نددت سفارة قطر في واشنطن بتصريحات النائب الديمقراطي البارز ستيني هوير الذي هدد بـ “إعادة تقييم” العلاقة الأمريكية مع الدوحة بسبب عدم قدرة حماس وإسرائيل على التوصل إلى اتفاق لإطلاق الرهائن الإسرائيليين لدى المحتجزين في قطاع غزة.
وقالت السفارة القطرية في بيان لها “نحن نشاطر هوير الإحباط من عدم توصل حماس وإسرائيل إلى اتفاق بشأن إطلاق سراح الرهائن المتبقين”.
لكن البيان أضاف: ” إلقاء اللوم على الوسيط وتهديده ليس أمراً بناءً خاصة عندما يكون المستهدف من اللوم صديقاً وحليفاً رئيسياً من خارج حلف شمال الأطلسي يستضيف حالياً 10 آلاف جندي أمريكي وهو أكبر وجود عسكري أمريكي في الشرق الأوسط”.
وجاء توبيخ قطر لهوير بعد أن أصدر عضو الكونجرس الديمقراطي بياناً يوم الاثنين قال فيه أن حماس ردت على عرض الهدنة الأخير الذي قدمته إسرائيل “بمطالب سخيفة ومتطلبات غير مجدية”.
وأردف بالقول إن حماس “سعت إلى استخدام وسيطها قطر” لانتزاع تنازلات أكبر من إسرائيل، مضيفاً أن قطر تمول وتدعم وتؤوي الحركة التي تصنفها الولايات المتحدة منظمة إرهابية.
وأثارت هذه المزاعم غضب الإمارة الخليجية الصغيرة الغنية بالطاقة والتي اضطرت منذ فترة طويلة إلى درء الانتقادات التي اواجهها في الغرب.
فعلى مدار سنوات عديدة، واجهت الدوحة اتهامات بإقامة علاقات حميمة للغاية مع جماعة الإخوان المسلمين، كما تعرضت قناتها الإعلامية المملوكة للدولة، الجزيرة، للهجوم من قِبَل أنصار إسرائيل بسبب تغطيتها للقضية الفلسطينية.
وعندما اتهم السيناتور الجمهوري تيد بود قطر في تشرين الثاني/نوفمبر باتباع “سياسة مؤيدة لحماس” أخذ سفير قطر لدى الولايات المتحدة، مشعل بن حمد آل ثاني، زمام المبادرة وكتب مقال رأي في صحيفة وول ستريت جورنال، أشار فيه إلى أن بلاده لا تؤيد حماس.
وكان كريستيان كوتس أولريشسن، الخبير في شؤون الخليج في معهد بيكر، قد قال في وقت سابق، إن “انتقادات المشرعين وبعض المسؤولين الأمريكيين اعتبرت من قبل القطريين سيئة النية، خاصة في الوقت الذي يتفاوضون فيه نيابة عن الولايات المتحدة”.
وكانت حماس تتخذ من العاصمة السورية دمشق، مقراً لها حتى عام 2012، عندما غادرت بسبب الخلاف مع الحكومة السورية على خلفية الحرب الأهلية في البلاد.
ويؤكد مسؤولون قطريون أن قطر وافقت على استضافة قيادة حماس بناء على طلب الولايات المتحدة للحفاظ على خط اتصال غير مباشر مع الحركة.
وقبل 7 تشرين الأول/أكتوبر قامت قطر أيضاً بالتنسيق المباشر مع الولايات المتحدة وإسرائيل لتمويل إمداد غزة بالكهرباء وتمويل مشاريع إعادة الإعمار، ودفع رواتب الموظفين في القطاعات المدنية.
وكانت حوالات هذه المشاريع تتم بموافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، نظراً لما يرى بعض المحللين فيها من فوائد لإسرائيل في إبقاء الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة المحاصر مقسمين بين حماس الإسلامية وفتح العلمانية، الحزب الرئيسي في السلطة الفلسطينية.
ورغم أن قطر تمثل مكاناً لإقامة بعض مسؤولي حماس، إلا أن الدوحة تحتفظ أيضاً بعلاقات غير مباشرة مع إسرائيل، كما تعد محوراً أساسياً في النظام الأمني الأمريكي في المنطقة.
وأفاد موقع “ميدل إيست آي” يوم الاثنين أن قاعدة العديد الجوية في قطر كانت واحدةً المواقع التي انطلقت منها الطائرات المقاتلة الأمريكية لإسقاط الصواريخ والطائرات المسيرة التي أطلقتها إيران على إسرائيل.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر، تمكنت قطر، إلى جانب مصر، من الاستفادة من علاقاتها مع الولايات المتحدة وإسرائيل وحماس لإبرام هدنة مؤقتة واتفاق بشأن بعض الرهائن في غزة.
وعلى مدى الأشهر الخمسة الماضية، تعثرت الجهود المبذولة لإبرام صفقة رهائن جديدة، مما أحبط مساعي إدارة بايدن للحد من التوترات وتحويل التركيز إلى خطط ما بعد الحرب لحكم غزة.
وقال هوير أنه يجب على الولايات المتحدة “إعادة تقييم علاقتها” مع شريكها الخليجي إذا لم تمارس قطر ضغوطاً على حماس لإبرام صفقة رهائن.
واقترح هوير من بين الضغوط أن تقوم الدوحة بطرد القائد السياسي لحماس إسماعيل هنية.
وقال بيان سفارة قطر أن “أحداً من الأطراف المتحاربة لا يفعل أي شيء لصالح قطر”، في إشارة إلى حماس وإسرائيل، وأضافت “لكن من المفيد أن نتذكر أن دور الوساطة القطرية موجود فقط لأن الولايات المتحدة طلبت منا في 2012 أن نلعب هذا الدور”.
وأضاف البيان أنه “من المؤسف أن إسرائيل وحماس ترفضان التحدث مع بعضهما البعض بشكل مباشر”.
ويقول محللون ودبلوماسيون أن التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة سيكون بمثابة نصر كبير لقطر، مما يساعدها على تحقيق طموحاتها في أن تكون مركزاً لحل النزاعات في الشرق الأوسط بعد أن برز دورها كوسيط في أفغانستان وكموّرد للغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا عقب الغزو الروسي لأوكرانيا.
يذكر أن كيرستن فونتنروز، الرئيسة السابقة لشؤون الخليج في البيت الأبيض، كانت قد صرحت في وقت سابق أن “قطر ظهرت كمنقذة لإدارة بايدن مراراً وتكراراً، حيث عززت صفقة الرهائن في تشرين الثاني/نوفمبر هذا الدور”.