كثفت قوات الاحتلال اعتداءاتها الرامية لطرد الفلسطينيين بالقوة من شمال غزة فقامت بمداهمة المدارس في المنطقة بشكل منهجي وعمدت إلى طرد النازحين الذين يحتمون هناك تحت تهديد السلاح.
ووفقاً لشهود عيان، فإن قوات الاحتلال تقوم بفصل الرجال عن عائلاتهم وتوجيه النساء والأطفال للنزوح جنوباً.
ومنذ فجر الاثنين، قتلت قوات الاحتلال 44 فلسطينياً في شمال القطاع، الذي تعرض لحصار دام أسبوعين وعملية برية واسعة النطاق، مما أدى إلى منع وصول المساعدات والمواد الغذائية إلى المنطقة.
وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية وفا أن 10 أشخاص على الأقل استشهدوا وأصيب 30 آخرون في هجوم للاحتلال على مدرسة جباليا الإعدادية في منطقة الفوقا، والتي كانت تستخدمها الأونروا كمأوى للنازحين.
واستشهد سبعة فلسطينيين آخرين وأصيب العشرات في هجوم للاحتلال على مدرسة الكريزم المحاصرة التابعة للأونروا في المخيم، حيث كان النازحون يحتمون أيضاً.
وقال شهود عيان لوكالة وفا أن سكان مدرسة الكريزم تعرضوا لقصف مدفعي بعد أن تجمعوا استعدادا للفرار بناء على أوامر الطرد الإسرائيلية.
وقتلت قوات الاحتلال ستة فلسطينيين، بينهم أطفال، وجرحت آخرين أثناء محاولتهم تعبئة مياه الشرب في بلدة جباليا، في حين أدت غارة للاحتلال إلى استشهاد أربعة آخرين بالقرب من مستشفى اليمن السعيد.
وأظهر مقطع فيديو بثته هيئة الإذاعة الإسرائيلية الرسمية حشوداً من الفلسطينيين المهجرين من مخيم جباليا المحاصر وهم يحاولون عبور نقطة تفتيش.
ونشر الصحفي سليمان أحمد لقطات وصوراً للحاجز، مشيراً إلى أن من لا يتحركون باتجاهه يتعرضون لاستهداف “بطائرات بدون طيار ونيران المدفعية”.
وقال الصحفي: “حتى أولئك الذين يتبعون الأوامر يتعرضون للهجوم، مجزرة تتكشف في شمال غزة، مع جثث في الشوارع”.
وأفاد الصحفي الفلسطيني حسام شبات أن قوات الاحتلال هاجمت مدرسة في جباليا، وأجبرت الذين يحتمون فيها على الخروج.
وقال شبات في منشور على موقع X: “بعد ذلك قاموا بتصفيتهم وأطلقوا النار على كل شخص تجرأ على التحرك، أي ذكر فوق سن 16 عاماً يتم اعتقاله وتعذيبه والتحقيق معه”.
وتابع: “العديد من الذين يتم قتلهم هم مرضى، مثل مبتوري الأطراف ومرضى السرطان والأطفال الصغار الذين يُطلب منهم الوقوف في طوابير لساعات، الوضع كارثي”.
وفي أماكن أخرى من المنطقة، استشهد تسعة أشخاص وأصيب العشرات في غارة للاحتلال استهدفت منزلاً سكنياً شمال مدينة غزة.
وفي بيت حانون، استشهد ثلاثة مواطنين وأصيب آخرون، عندما استهدفت قوات الاحتلال مدرسة غازي الشوا التي لجأ إليها نازحون.
وأفاد رئيس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني أن الوضع الإنساني المتردي بالفعل في شمال غزة يتدهور بسرعة وسط استمرار الاحتلال في منع وصول المساعدات.
وقد منعت قوات الاحتلال دخول الغذاء أو المساعدات من أي نوع إلى شمال غزة منذ الأول من أكتوبر/تشرين الأول، مما أدى إلى زيادة كبيرة في خطر المجاعة للسكان.
وقال لازاريني إن الملاجئ المتبقية للوكالة في المنطقة تواجه اكتظاظاً خطيراً، حيث أجبر بعض النازحين على “العيش في دورات المياه”.
وذكر في منشور على X: “وفقاً للتقارير، فإن من يحاولون الفرار يُقتلون، وتُترك جثثهم في الشارع، كما يتم رفض مهام إنقاذ الناس من تحت الأنقاض”.
وأوضح لازاريني أن “رفض المساعدات الإنسانية واستخدامها كسلاح لتحقيق أغراض عسكرية هو إشارة إلى مدى انحطاط البوصلة الأخلاقية”.
وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية، فإن المستشفيات الثلاثة المتبقية التي تعمل جزئياً في المنطقة، وهي المستشفى الإندونيسي ومستشفى العودة ومستشفى كمال عدوان، تخضع لحصار من قبل الاحتلال.
“مجزرة تتكشف في شمال غزة، والجثث ملقاة في الشوارع” – سليمان أحمد، صحفي
وأفادت الوزارة أن الوقود والإمدادات الطبية نفدت من المستشفيات.
ووفقاً لمنظمة أطباء بلا حدود، يُعتقد أن أكثر من 350 مريضاً، بما في ذلك النساء الحوامل والمرضى الذين يتعافون من العمليات الجراحية، محاصرون داخل المرافق.
وقالت المنظمة غير الحكومية أن المرضى يحتاجون إلى علاج طبي مستمر ولا يمكن إجلاؤهم.
وفي 19 أكتوبر/تشرين الأول، قال مدير مستشفى كمال عدوان، حسام أبو صفية، في بيان أن العديد من الجرحى من الهجوم على بيت لاهيا، الذين كان المستشفى يعالجهم، قد استشهدوا بسبب نقص حاد في الموارد والإمدادات الطبية والموظفين المتخصصين في المنشأة.
كما أعلن المستشفى عن نفاد الأكفان المستخدمة لتغطية الجثث.
وفي اليوم التالي، تعرض المستشفى نفسه للهجوم، حيث أدت غارات الاحتلال إلى إتلاف خزانات المياه وشبكة الكهرباء.
ويوم السبت، واجهت بيت لاهيا قصفاً عنيفاً من قبل قوات الاحتلال، مما أسفر عن استشهاد 87 فلسطينياً على الأقل، وفقاً لوزارة الصحة، في حين تتواصل جهود البحث للعثور على مفقودين تحت الأنقاض.