كيف أصبح الخليج متنفس موسكو المالي للتملص من العقوبات؟

كيف أصبح الخليج متنفس موسكو المالي للتملص من العقوبات؟

تعرض بنك روسي يعمل في الإمارات العربية المتحدة لفرض عقوبات من قبل الولايات المتحدة يوم الجمعة، وسط مخاوف من أن تسهم العلاقات الاقتصادية المتنامية مع الشرق الأوسط موسكو على التهرب من العقوبات الغربية مع دخول الحرب في أوكرانيا عامها الثاني.

وأدرجت وزارة الخزانة الأمريكية بنك MTS، الذي يمتلك فروعا في موسكو وأبو ظبي، في قائمة جديدة من العقوبات التي فرضتها ضد أكثر من 200 فرد وكيان في جميع أنحاء أوروبا وآسيا والشرق الأوسط، بتهمة مساعدة موسكو في جهود الحرب.

وقالت الخزانة الأمريكية في بيان: “بينما تبحث روسيا عن طرق للتهرب من العقوبات وضوابط التصدير، تكثف الحكومة الأمريكية جهودها لمواجهة هذا التهرب في جميع أنحاء العالم”.

ازدهرت الأعمال التجارية بين الإمارات وروسيا أثناء الحرب في أوكرانيا، ونمت التجارة غير النفطية بين البلدين بنسبة 57 في المائة في الأشهر التسعة الأولى من العام 2022، محطمة بذلك جميع الأرقام القياسية السابقة.

وفي ديسمبر/ كانون الأول، تعهد وزير التجارة الإماراتي ثاني بن أحمد الزيودي “بدفع التجارة إلى مستويات أعلى”.

وتوافد الأثرياء الروس على دبي بعد غزو أوكرانيا في 24 فبراير 2022، واحتلوا المراتب المتقدمة في قوائم شراء العقارات في دبي العام الماضي.

ويُنظر إلى قرار الإمارات منح بنك MTS ترخيصًا للعمل فيها على أنه علامة على النفوذ الاقتصادي المتنامي لروسيا هناك، إلا أن البنك لم يكن خاضعا للعقوبات الأمريكية عند إصدار الترخيص.

“في الطليعة”

وقالت راشيل زيمبا، خبيرة العقوبات في مركز الأمن الأمريكي الجديد، إن البنك كان “في الطليعة” من حيث ترسيخ نفسه في الإمارات العربية المتحدة، للاستفادة من تدفق المهاجرين الروس وفرص الأعمال الجديدة.

وذكر بيان صادر عن البنك المركزي الإماراتي يوم الجمعة أن “بنك MTS ساهم في دعم التجارة المشروعة بين البلدين وخدمة المجتمع الروسي في الإمارات تحت إشراف البنك المركزي”.

وأوضح البنك المركزي الإماراتي أنه “أشرف” على المعاملات التي أجراها بنك MTS والتي تجاوزت عتبات معينة “في ضوء الظروف التي يمر بها بلد المقر الرئيسي للبنك”، في إشارة واضحة إلى الغزو الروسي لأوكرانيا.

ويعد بنك MTS وحدة مالية تابعة لأنظمة Mobile TeleSystems، أكبر مشغل للهاتف المحمول في روسيا، وتقول زيمبا إن البنك استطاع على الأرجح تجنب العقوبات حتى الآن بسبب صغر حجمه ودوره المالي المحدود في السلع الحيوية.

وحسبما جاء في بيان وزارة الخزانة، أشارت الولايات المتحدة إلى أن هذه الميزة يمكن أن تتغير حيث إنه “من المعروف أن الجهات الفاعلة الخاضعة للعقوبات تلجأ إلى البنوك الأصغر وكذلك إلى شركات إدارة الثروات في محاولة للتهرب من العقوبات، بينما تسعى روسيا إلى طرق جديدة للوصول إلى النظام المالي الدولي”.

