اتُهمت الحكومة الكندية بممارسة “قسوةٍ لا هوادة فيها” بعد أن منحت عددًا من النساء المحتجزات في معسكرات الاعتقال شمال شرق سوريا مهلةً جديدةً للتخلي عن أطفالهن كشرطٍ للسماح للأطفال بالعودة إلى الوطن.
وتتعلق الحالات بأطفالٍ لآباء كنديين أو ولدوا على أراضي كندا، لكن أمهاتهم لا يحملن الجنسية الكندية.
وبحسب المحامية آسيا هرجي، التي تمثل اثنتين من الأمهات، فقد أصدر المسؤولون الكنديون الأسبوع الماضي إنذارًا نهائيًا للأمهات، وأبلغوهن أنه يمكن إعادة أطفالهن على متن رحلة طيران في وقت مبكر من شهر تموز / يوليو، على أن يبقين هن دون العودة مع الأطفال.
وأوضحت هرجي أن هذه هي المرة الثالثة التي يُطلب فيها من النساء الاختيار بين الاحتفاظ بأطفالهنّ معهنّ في المخيمات أو الانفصال عنهم مع فقدان أي فرصةٍ للمّ الشمل بينهم.
وقالت إن الإنذارات السابقة كانت قد صدرت من قبل وزارة الخارجية الكندية للشؤون العالمية في كانون الثاني / يناير وآذار / مارس، وفي كل مرةٍ كان يتم إخطار الأمهات باحتمالية أن لا تكون هناك فرص أخرى لإرسال أطفالهن إلى كندا.
وأكدت هرجي إنها قدمت طلبات تصريح إقامة مؤقتة للسيدات في شباط / فبراير وتقدمت الآن بطلب لمحكمة الطوارئ في محاولة لتمكين النساء من السفر مع أطفالهن.
“إنه لأمر محبط أن نشهد قسوة كندا التي لا تلين في رفضها إظهار أي تعاطف تجاه هؤلاء النساء والأطفال”. المحامية آسيا هرجي، ممثلة أمهات الأطفال الكنديين المحتجزات في معسكرات شمال سوريا
وأدانت المنظمات الإنسانية ومنظمات حقوق الإنسان الأوضاع في مخيمي الهول والروج، حيث تم احتجاز عائلات مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) لسنوات، فيما دعت جماعات حقوقية ومسؤولون أكراد محليون وكبار المسؤولين الأمريكيين الدول إلى إعادة آلاف الرعايا الأجانب الذين ما زالوا محتجزين في المنطقة.
“خيارٌ مستحيل”
لكن كندا من بين عدد من الدول الغربية التي قاومت إعادة مواطنيها إلى بلادهم، بحجة مخاوف تتعلق بالأمن القومي.
ووافقت الحكومة الكندية في كانون ثاني / يناير على إعادة النساء والأطفال من المعسكرات تحت ضغوط قانونية وأعيد بالفعل أربع أمهات مع 10 أطفال في نيسان / أبريل.
ووصفت زهرة، وهي واحدةٌ من السيدات وهي أم لثلاثة أطفال في أحد المخيمات وضعها بالقول:” أنا متعبة للغاية ومرهقة من … احتمال ألا أرى أطفالي مرة أخرى ثمنًا لخروجهم من هذا المكان الرهيب”.
“إنه خيار مستحيل، الشخص البالغ الوحيد الذي عرفه هؤلاء الأطفال طوال حياتهم، سواء في منطقة حرب أو في معسكرات الاعتقال هو أنا، كل واحد منا سوف ينهار إن لم نكن مع بعضنا البعض”. زهرة – أم لثلاثة أطفال في أحد المخيمات
وفي قضية منفصلة أوردتها قناة سي بي سي نيوز الكندية يوم الاثنين، قال لورنس جرينسبون، وهو محامٍ يمثل أم كندية لستة أطفال لا تزال محتجزة في المعسكرات إن الحكومة الكندية أخبرته أنها لن تعيد المرأة إلى وطنها بسبب مخاوف أمنية.
وحذرت جماعات حقوق الإنسان من أن فصل الأطفال عن آبائهم من خلال إجراءات الإعادة إلى الوطن يمكن أن ينتهك حقوقهم الأساسية.
وأشارت سارة سانت فنسنت، المديرة التنفيذية لمنظمة Rights and Security International (RSI) إلى أن فصل الأطفال والتلويح بذلك يرجع إلى “تاريخ قبيح حقًا”، موضحةً أن “هناك العديد من الأسباب القانونية والتاريخية التي تجعل هذا النهج مسيئًا حقًا للحكومة الكندية”.
وورد خلال آذار – مارس أن ما لا يقل عن 10 أطفال كنديين من أربع أمهات غير كنديات ظلوا في المعسكرات، فيما أعلن نشطاء الأسبوع الماضي أنهم يعتزمون السفر إلى منطقة معسكرات الاحتجاز ولقاء المسؤولين المحليين لمناقشة الخطوات نحو المزيد من عمليات الإعادة إلى الوطن، لكن هذه المساعي لا تحظى بدعم الحكومة الكندية.
وقال ماثيو بيرنس، المتحدث باسم مجموعة حملة أوقفوا التدخل الكندي في التعذيب، إن استمرار احتجاز المواطنين الكنديين في شمال شرق سوريا يتعارض مع دعم الحكومة الكندية في عام 2021 لحملة دولية تندد بالاحتجاز التعسفي.
وذكرت المتحدثة باسم الشؤون العالمية الكندية إنه:” في ضوء تدهور الأوضاع الأمنية والإنسانية، عرضنا إعادة الأطفال الكنديين إلى وطنهم”.