بقلم أسيل موسى
ترجمة وتحرير مريم الحمد
في فصل دراسي في مدرسة للأونروا في مخيم المغازي للاجئين وسط قطاع غزة، تجلس الفلسطينية ذات 70 عاماً، شفا الدهشان، على مرتبة رثة تذرف الدموع وهي تروي قصتها، في رحلة النزوح المروعة من منزلها في حي عسقولة شرق مدينة غزة.
شفا وعائلتها من بين 1.7 مليون شخص، أي حوالي ثلاثة أرباع سكان غزة، نزحوا قسراً منذ بدء القصف الإسرائيلي على القطاع في 7 أكتوبر 2023، فماذا تقول شفا عن قصتها؟
تقول شفا:
إن ما تحملناه منذ بداية الحرب لا يمكن أن تصفه الكلمات، فنحن نعيش رعبًا حقيقيًا وأيامًا مظلمة لم نشهدها من قبل.
تجمعنا كلنا في منزلنا في ليلة مرعبة وقصف متواصل، عندما اتصل بنا الجيش الإسرائيلي عبر الهاتف وأبلغنا أن منطقتنا هي “منطقة حرب” وأنه يجب علينا الإخلاء إلى جنوب قطاع غزة، ولكن أنا وزوجي الذي يبلغ من العمر 80 عامًا معاقون لا نقوى على الحركة، فكلانا يجلس على كرسي متحرك.
كانت ليلة 16 نوفمبر حين اشتد القصف الإسرائيلي على المنطقة المحيطة بمنزلنا، فأنا لا أزال أسمع أحفادي وهم يبكون ويصرخون، وفي تلك الليلة، ضربوا منزلنا.
كان لدي 3 أبناء، لكن الجيش الإسرائيلي قتل ابني محمد، كان لدي أيضًا 6 بنات، لكنهم قتلوا ابنتي منى وزوجها وابنتهما رغد، كما أصيبت زوجة ابني أحمد بكسور في ساقيها وأصيب وجهها بحروق من الدرجة الثالثة، فأخذها أحمد إلى مستشفى الشفاء وأدخلوا قضبان حديدية في ساقيها، وكان هذا آخر ما سمعناه عنها.
يقضي زوجي المسن ليله ونهاره في خيمة في ساحة المدرسة، وعندما هطلت أمطار غزيرة قبل يومين غمرت المياه الخيام، وكان البرد لا يحتمل، فنحن لم نحضر ملابس شتوية!
هربنا من منزلنا إلى منزل جارنا حتى صباح اليوم التالي، حين غادرت أنا وزوجي وابني الثالث وزوجته وأطفالهم السبعة، وقد تناوب ابني بين حملي وحمل والده على ظهره حتى وصلنا إلى نقطة تتوافر فيها السيارات والعربات التي تجرها الحمير فركبنا حتى طريق صلاح الدين، وهو الطريق الرئيسي الذي سلكه مئات الآلاف من الأشخاص من شمال وغرب القطاع للفرار جنوبًا.
بعد ذلك، قام ابني بحرنا أنا ووالده على كرسيينا المتحركين، لقد شاهدنا جثثاً على طول الطريق عبر ما يسمى “الممر الإنساني” الإسرائيلي، فبكيت وتذكرت جثامين من ماتوا من أبنائي وأحفادي.
ونحن على ذلك إذ أوقفنا جنود إسرائيليون، حيث أعطونا أوامر حول المكان الذي يجب أن نذهب إليه وعلى أي جانب من الطريق يجب أن نسير، وقاموا باعتقال الشباب وأجبروا بعضهم على خلع ملابسهم، فلم يكن هناك رحمة، لقد كنا نمشي نحو المجهول.
لقد كانت رحلة النزوح مرعبة، فنحن تركنا بيوتنا وممتلكاتنا التي تم قصفها في غزة وهربنا إلى الجنوب، وبذلك طمست إسرائيل ذكرياتي عن المنزل الذي عشت فيه لأكثر من 50 عاماً!
وصلنا أخيرًا إلى الجنوب، كانت المرة الأولى التي أركب بها عربة يجرها حمار في حياتي، لقد كان من المهين أننا لم نتمكن حتى من العثور على سيارة تقلنا إلى مخيم المغازي لأن الحصار الإسرائيلي قطع الوقود بالكامل.
وعندما وصلنا، وجدنا الوضع في مدرسة الأونروا في المغازي مأساوياً، فهناك نقص حاد في المواد الغذائية والفرشات والبطانيات، وأنا أرتعش في الليل، إنه يومنا الخامس هنا ولا يوجد لدينا أساسيات الحياة.
يقضي زوجي المسن ليله ونهاره في خيمة في ساحة المدرسة، وعندما هطلت أمطار غزيرة قبل يومين غمرت المياه الخيام، وكان البرد لا يحتمل، فنحن لم نحضر ملابس شتوية!
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)