بقلم محمد سلامي
ترجمة وتحرير نجاح خاطر
خلق الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل في وقت سابق من هذا الشهر تساؤلات في أوساط الكثيرين عما قد يأتي بعد ذلك، علماً أن هجوم إيران كان قد جاء في أعقاب اغتيال إسرائيل لكبار القادة السياسيين والعسكريين في حماس وحزب الله وإيران.
لقد أوفى الهجوم بتعهد إيران المتأني بالانتقام لعمليات الاغتيال الإسرائيلية، وبالتالي فقد هدأ من وطأة المخاوف المحلية بشأن عواقب التقاعس عن الرد، لكنه أثار في المقابل مخاوف بشأن الرد الإسرائيلي الوشيك.
وقد هيمن التحدي على المزاج السائد في طهران، حيث تعهد المسؤولون الإيرانيون بالرد على أي هجوم إسرائيلي، وقال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في وقت سابق من هذا الشهر: “سنرد بقوة أكبر وبقسوة إذا ردت إسرائيل علينا”.
وذكر مسؤول إيراني آخر أن طهران أبلغت واشنطن، عبر وسيط، أن أي هجوم إسرائيلي على إيران سيقابل “برد غير تقليدي” يتضمن استهداف البنية التحتية الإسرائيلية.
وحذر الجنرال حسين سلامي، القائد العام للحرس الثوري الإسلامي، الإسرائيليين مخاطباً إياهم بالقول: “نقول لكم إذا ارتكبتم أي عدوان ضد أي موقع، فسنهاجم نفس الموقع الخاص بكم بشكل مؤلم”.
ويشير المراقبون إلى أنه في حال قامت إسرائيل بالرد، فإن إيران سوف تضطر إلى تحمل الهجوم بمفردها بينما تواصل الولايات المتحدة وشركاؤها الأوروبيون دعمهم لإسرائيل.
وخلال العام الماضي، ساعد الغرب إسرائيل وشجعها على شن حرب إبادة جماعية ضد غزة، وقد امتدت الحرب الآن إلى لبنان، لكن حلفاء إيران الاستراتيجيين، روسيا والصين، لا يزالون غامضين في مواقفهم، وغالباً ما يرهنون حسابات تحركاتهم اللاحقة بمصالحهم الوطنية.
نقاط الضعف الإيرانية
بعد وقت قصير من الهجوم الصاروخي الإيراني، تعهدت إسرائيل بالرد، وقال رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو في بيان: “إيران لا تفهم تصميمنا على الدفاع عن أنفسنا”.
أما في طهران، فجرى بحث عدد من السيناريوهات حول كيف يمكن أن يبدو الهجوم الإسرائيلي وما قد يستهدفه: من التخريب السيبراني إلى مهاجمة القواعد العسكرية وضرب البنية التحتية المدنية.
وقد تختار إسرائيل ضرب المواقع البتروكيماوية، أو اغتيال المزيد من المسؤولين العسكريين والقادة الإيرانيين رفيعي المستوى أو حتى استهداف المنشآت النووية.
وقال بهروز كمالوندي، المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، إن الهجوم الإسرائيلي على المواقع النووية في البلاد أمر غير محتمل، ولكن إذا حدث ذلك، فإن أي ضرر يمكن “تعويضه بسرعة”.
وحذر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي دول الخليج من أن سماحها لإسرائيل أو الولايات المتحدة باستخدام أجوائها أو قواعدها ضد إيران، فإن طهران سترد على ذلك.
من ناحية أخرى، رفض الجنرال علي فدوي، نائب القائد العام للحرس الثوري الإيراني، التهديد الذي وجهته إسرائيل لبلاده، قائلاً: “هذه الأرض صغيرة (دولة إسرائيل) إنها ليست حتى بحجم إحدى المحافظات الصغيرة في إيران”.
