بقلم كاثرين هيرست
ترجمة وتحرير مريم الحمد
وثائق نشرتها صحيفة الغارديان البريطانية، كشفت عن محاولة مسؤولين في السفارة الإسرائيلية في لندن ممارسة نفوذهم للتأثير على محاكمة نشطاء مؤيدين لفلسطين، تم الكشف عنها من قبل مكتب المدعي العام البريطاني عبر خدمة “حرية المعلومات FOI”.
كشفت الوثائق في طياتها عن محاولات عدة قام بها مسؤولون في السفارة الإسرائيلية للضغط على المدير العام لمكتب المدعي العام، دوغلاس ويلسون، من أجل التدخل في قضايا المحكمة المتعلقة بهؤلاء النشطاء.
“ما تم الكشف عنه هو أحدث دليل على التواطؤ بين الحكومة البريطانية وإسرائيل من أجل قمع النشطاء المؤيدين لفلسطين في المملكة المتحدة”
حركة “بال آكشن”
في سياق القضية، تم تنقيح رسائل البريد الإلكتروني ومحاضر الاجتماعات، إلا أن تفاصيل مطالب المسؤولين الإسرائيليين لم تكن واضحة، ففي ايميل مؤرخ بتاريخ 9 مايو، أشار ويلسون إلى “استقلالية جهاز الادعاء الملكي وصلاحيات المدعي العام حول الملاحقة القضائية”.
ويدلل الايميل، الذي جاء بعد أشهر من استهداف النشطاء في حركة “بال آكشن” لمواقع ومكاتب شركة الأسلحة الإسرائيلية “إلبيت سيستمز”، على حجم ونوعية القيود التي فرضها قانون الشرطة والمحاكم في الفترة الأخيرة، وهي تشريعات أثارت الجدل والانتقاد بسبب تقييدها الشديد لحق الاحتجاج.
في نفس الايميل، استشهد ويلسون بتمثال كولستون، الذي أطاح به المتظاهرون المناهضون للعنصرية في مدينة بريستول باعتباره مثالاً لشخصية نمت ثروتها من خلال تجارة الرقيق، ففي القضية، أدت الإحالة التي قام بها النائب العام إلى صدور قرار من المحكمة يقضي بعدم إمكانية تبرئة المتهمين لارتكابهم جرماً “جنائياً كبيراً” باستغلال حقوق الإنسان، وهو حكم يقيد الحق في الاحتجاج.
يذكر أنه منذ قضية تمثال كولستون، تمت إدانة نشطاء متضامنين مع فلسطين، فضلاً عن نشطاء في دعم البيئة، بتهمة استهدافهم للممتلكات الخاصة!
يعود قسم من المراسلات التي تم الكشف عنها إلى فبراير الماضي، حيث تم فيه مناقشة إمكانية إصدار إعلان مشترك للسعي إلى “تعاون ثنائي أوثق” حول “الإصلاح التشريعي والقانوني والقانون المدني والجنائي والتعليم القانوني” بين وزارات العدل في كلا البلدين.
تطرق نفس الايميل أيضاً إلى الاعتقالات الخاصة للمواطنين البريطانيين المتهمين بارتكاب جرائم حرب، حيث أكد ويلسون على تشديد الإجراءات في تلك القضايا، كما قدم نصائح حول “حصانة المهمات الخاصة” بحسب تعبيره، وهو الوضع الذي استخدم في السابق لمنح حصانة لوزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني.
في بيان لها، أشارت حركة “بال آكشن” إلى أن ما تم الكشف عنه هو أحدث دليل على التواطؤ بين الحكومة البريطانية وإسرائيل من أجل قمع النشطاء المؤيدين لفلسطين في المملكة المتحدة، حيث يذكر أنه في عام 2021، التقى وزير الخارجية البريطاني آنذاك، دومينيك راب، بوزراء إسرائيليين في القدس لمناقشة قمع الحركة.
أوضحت الحركة في بيانها بالقول أن “هذا تأكيد لما كان يشتبه منذ فترة طويلة بأن دولة إسرائيل تحاول ممارسة نفوذ دبلوماسي رفيع المستوى لحبس أولئك الذين يقفون ضد آلتها الحربية”، مشيرة إلى أن المراسلات “تسلط الضوء على عدد كبير من التهم الموجهة إلى مئات النشطاء بما في ذلك التآمر كنوع من الابتزاز والتهديد بإلحاق الضرر الجنائي”.
قامت حركة “بال آكشن” باستهداف شركة “إلبيت سيستمز”، التي تأسست عام 1966، مراراً وتكراراً، وذلك لقيامها بتصنيع الطائرات بدون طيار والتي تقول الحركة أنها “عملت على اختبارها على أرض الواقع في غزة”، من أجل تسويقها على الصعيد الدولي
بعد الكشف عن الوثائق والمراسلات، دعا مركز العدل الدولي للفلسطينيين، ومقره لندن، المملكة المتحدة إلى “إدانة التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية وعدم إعطاء الأولوية للعلاقات الدبلوماسية على سيادة البلاد”.
ومن جانبها، قالت اللجنة الدولية للعدالة الجنائية في بيان لها أن “السفارة الإسرائيلية لديها نمط تاريخي في محاولة تقويض الديمقراطية البريطانية، وهذا التكتيك يشكل جزءًا من استراتيجية أكبر لترهيب وإسكات منتقدي إسرائيل في المملكة المتحدة”.
يذكر أنه في عام 2021، تم القبض على مؤسسي مجموعة هدى عموري وريتشارد بارنارد بموجب قانون الإرهاب، وقتها أكد متحدث باسم السفارة الإسرائيلية لصحيفة الغارديان أنها “لن تتدخل تحت أي ظرف من الظروف في الإجراءات القانونية في المملكة المتحدة”، مضيفًا أنه “كجزء من عملها، تعمل سفارة إسرائيل على رفع الوعي بشأن الهجمات ضد الكيانات المرتبطة بإسرائيل”.
لقد قامت حركة “بال آكشن” باستهداف شركة “إلبيت سيستمز”، التي تأسست عام 1966، مراراً وتكراراً، وذلك لقيامها بتصنيع الطائرات بدون طيار والتي تقول الحركة أنها “عملت على اختبارها على أرض الواقع في غزة”، من أجل تسويقها على الصعيد الدولي.
وفي ديسمبر عام 2021، تمت تبرئة 3 نشطاء من الحركة من تهم جنائية، بسبب قيامهم بتلطيخ جدران الشركة باللون الأحمر، في قرار اعتبرته الحركة تاريخياً آنذاك!
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)