” قد تقرر المؤسسات المالية الإماراتية قطع علاقاتها المصرفية مع بنك MTS” -أليكس زيردين، مسؤول سابق في وزارة الخزانة

وتقول زيمبا إنه نظرًا لحجم رزمة العقوبات الضخمة التي أُعلن عنها يوم الجمعة، لم تكن الولايات المتحدة تستهدف الإمارات على وجه التحديد، ولكنها تتطلع إلى إغلاق جميع القنوات المالية المحتملة للكرملين.

كما فرضت المملكة المتحدة عقوبات على أربعة بنوك يوم الجمعة، بالإضافة إلى بنك  MTS.

ومع ذلك، فإن المسؤولين الغربيين يولون اهتمامًا أكبر بالدول التي رفضت التوقيع على العقوبات الغربية، حيث أوفد البيت الأبيض مسؤول الخزانة إلى كل من تركيا والإمارات العربية المتحدة في فبراير من هذا العام للضغط عليهما لقطع العلاقات التجارية مع روسيا.

وفي العام الماضي، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن تركيا تدرس بدائل محتملة لنظام الدفع الروسي مير، بعد العقوبات الأمريكية، فيما ازدادت التجارة بين تركيا وروسيا بنحو 200 بالمئة مع احتدام الحرب في أوكرانيا.

“تبعات التراخي”

وقال أليكس زيردن، المسؤول السابق بوزارة الخزانة في إدارتي أوباما وترامب إنه من المرجح أن يكون للعقوبات المفروضة على شركة MTS في الإمارات العربية المتحدة تأثير مخيف.

وأضاف أن “المؤسسات المالية الإماراتية قد تقرر قطع علاقاتها المصرفية مع بنك MTS بناءً على توصية مكتب الأصول الأجنبية (OFAC)”.

وأوضحت زيمبا بالقول: “إن معظم البنوك الإماراتية التي قد تتعامل مع بنكMTS، تتعامل بالوقت ذاته مع النظام المالي في الولايات المتحدة، وبالتالي فإنها لن تخاطر بعلاقاتها المالية الأمريكية”.

ويزيد اعتماد النظام المالي الدولي على الحوالات المالية Swift من ثقل العقوبات الأمريكية لأن الدولار يهيمن على التجارة العالمية حيث يسهل نظام سويفت عمليات تحويل الأموال أيضًا على البنوك في الولايات المتحدة.

وقالت زيمبا إن دول الشرق الأوسط قد تسرع من مساعيها للبحث عن بدائل تجارية مع روسيا كنتيجة طويلة الأمد للعقوبات المفروضة على البنك المرتبط بالإمارات العربية المتحدة.

وأضافت أن العقوبات على MTS قد تبطئ تجارة الطاقة المزدهرة بين الإمارات وروسيا أيضًا، حيث نشطت تجارة الطاقة بين دول الشرق الأوسط وموسكو في ظل العقوبات الغربية، بعد ان حظرت دول الاتحاد الأوروبي الخام الروسي، وعقب تحديد دول مجموعة السبع سعر البرميل بحد أقصى مقداره 60 دولارا في العام الماضي، وتطبيق ذات الإجراءات على المنتجات البترولية في فبراير.

واستفاد الشرق الأوسط اقتصاديا من شراء الوقود الروسي الرخيص، إما لاستخدامه في الداخل لتحرير المزيد من الطاقة المحلية للتصدير أو لإعادة تسميته، وقد حظيت الصفقات بموافقة ضمنية من واشنطن، التي تريد إبقاء الطاقة الروسية في السوق بينما تنحسر في صندوق حرب الكرملين.

ويزخر ميناء الفجيرة الإماراتي بالمنتجات من الواردات الروسية، وتتوقع شركة كبلر، التي تتعقب عمليات شحن النفط، أن ترتفع واردات الإمارات بنحو 3 مليون برميل من زيت الوقود الروسي في فبراير شباط و4.34 مليون في مارس آذار بعدما كان يبلغ 750 ألف برميل في فبراير شباط من العام الماضي.

وقال البنك المركزي الإماراتي إنه “يدرس الآن الخيارات المتاحة فيما يتعلق بالوضع الجديد للبنك وسيتم اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب”.

مقالات ذات صلة