أطلقت إسرائيل، يوم الأربعاء، موجةً جديدة من الغارات الجوية على قطاع غزة، أسفرت عن مقتل أكثر من 100 فلسطيني، نحو نصفهم من الأطفال، في أكبر خرقٍ لاتفاق وقف إطلاق النار حتى الآن.
ولتبرير هجماتها، زعمت إسرائيل أن حركة حماس انتهكت شروط الاتفاق، بينما نفت الحركة الاتهامات الإسرائيلية، مؤكدةً التزامها الكامل ببنود الهدنة.
في المقابل، انتهكت إسرائيل العديد من بنود الاتفاق، من بينها استمرار القيود على دخول المساعدات الإنسانية، وإبقاء معبر رفح مغلقًا، وشن غارات جوية متكررة. ومنذ بدء وقف إطلاق النار، قُتل 211 فلسطينيًا على الأقل في سلسلة من الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة، بحسب وزارة الصحة في غزة.
وتبقى الإمدادات الطبية والوقود والمواد الأساسية شحيحة للغاية داخل القطاع المحاصر.
في هذا التقرير، يرصد موقع ميدل إيست آي تسلسل الانتهاكات الإسرائيلية التي سبقت قصف الأربعاء الدامي.
قتل يومي منذ بداية الهدنة
فور دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في 11 أكتوبر/تشرين الأول، بدأت إسرائيل بانتهاكه بشكل شبه فوري.
ففي 14 أكتوبر، أي بعد يوم واحد فقط من تبادل الأسرى الأحياء، قتلت القوات الإسرائيلية سبعة فلسطينيين على الأقل في غارات نفذتها الطائرات المسيّرة وقصف مدفعي، وفقًا لمصادر محلية، إذ كان المستهدفون يتفقدون منازلهم المدمّرة.
وشكّلت تلك الهجمات خرقًا صريحًا للاتفاق الذي نصّ بوضوح على أن “جميع العمليات العسكرية، بما في ذلك القصف الجوي والمدفعي والاستهداف المباشر، ستتوقف بالكامل”.
وادعت إسرائيل أنها استهدفت أشخاصًا تجاوزوا ما يُعرف بـ “الخط الأصفر” وهو خط انتشار الجيش المتفق عليه، بعد إطلاق طلقات تحذيرية.
وخلال أسبوع واحد، قتلت إسرائيل 35 فلسطينيًا على الأقل بذريعة مشابهة.
وفي 19 أكتوبر، قُتل جنديان إسرائيليان في هجوم بمدينة رفح الخاضعة لسيطرة إسرائيل، ولم تُعلن أي جهة فلسطينية مسؤوليتها عنه.
ورغم نفي حماس أي علاقة لها بالحادثة، شنت إسرائيل غارات انتقامية مكثفة على أنحاء القطاع أسفرت عن مقتل نحو 45 شخصًا قبل أن تستأنف التهدئة في اليوم نفسه.
لكن الانتهاكات تواصلت بعد ذلك، إذ استشهد مزيد من الفلسطينيين بذريعة تجاوز “الخط الأصفر”.
وفي 25 أكتوبر، قتلت إسرائيل رجلًا في وسط غزة داخل نطاق المناطق المدنية وليس خارج الخط المتفق عليه، ما وسّع نطاق خروقاتها للاتفاق.
ورغم ذلك، لم ترد حماس أو الفصائل الفلسطينية عسكريًا، مطالبةً الوسطاء بالتدخل.
وفي الثلاثاء الماضي، قُتل جندي إسرائيلي في هجوم آخر برفح، نفت حماس أي علاقة به، بينما أكدت مصادر عسكرية إسرائيلية لوسائل إعلام عبرية أن لا دليل يربط الهجوم بقيادة الحركة، وأنه وقع بعد أن شرع الجنود في تفجير نفق كان داخله مقاتلون.
وبحلول ذلك الوقت، كانت القوات الإسرائيلية قد ارتكبت 125 خرقًا للهدنة، وفق إحصاءات المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، تضمنت 52 عملية إطلاق نار و55 عملية قصف مدفعي وتسع توغلات داخل مناطق مدنية، إضافة إلى اعتقال 21 فلسطينيًا على الأقل.
وفي الأربعاء الأخير، نفذت إسرائيل أعنف سلسلة غارات جوية منذ بدء وقف إطلاق النار، ما أدى إلى مقتل 104 أشخاص، بينهم 46 طفلًا.
وبذلك، ارتفع إجمالي عدد الشهداء منذ سريان الهدنة إلى 211 فلسطينيًا.
ومنذ بدء الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بلغ عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة 68,643 شهيدًا وأكثر من 170 ألف جريح، معظمهم من المدنيين، وفق بيانات عسكرية إسرائيلية مسربة.
انتهاكات إسرائيلية أخرى
إلى جانب الهجمات العسكرية، استخدمت إسرائيل ذريعة تأخر تسليم جثامين الأسرى الإسرائيليين لتبرير تصعيدها الأخير.
فقد ادعت أن حماس أخلّت بالاتفاق بتأخرها في إعادة الجثامين، إلا أن الاتفاق الذي رعته مصر لم يحدد مهلة زمنية لذلك، بل نص فقط على أن يتم التسليم “في أقرب وقت ممكن”.
حتى الآن، أعادت حماس جميع الأسرى الأحياء البالغ عددهم 20، إضافة إلى 15 جثمانًا.
وفي الثلاثاء الماضي، أعلنت الحركة أنها عثرت على جثتين إضافيتين كان من المقرر تسليمهما في اليوم نفسه، إلا أن القصف الإسرائيلي حال دون ذلك.
وأكدت الحركة أنها لم تنتهك بنود الاتفاق وأنها تبذل قصارى جهدها لتسليم الجثامين، لكنها أشارت إلى أن العملية تتطلب معدات ثقيلة تمنع إسرائيل دخولها، فضلًا عن أن أماكن بعض الجثث لا تزال مجهولة بعد مقتل الحراس الذين كانوا يشرفون عليها.
واستغلت إسرائيل هذا التأخير المزعوم لتبرير الغارات وفرض عقوبات جماعية على سكان القطاع.
كما امتنعت إسرائيل عن السماح بدخول 600 شاحنة مساعدات يوميًا، وهو ما نصّ عليه الاتفاق، ما أدى إلى نقص حاد في الإمدادات الطبية والغذائية، بينما يعيش النظام الصحي في غزة حالة انهيار شبه تام منذ إعلان المجاعة عقب الحصار في أغسطس الماضي.
وفي 18 أكتوبر، أعلنت إسرائيل أنها ستُبقي معبر رفح مغلقًا حتى إشعار آخر، في خرقٍ إضافي للاتفاق، رغم أنه كان من المفترض إعادة فتحه بعد ثلاثة أيام من بدء الهدنة للسماح بحرية تنقل الفلسطينيين.
ويُغلق المعبر فعليًا منذ مايو 2024، ما يحتجز آلاف الجرحى داخل القطاع ويمنعهم من تلقي العلاج في الخارج، فيما أفادت وزارة الصحة الفلسطينية أن 983 مريضًا توفوا أثناء انتظارهم تصاريح السفر لتلقي العلاج.
للإطلاع على النص الأصلي من (هنا)








