بقلم راغب سويلو
حاول وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو “اختراق” باب مغلق في المجمع الرئاسي في أنقرة للوصول إلى نائب الرئيس آنذاك مايك بنس، الذي كان يقضي فترة أطول من المتوقع مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
يشرح بومبيو في مذكراته التي صدرت يوم الثلاثاء الماضي بعنوان “لا تهتم أبدًا: القتال من أجل أمريكا التي أحبها”، كيف أقنعت إدارة ترامب في أكتوبر/ تشرين الأول 2019 أردوغان بالتوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار في شمال سوريا في أعقاب عملية عسكرية تركية للاستيلاء على المناطق التي كانت تسيطر عليها سابقًا القوات المسلحة الأمريكية.
أمر دونالد ترامب بالانسحاب من سوريا بعد أن أقنعه أردوغان بهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وبقدرة تركيا على حراسة المناطق التي أخلاها الأمريكيون.
ومع ذلك، أثار الهجوم العسكري التركي غضب الرأي العام الأمريكي، إلى جانب البنتاغون والنخب الأمنية الأمريكية، الذين دفعوا الرئيس الأمريكي لإرسال بنس وبومبيو إلى أنقرة لمناقشة الأمر.
وكتب بومبيو في مذكراته: “عندما وصلنا إلى القصر، طلب أردوغان عقد لقاء فردي مع نائب الرئيس ‘لبضع دقائق’، وبعد حوالي نصف ساعة، أخبرت مضيفينا أنني بحاجة لرؤية نائب الرئيس، لكن دون جدوى”.
وكتب أيضا أنه مرت عشرون دقيقة أخرى، لكنه كان مصمما، وبدون إذن، نزل إلى القاعة وحاول أن يفتح باب الغرفة التي كان أردوغان ونائب الرئيس يجتمعان فيها، لكنها كانت مغلقة مما اضطره أنه يخبر نظيره أنه سيقوم باختراق الباب.
يقول بومبيو إنه كان قلقًا من تعرض بنس لنفس مقطع الفيديو الذي دام لمدة ثلاث ساعات عن محاولة الانقلاب التركي عام 2016 التي أُجبر على مشاهدته في زيارته الأولى لتركيا كمدير لوكالة المخابرات المركزية في عام 2017.
ويضيف الوزير الأمريكي السابق: “كان الفيديو طويلًا جدًا وبغيضًا جدًا لدرجة أنني اعتبرته مشكلة تتعلق بالصحة العقلية!”
وفي حين أن جهود بومبيو الفعلية لكسر الباب أخافت فريقه الأمني الذي اعتقد أن الحراس الأتراك سيردون بقوة، إلا أن الأمن التركي سرعان ما سمح له بالمرور وانضم المسؤولون الأمريكيون إلى اجتماع أردوغان مع بنس.
ويضيف أن الأطراف توصلت إلى اتفاق مؤقت لوقف إطلاق النار، والذي بدوره سمح لتركيا بالوصول إلى جزء كبير من المنطقة الحدودية في سوريا التي سيطر عليها الأمريكيون.
يتعمق بومبيو، في كتابه، حول مفاوضات عام 2017 التي جرت بين إدارة ترامب وكبار المسؤولين الأتراك لوضع خارطة طريق للسيطرة على الرقة في شمال شرق سوريا من تنظيم الدولة الإسلامية.
ويقول بومبيو إن لدى واشنطن خياران: إما العمل مع حلفاء الولايات المتحدة الأكراد، قوات سوريا الديمقراطية (SDF)، أو العمل مع الجيش التركي، لكن أنقرة تعتبر قوات سوريا الديمقراطية جزءًا من حزب العمال الكردستاني، جماعة مسلحة صنفتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا كمنظمة إرهابية.
منظمة ارهابية
كتب بومبيو في مذكراته: “اتصل بي أردوغان و [رئيس الاستخبارات التركية هاكان] فيدان مرارًا وتكرارًا للتأكيد على أن حزب العمال الكردستاني – وهو منظمة إرهابية مصنفة من قبل الولايات المتحدة – لا يختلف عن قوات سوريا الديمقراطية. لقد زعموا أنه إذا دعمت الولايات المتحدة قوات سوريا الديمقراطية، فسوف يؤدي ذلك إلى تمزق علاقتنا مع تركيا “.
لكن البنتاغون لم يكن مقتنعًا بأن القوات السورية التي دربتها تركيا لديها القوة الكافية لهزيمة الدولة الإسلامية، لذلك اختاروا الخيار الأخير.
ناقشت مذكرات بومبيو أيضًا مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني عام 2020، الذي شبهه بلوحة رامبرانت، واغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، الذي ادعى أنه أزمة مبالغ فيها.