كأس العالم في قطر يضر بمطاعم الدوحة الصغيرة ومقاهيها

كأس العالم في قطر يضر بمطاعم الدوحة الصغيرة ومقاهيها

في مفارقة لافتة، تكبدت المحال والمطاعم الصغيرة في قطر لخسائر كبيرة رغم النشاط السياحي الكبير الذي عاشته البلاد خلال أيام المونديال.

فقد حاولت تلك المتاجر جذب السكان المحليين والمشجعين إلى مواقعها البعيدة عن الأجزاء التاريخية من الدوحة أملا في الاستفادة من حاجتهم لتجنب زحام التنقل بين الفنادق والملاعب والوجهات السياحية الشهيرة، إلا أن مساعيها لم تكلل بكثير من النجاح.

ربما أثبتت بطولة كأس العالم في قطر أنها مربحة للشركات متعددة الجنسيات، لكن العديد من المطاعم التي تتخذ من الدوحة مقراً لها قالت للموقع البريطاني إنها تكبدت خسائر مالية فادحة بعد أن تجنب المشجعون تلك المطاعم والمحال لبعدها عن الفنادق والملاعب ومناطق المشجعين ومحطات المترو.

 

ويقال إن قطر، الدولة الغنية بالغاز، أنفقت 220 مليار دولار خلال 12 عاما منذ فوزها بحق استضافة كأس العالم، على إنشاء مرافق خاصة بالمونديال اشتملت على طرق جديدة ومترو ومطار جديدين وأحياء وحتى مدينة مستحدثة بالكامل.

وبينما اختتمت البطولة، التي استمرت لمدة شهر، في 18 ديسمبر بواحدة من أكثر النهائيات إثارة في تاريخ كأس العالم، قال أصحاب المطاعم والمقاهي المتواضعة إنهم تكبدوا خسائر فادحة بعد إنفاق المزيد على الطعام والبضائع والأدوات المتعلقة بكرة القدم التي لم يتم بيعها للمشجعين.

فقد قال أحد الشركاء في سلسلة متاجر لبيع البرغر: “لقد قمت بتخزين أكثر من 1000 كرتونة من البطاطس المقلية وتوقعت مبيعات إضافية، لكن إقبال العملاء كان أقل مما نحصل عليه في العادة”.

وأضاف التاجر، الذي رفض الكشف عن هويته، أن العديد من المطاعم توقعت نقص الدقيق والسكر والزيت قبل البطولة التي استمرت 29 يومًا، مع قيام البعض باستئجار مستودعات إضافية وتخزين المواد بكميات كبيرة.

وأرجع أحد أسباب ضعف الإقبال إلى القيود التي فرضتها السلطات القطرية على المركبات الخاصة التي تدخل من المملكة العربية السعودية، حيث تم نقل الكثير من المشجعين بواسطة شركة المواصلات الوطنية القطرية من أبو سمرة على الحدود السعودية القطرية إلى محطة مترو المسيلة في وسط الدوحة.

ووفرت الدولة للزوار في المسيلة مرافق وخدمات شملت دورات المياه ومروجا صناعية للطعام الجماعي ومساحات للصلاة مفروشة بالسجاد وعروض موسيقية حية، الامر الذي دعا الكثيرين للبقاء حتى وقت قريب من بداية أوقات المباريات.

قبل بدء البطولة، كان المشجعون بحاجة إلى التقدم بطلب للحصول على بطاقة Hayya – وهي تأشيرة قطرية تُمنح لجميع حاملي التذاكر.

وقال بعض رواد المطاعم إن الكثير من المشجعين لم يغامروا بالخروج من المناطق المزدحمة التي حددتها السلطات القطرية والفيفا كمواقع لا بد من زيارتها لحاملي بطاقات هيا، وهي تأشيرة خاصة لدخول قطر خلال فترة المونديال.

وأوضح مسؤول في اللجنة العليا للمشاريع والإرث، الهيئة المنظمة المضيفة، إن النقل المجاني ساعد الزوار الدوليين على السفر في جميع أنحاء العاصمة، الأمر الذي غيّر ملامح المدينة التي اعتادها أهلها.

وعزا مسؤول، طلب من موقع “ميدل إيست آي” عدم ذكر اسمه، الفشل في جذب الزوار الدوليين إلى المطاعم القريبة من المطار القديم إلى قرار الترويج لمطاعم قطرية بارزة على حساب المطاعم الصغيرة.