وفي نهاية المطاف، فسوف يعتمد رد إسرائيل على التقييمات المستقبلية والتعاون الأمريكي، ولكن إلى جانب نوع ونوعية ردها، فقد بينن عشر سنوات من المواجهات بين الطرفين أن إيران كانت دوماً هي من يتلقى الضربات الإسرائيلية.
وعلى جبهة التخريب السيبراني، تمكنت مجموعة مرتبطة بإسرائيل من اختراق أنظمة التزود بالوقود في محطات الوقود في مدن عدة في مختلف أنحاء إيران، كما اتُهمت إسرائيل بتنفيذ هجوم سيبراني متطور على منشأة ميناء الشهيد رجائي.
وعندما يتعلق الأمر بالاغتيالات، فقد قتلت إسرائيل علماء نوويين ومسؤولين عسكريين إيرانيين، وفي ضربة هائلة، اغتالت رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس إسماعيل هنية أثناء حلوله ضيفاً على الدولة في طهران خلال الصيف الماضي.
ويعد اغتيال الجنرال حسن طهراني مقدم عملية أخرى جديرة بالانتباه، فهو والد برنامج الصواريخ الإيراني، وقد تم اغتياله في انفجار هائل في قاعدة عسكرية خارج طهران عام 2011، كما سرقت إسرائيل وثائق حاسمة وخربت منشآت نووية إيرانية.
“الحرب النفسية”
إن من شأن الهجوم الإسرائيلي على البنية التحتية الصناعية والحضرية، بما في ذلك المنشآت النفطية، أن يخفض من خطر إثارة حرب شاملة مع إيران مقارنة بالعواقب المحتملة المترتبة على توجيه ضربة إلى المواقع النووية في البلاد.
ويعد الوصول إلى المنشآت النفطية الإيرانية، مثل ميناء عسلوية ومحطة جزيرة خرج، أكثر سهولة لأنها تقع في جنوب البلاد، كما أن الحريق الهائل الناجم عن هجوم إسرائيلي من شأنه أن يولد تغطية إعلامية كبيرة.
يتطلب ضرب المنشآت النووية الإيرانية، الواقعة في أعماق الأرض وفي المنطقة الوسطى من البلاد جهداً عسكرياً كبيراً من جانب إسرائيل والوصول إلى القنابل الأمريكية “الخارقة للتحصينات”، لكن الرئيس الأمريكي جو بايدن عارض فكرة الهجوم الإسرائيلي على المواقع النووية الإيرانية
كما أثار دور إدارة بايدن في الصراع ردود فعل من المسؤولين الإيرانيين، حيث قلل وزير الدفاع الإيراني، العميد عزيز ناصر زاده، من أهمية نشر الولايات المتحدة مؤخراً لنظام ثاد المضاد للصواريخ على ارتفاعات عالية في إسرائيل واعتبر “حربًا نفسية”، قائلاً إنه “ليس شيئاً جديداً” ولا يثير “مشكلة محددة”.
وأضاف وحيد أحمدي، عضو لجنة الأمن القومي البرلمانية الإيرانية، أن إيران “لديها القدرة على ضرب” نظام ثاد.
كما نشأت تكهنات حول استهداف إسرائيل لمنشأة جزيرة خرج الإيرانية، والتي يُقال إنها مصدر حوالي 95% من صادرات النفط الإيرانية، بالإضافة إلى إمكانية استهداف المصافي المشاركة في إنتاج البنزين، حيث من المرجح أن تعتبر إسرائيل إيران أكثر عرضة للخطر إذا ما هوجم هذا القطاع، ولن يكون نظام الدفاع الجوي الإيراني قادراً على إحباط هجوم إسرائيلي كامل النطاق.
وبشكل عام، فإن الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل كان إجراءً فعالاً لإرضاء شريحة من السكان الإيرانيين، ولكن خطر رد إسرائيل وضع البلاد على شفا حرب شاملة، وفيما لا يزال الغموض يكتنف كيفية الرد الاسرائيلي، فإن المزاج السائد في طهران هو روح التحدي.
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)