولذلك فإن قرار المحكمة يستلزم ليس فقط سحب قوات الاحتلال من الأراضي الفلسطينية ووقف توسعها الاستيطاني، بل وتفكيك المستوطنات برمتها.

يطالب القضاة في قرارهم أيضاً بـ “تعويضات” للفلسطينيين عن الضرر الهائل الذي لحق بهم نتيجة عقود من الاحتلال والفصل العنصري،  ويتضمن ذلك السماح للفلسطينيين الذين تعرضوا للتطهير العرقي منذ عام 1967 بالحق في العودة إلى أراضيهم، وإلزام إسرائيل بدفع تعويضات مالية عن سرقة الموارد الرئيسية على مدى عقود من الزمن.

التواطؤ في جرائم الحرب

إذا كان القادة الإسرائيليون مجرمي حرب، فإن دعمهم يجعل الدول الغربية التي تدعمهم منذ عقود متواطئة في جرائم إسرائيل ضد الإنسانية، وهذا يندرج على مبيعات الأسلحة المستمرة والغطاء الدبلوماسي والوضع التجاري التفضيلي الذي تمنحه تلك الدول لإسرائيل، فكلها بمثابة تواطؤ في جريمة الاحتلال والفصل العنصري.

للمفارقة، فالقرار يعني أيضاً أن على الدول الغربية، التي تضايق وتسجن أولئك الذين يسعون إلى معاقبة إسرائيل على جرائمها من أنصار حركة المقاطعة، عليها الآن التزام قانوني ضمني بالانضمام إلى الحركة بشكل ما بنفسها من خلال فرض عقوبات على إسرائيل لكونها دولة مارقة!

على سبيل المثال، حاولت حكومة حزب العمال الجديدة في بريطانيا تحويل الانتباه بعيداً عن الحكم والتصريح بطريقة شكلية سريعاً، حيث ردت ببيان جاء فيه أن “المملكة المتحدة تعارض بشدة توسيع المستوطنات غير القانونية وارتفاع عنف المستوطنين”، ولكن، كما أشار السفير البريطاني السابق كريج موراي، لم يكن هذا ما قررته محكمة العدل الدولية: “ليس توسيع المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية وإنما وجودها من الأساس”.

من جانبها، حذرت الولايات المتحدة الدول الأخرى من اتخاذ “إجراءات أحادية” ضد إسرائيل، رغم حكم محكمة العدل الدولية، حيث تزعم واشنطن أن مثل هذه التصرفات “ستعمل على تعميق الانقسامات”، وهو انقسام محمود نحتاج إليه بين من يؤيدون القانون الدولي ومن ينتهكونه مثل إسرائيل وواشنطن!

من المهم اليوم استمرار الناشطين والجماعات القانونية وجماعات حقوق الإنسان في عرقلة الحكومتين البريطانية والأمريكية لتقعان في نيران محكمة العدل الدولية، فالتداعيات لا تنطبق فقط على إسرائيل، فمع إحالة القضية إلى محكمة العدل الدولية، طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة من المحكمة تقديم المشورة حول كيفية استجابة الدول الأعضاء البالغ عددهم 192 دولة لنتائجها.

انقشاع الضباب

عندما طُلب من قضاة المحكمة تقديم رأي استشاري في عام 2004 بأن إسرائيل، تحت غطاء المزاعم الأمنية، تقوم بشكل غير قانوني بضم مساحات من الأراضي من خلال بناء “جدار فصل” بلغ طوله 800 كيلومتر، لم تقم إسرائيل بتفكيك الجدار، لكنها رداً على ذلك قامت بإعادة توجيه أجزاء منه وتخلت عن البناء في مناطق أخرى.