وقال نجيب الدقودي، من مطعم الثريا، أن البطولة لم تزد شيئا في أرباح المطعم من حيث الأرقام، وأضاف “الآن، بعد انتهاء البطولة، تسير الأعمال بشكل أفضل.”

فيما اعتبر رحيم الشريك في مطعم جواهر في حديقة البدع في الدوحة أن المونديال أدى إلى تقليص عدد كبير من المطاعم المحلية.

وتوافد عشرات الآلاف من المشجعين على حديقة البدع، حيث عُرضت جميع المباريات على الهواء مباشرة وسط العروض الموسيقية الحية، والأنشطة الثقافية التي شهدت انتشار أكشاك الطعام والشراب.

وأضاف رحيم “سارع الناس من المترو إلى مناطق المشجعين لحجز أماكن توفر لهم أفضل مشاهدة للمباريات، وبعد الألعاب سارعوا إلى ركوب أول مترو إلى مكان إقامتهم، لقد فعلوا ذلك دون قضاء 15 دقيقة في المنطقة أو في المطاعم”.

 

ارتفاع التكاليف

وقال بعض المشجعين للموقع الإخباري البريطاني إنه أثناء اندفاعهم إلى الملاعب، صُدموا بأن المواد الغذائية الأساسية تُباع بأسعار أعلى بكثير من تلك الموجودة في أماكن أخرى من البلاد.

وقال بعض المشجعين من جنوب آسيا أنهم أجبروا على الجوع أو تهريب الفاكهة الجافة والمكسرات بسبب منع السلطات للمشجعين من إحضار الطعام والشراب من الخارج.

وأوضح المتحدثون أن منصات الامتياز كانت تبيع المياه المعبأة بــ 2.75 دولارًا، في حين أنها عادة ما تكلف 0.20 دولارًا، كما بيعت سندويشات الجبن بــ 12 دولاراً رغم أنها عادة ما تباع بالتجزئة مقابل 3 دولارات.

وقالت بعض الشركات إنها تضررت بشدة عندما أُغلقت المخيمات التي كانت تؤوي عمال البناء الأجانب في مركز تجاري في المنطقة الصناعية.

وأوضح موظف في مطعم مترو آسيان تاون: “كنا نأمل أن يأتي ثلاثة آلاف رجل أمن من معسكر عمل آخر، لكن تم نشرهم في مواقع بعيدة”.

وفي السياق، ألقى بائع بقالة في منطقة معيذر باللوم على أصحاب العقارات غير الشرعيين الذين طردوا المستأجرين من أجل استضافة مشجعي كأس العالم الزائرين قائلا إنهم تسببوا في تكبيده الخسائر.

وأضاف “قبل البطولة، قام مالك عقار قريب بإخلاء بنايته المكونة من 60 شقة وأجرها إلى الفيفا، ولكن تم تأجير شقتين فقط؛ وقد أثر هذا أيضًا على عملي، بشكل أسوأ مما كان عليه في فترة الكورونا”.

وكانت رويترز قد تناولت أثر عمليات الإخلاء على زيادة الإيجارات، وقالت إن هذه الاستراتيجية جاءت بنتائج عكسية عندما اختار المشجعون الدوليون البقاء في دبي ومدن الخليج الأخرى التي كانت على بعد أقل من ساعة بالطائرة.

ومع ذلك، أبلغت بعض المطاعم المصممة خصيصًا للعائلات عن ارتفاع في المبيعات، فقد قال أحمد سفير، الرئيس الإقليمي لمطعم ومشويات الزيتون: “حققنا نموًا بنسبة 30 بالمائة خلال كأس العالم في فروعنا”.

وقال تجار تجزئة إن الشركات في سوق واقف التاريخي بالدوحة، والذي كان بمثابة القلب النابض لبطولة هذا العام، سجلت أيضًا مبيعات جيدة، وأن المطاعم كانت مكتظة على مدار الحدث وسجلت بعض المتاجر التي تبيع المشغولات اليدوية ضعف حجم مبيعاتها المعتاد، على الأقل.

وفي اليوم الأخير من البطولة، ذكرت اللجنة العليا أن أكثر من 1.4 مليون مشجع قد زاروا قطر لحضور المونديال، وهو رقم أعلى بكثير مما كان عليه قبل عشرة أيام عندما استقبلت قطر “ما يزيد قليلاً عن 765 ألف زائر خلال الأسبوعين الأولين”، حسب ما ذكرت رويترز.

مقالات ذات صلة