دعا النائب المستقل جيريمي كوربين الحكومة البريطانية إلى التحقيق في تقارير تفيد بأن رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون قام بتوجيه تهديدات للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان.
وكان موقع ميدل إيست آي قد أفاد في يونيو/حزيران الماضي أن كاميرون، الذي كان يشغل منصب وزير الخارجية البريطاني، هدد خان في 23 أبريل/نيسان 2024 بأن المملكة المتحدة ستوقف تمويلها وتنسحب من المحكمة إذا أصدرت مذكرات توقيف ضد قادة دولة الاحتلال.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، ذكرت صحيفة لو موند الفرنسية أن كاميرون كرّر تهديده للمدعي العام بالانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية.
وكشف ميدل إيست آي تفاصيل المكالمة استناداً إلى مصادر عدة، من بينها موظفون سابقون في مكتب خان على دراية بالمحادثة واطلعوا على محاضر الاجتماع.
يذكر أن كوربين، زعيم حزب العمال السابق وهو واحد من الشخصيات البارزة حالياً في تأسيس حزب يساري جديد مع النائبة زارا سلطانة، كان قد دعا وزير الخارجية ديفيد لامي هذا الأسبوع للتحقيق فيما جرى خلال المكالمة بين كاميرون وخان.
وقال كوربين في مقابلة مع ميدل إيست آي: “أعتقد أننا بحاجة لمعرفة الحقيقة، ولدينا الحق في معرفتها أيضاً”، واصفاً التقرير بأنه “مذهل للغاية”.
وأضاف كوربين أنه كان في البرلمان عندما صوّت على نظام روما الأساسي، ميثاق تأسيس المحكمة الجنائية الدولية، مشيراً إلى معارضة بعض النواب المحافظين لاستثناء القوات المسلحة من الالتزام بالنظام، لكنه أشار إلى أن التصويت تم كما يجب، وأصبحت بريطانيا جزءاً من المحكمة.
وأشار كوربين إلى أن تهديد رئيس الوزراء السابق لرئيس المدعي العام، وهو شخص يُفترض التعامل معه باحترام ونزاهة، يمثل “أمرًا مروّعاً وصادماً”، خصوصاً أن كاميرون كان من الموقعين الأساسيين على ميثاق روما.
التحذير من المسؤولية الجنائية
وحذر كوربين من أن تهديد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية يُعد جريمة، وأوضح أن العديد من الخبراء القانونيين يرون أن كاميرون قد يكون مسؤولاً جنائياً عن أفعاله.
بدورها، قالت فرانشيسكا ألبانيز، الباحثة القانونية البارزة ومقررة الأمم المتحدة الخاصة بالأراضي الفلسطينية المحتلة، إنه إذا تصرف كاميرون كما أفادت المعلومات، فإنه يكون قد ارتكب “جريمة جنائية بموجب نظام روما الأساسي”، الذي يجرّم محاولة منع محاكمة جرائم الحرب.
وأضاف كوربين: “إذا أنشأت نظاماً قانونياً، فعليك حماية من يتخذ القرارات من التعرض للترهيب، فإذا حاولت أنا كنائب التأثير على قاضٍ بريطاني، فإن ذلك القاضي سيحيلني إلى المحكمة فوراً لكوني تورطت في ازدراء المحكمة، وسيكون محقاً في ذلك، والمبدأ نفسه يجب أن يُطبق في القانون الدولي”.
وأشار كوربين إلى أن كاميرون “وقع من حيث المبدأ في ازدراء إجراءات المحكمة الجنائية الدولية”.
المحكمة الجنائية الدولية واستهداف قادة دولة الاحتلال
وكان المدعي العام خان، الذي يحمل الجنسية البريطانية، قد تقدم في مايو/أيار 2024 بطلب مذكرات توقيف بحق رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، وثلاثة من قادة حماس، ووافق قضاة المحكمة على المذكرات في نوفمبر/تشرين الثاني بعد أربعة أشهر من انتهاء حكومة المحافظين.
وأكد كوربين أنه سمع كاميرون يدعو في مناسبات أخرى لتطبيق المحكمة على قادة عالميين آخرين، مثل ما حصل في السودان ويوغوسلافيا السابقة، لكنه انتقد تعامله بتمييز عندما تعلق الأمر بدولة الاحتلال، قائلاً: “لا يمكنه أن يختار ويقصر التطبيق على دولة دون أخرى”.
ووفقاً لمصادر مطلعة، فقد تحدث كاميرون بحدة وكرر مقاطعة خان، الذي اضطر لطلب إتمام نقاطه، مشيراً إلى أن كاميرون اعتبر أن مقاضاة روسيا على حربها العدوانية في أوكرانيا أمر مختلف عن ملاحقة دولة الاحتلال بزعم أن الأخيرة كانت “تدافع عن نفسها ضد هجمات 7 أكتوبر”.
وأضاف كوربين أن وسائل الإعلام البريطانية الرئيسية لم تغطّ الحادث، قائلاً: “لنخرج القصة إلى العلن، ويتعين على كاميرون، كعضو في مجلس اللوردات، في وقت ما الإجابة عن هذه التساؤلات”.
وأشارت مصادر تحدث إليها خان بعد المكالمة إلى أنه كان متفاجئاً وغاضباً من هذا الموقف، قائلاً: “لا أحب أن أتعرض للضغط والتهديد، لن أقول إن الأمر وصل إلى الابتزاز، لكنني لا أحب أن أُهدد”.
ومن المتوقع أن يعقد مشروع كوربين للسلام والعدالة “محكمة غزة”، والتي يُتوقع أن تتناول الادعاءات الموجهة ضد كاميرون في أيلول/ سبتمبر المقبل.