لقد تم تجاهل هذا الحكم السابق الذي أصدرته المحكمة الدولية من قبل كل من إسرائيل ورعاتها الغربيين لسنوات، ولكن من الجدير بالذكر أن حكم محكمة العدل الدولية الذي صدر آنذاك كان أضيق بكثير من القرار الحالي، حيث اقتصر على سياسة إسرائيلية محددة بدلاً من معالجة الحكم الإسرائيلي الكامل على الفلسطينيين، كما لم يطعن في الطابع السياسي لإسرائيل ولم يصفها بأنها دولة فصل عنصري.

المحكمة الدولية هذه المرة قد قدمت للفلسطينيين وبقية البشرية خدمة عندما كشفت إسرائيل عن حقيقتها كدولة إجرامية مارقة!

علاوة على ذلك، لم يكن المسؤولون الإسرائيليون وقتها في خطر من وضعهم في قفص الاتهام من قِبَل المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب، كما هي الحال الآن. 

إن قرار المحكمة الدولية يضيق الخناق القانوني حول عنق إسرائيل، ويجعل من الصعب على المحكمة الجنائية الدولية أن تستمر في المماطلة في إصدار مذكرات اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين، مما يضع الشركات المتعددة الجنسيات والبنوك وصناديق التقاعد في موقف قانوني أكثر صعوبة إذا استمرت في تجاهل تواطؤها مع الإجرام الإسرائيلي، وقد تأتي لحظة يجدون أنهم يدفعون فيها الثمن مع عملائهم أيضاً.

يمكن أن تكون شركة أديداس واحدة من أول الضحايا بعد أن رضخت للضغوط الإسرائيلية مؤخراً وأزالت عارضة الأزياء الفلسطينية الأمريكية بيلا حديد من وجود الحملة الإعلانية للشركة وذلك في نفس اليوم الذي أعلنت فيه المحكمة الدولية حكمها.

سوف تكون هناك أيضاً تداعيات على المحاكم المحلية في الغرب، وسوف يكون من الصعب على القضاة  تجاهل رأي المحكمة الدولية عندما تسعى حكوماتهم إلى معاقبة نشطاء التضامن مع الفلسطينيين، والذين يفعلون ما ينبغي أن تفعله الحكومات الغربية بنفسها، وفقاً لقرار محكمة العدل الدولية!

الأهم من ذلك كله هو أن هذا الحكم قد أزال الضباب بالفعل عن الغرب المخادع المتعمد حول شرعية ما تفعله إسرائيل، فالحكم يزيل منطق اللغة التي تستخدمها القوى الغربية، فالواقع الذي قلبه الغرب رأساً على عقب لعقود من الزمن، أعادته المحكمة الدولية إلى الواجهة، فالاحتلال بحد ذاته وليس المستوطنات فقط هي أمر غير قانوني.

تُعرّف إسرائيل قانونياً بأنها دولة فصل عنصري، كما كانت جنوب أفريقيا قبلها، وهي منخرطة في مشروع الضم والتطهير العرقي، وبهذه الحالة، فالفلسطينيون هم الضحايا وليس إسرائيل، وهم من يحتاج الحماية وليس إسرائيل، وهم من يستحقون المساعدة المالية على شكل تعويضات، وليس إسرائيل.

من هذا المنطلق، فإن سياسة صنع السلام التي يتظاهر بها الغرب قد انكشف زيفها، ولن يؤدي الاستمرار في هذا النوع من الازدواجية إلا إلى تسليط الضوء على سوء نوايا أولئك المنخرطين في مساعدة إسرائيل على مواصلة عزلها للفلسطينيين وسلب ممتلكاتهم والتطهير العرقي لهم.

تعد الكلمات أول الطريق لفهم الواقع، وهذا ما فعلته المحكمة بحكمها، فقد انقشع الضباب، وما من شك في أن  الغرب سوف يبذل قصارى جهده مرة أخرى للتستر على جرائم إسرائيل، لكن المحكمة الدولية هذه المرة قد قدمت للفلسطينيين وبقية البشرية خدمة عندما كشفت إسرائيل عن حقيقتها كدولة إجرامية مارقة!

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة