بقلم ليلي جاليلي
تحت عنوان “لكي لا تقولوا أني لم أحذركم”، أشارت الكاتبة الإسرائيلية ليلي جاليلي في مقالتها على موقع ميدل إيست آي، إلى الحكومة الإسرائيلية الجديدة بقيادة نتنياهو، ساخرة من “مفاوضات الائتلاف” والتي تعني في هذه الحالة من وجهة نظرها “المزيد من الجريمة والفساد والعنصرية والجشع والانحراف”، معتبرة أن ما يثير السخرية هو ذاته ما يشكل كابوساً لمواطني إسرائيل من إسرائيليين وعرب بالإضافة إلى الفلسطينيين في المناطق المحتلة.
وأوضحت الكاتبة الإسرائيلية في مقالتها أن من يرى هذه الحكومة اليمينية المتطرفة دينياً تمثل الإسرائيليين فهو مخطئ بحسب تعبيرها، معتبرة إياها لا تعبر عن ما أسمته “التنوع في المجتمع الإسرائيلي”، مشيرة إلى أن محللين سياسيين يقدرون عمر هذه الحكومة بما لا يزيد عن عامين.
وتتحدث الكاتبة عن نتنياهو الذي عاد برئاسة حكومة إسرائيلية للمرة السادسة، رغم أنه متهم بقضايا فساد ما زالت قيد المحاكم، ولا يتمسك بالسلطة السياسية إلا هروباً من المأزق القضائي، ويحتاج هذا الائتلاف الذي يسهل عليه استغلال مطالبه المتطرفة بل وجره إلى الفساد لتحقيق هدفه بالهروب من السجن لأنه “يتشارك مع اليمين المتطرف رغبة في إضعاف السلطة القضائية” على حد تعبيرها.
وتضيف الكاتبة أنه في الوقت ذاته “يجد نتنياهو نفسه لأول مرة في وضع طالما حاول تجنبه، بين حلفاء يفوقونه ذكاء في تصريحاتهم الإعلامية، وموقع يلعب فيه دور اليسار فعلياً في حكومته، بعدما كان حريصاً في حكوماته السابقة على وجود يساري أو أكثر لإثبات براغماتية من طرفه”، ففي مقابلة له مؤخراً مع قناة العربية أجاب نتنياهو على سؤال عن التخوف من سيطرة اليمين المتطرف على الضفة “لا، أنا الذي أتحكم بالقرار”، وبعد ساعات من المقابلة، أعلن عن إعطاء وزير المالية الجديد بتسلإيل سموتريش صلاحيات للإدارة المدنية في الضفة، وهو ما عبر عنه رئيس الحكومة السابق يائير لابيد بقوله” نتنياهو شريك ثانوي في ائتلافه الجديد”.
وللدلالة على ذلك، أشارت الكاتبة إلى استطلاع رأي قامت به إذاعة كان العبرية مؤخراً، حيث رأى 42% منهم 30% ممن صوتوا لنتنياهو، أن الوضع في إسرائيل سيصبح أسوأ مع الحكومة الجديدة، و29% فقط رأوا أن الوضع سيتحسن.
كما عقبت الكاتبة على تعيين ياريف ليفين وزيراً جديداً للعدل، مشيرة إلى كونه معارضاً سابقاً للنظام القضائي، الأمر الذي استغله نتنياهو من خلال أول قرارات ليفين عزمه على تعديل النظام القضائي لتضمينه “استثناءً” يسمح للبرلمان بتعليق قرارات المحكمة العليا، حيث يهدف هذا التعديل إلى تغليب سلطة النواب على سلطة القضاة، في وقت تجري فيه محاكمة نتانياهو بتهم فساد.
ومن جانب آخر، فإن أرييه درعي، وزير الداخلية والصحة معاً، يواجه تهم تهرب ضريبي وحكم سجن مع وقف التنفيذ، أما وزير المالية سموتريش، والذي أكد أن خطته الاقتصادية ستكون ممتلئة بتعاليم التوراة، فقد سبق له أن اعتقل لمدة 3 أسابيع على خلفية إشعال النار في شارع رئيسي للاحتجاج على الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة عام 2005.
وتقف الكاتبة عند ايتمار بن غفير، وزير الأمن القومي الجديد، والذي فصلت اسم الوزارة على مقاس صلاحياته الواسعة هذه المرة، فهي كانت وزارة الشرطة من قبل ولكنها أصبحت وزارة الأمن القومي، فهو الوزير الأكثر تطرفاً في تاريخ إسرائيل على حد وصفها، رفعت ضده عشرات الدعاوى واتهم بجرائم عديدة، ولكنه بمجرد ما طلب توسيع صلاحياته وتغيير اسم الوزارة لتناسب طموحه لم يتردد نتنياهو في إعطائه ما أراد، تقول الكاتبة بسخرية.
وتستخدم الكاتبة في مقالتها تعبير “الرهينة” في وصف وضع نتنياهو بين وزرائه التوراتيين المتطرفين، في حكومة مبنية على الرعب وعلى فقدان الثقة بين عناصرها، مشبهة ما بين نتنياهو وبين تحالف الأحزاب الدينية المتطرفة بعقد قانوني فيه 205 شرطاً لضمان حماية طلبات هذا المجتمع الديني فقط على حد تعبيرها.
من جهة أخرى، تلفت الكاتبة الإسرائيلية إلى أن نتنياهو يرى في رون درمر، السفير الإسرائيلي السابق إلى الولايات المتحدة واللاعب الرئيسي في اتفاقات أبراهام مع دول عربية، والشخصية التي قد تكون الأكثر ليبرالية في الحكومة، وريثاً له فأوكل إليه وزارة التخطيط الاستراتيجي ليدير علاقات إسرائيل الخارجية بعيداً عن حلفائه الدينيين.
ومن اللافت في كواليس الحكومة الإسرائيلية الجديدة، نقلت مصادر سياسية رغبة نتنياهو في استكمال اتفاق التطبيع مع السعودية كما فعل مع جارتيها الإمارات والبحرين في 2020، الأمر الذي أبدت أطراف اليمين المتطرف في حكومته استعدادها لوقف الضم الاستيطاني في الضفة إن تسبب في تعطيل التطبيع مع المملكة السعودية والتي كانت أشارت سابقاً إلى التطبيع مع إسرائيل مقابل دولة فلسطينية.
وتحذر الكاتبة أنه بتشكيل الحكومة الجديدة، نزل تقييم إسرائيل عالمياً في تمثيل المرأة السياسي من الدولة ال47 على مستوى إلى الدولة 140 بتعيين 4 نساء وزراء من أصل 32، بالإضافة إلى صعودها على سلم أكثر الدول التي تعتبر دينية في العالم، حلت إسرائيل في المرتبة الثانية بعد السعودية وقبل إيران.
وتقول الكاتبة الليبرالية “لا عزاء في هذه الحالة إلا أن نتنياهو معروف بتهربه من وعوده أو اتفاقاته، وفي هذه الحالة تصبح هذه الصفات سبباً لإنقاذ النظام في إسرائيل” على حد تعبيرها.