كيف فشلت حكومة المملكة المتحدة في حماية الحقوق الدينية للمسلمين؟

بقلم جون هولموود

ترجمة وتحرير نجاح خاطر

يُضاف قرار المحكمة العليا الأخير الذي أيد حظر الصلاة في مدرسة ميكايلا المجتمعية في ويمبلي، إلى قائمة محبطة من الحالات التي يتم فيها إثارة مخاوف الآباء المسلمين بشأن تعليم أطفالهم، وتشمل الأمثلة الأخرى قضية حصان طروادة واحتجاجات أولياء الأمور في برمنغهام حول تدريس قضايا المثليين.

ويُتهم “المسلمون المتشددون” بتهديد “الاندماج” وتقويض مديري المدارس الناجحين، فيما تجد الحكومة نفسها مدعوة إلى دعم مدراء المدارس واتخاذ تدابير لمنع تكرار مثل هذه الأحداث مرة أخرى.

تملك مدرسة ميكايلا رصيداً جيداً ومشهوداً له من النجاح الأكاديمي، وقد وصفت مديرة المدرسة كاثرين بيربالسينغ مدرستها بأنها المدرسة الأكثر صرامة في بريطانيا، لكن هناك مدارس أخرى ناجحة لا تطبق مثل هذا النظام الصارم، بما فيها مدرسة بارك فيو، التي كانت في قلب قضية حصان طروادة.

ولكن لماذا واجهت مدرسة ميكايلا مثل هذه المشكلة في وضع الترتيبات اللازمة لصلاة التلاميذ المسلمين؟ علماً بأن 90% من طلابها من الأقليات العرقية، ونصف الطلاب مسلمون، كما أنه يتم توفير مرافق خاصة بالصلاة في العديد من المدارس الناجحة الأخرى التي لديها هذا النوع من توزيع الطلاب.

تم إبلاغ المحكمة أنه من الصعب لوجستياً توفير مكان خاص لصلاة التلامذة المسلمين، والأهم من ذلك أن توفير المصلى سيعتبر مخالفاً لـ “روح” المدرسة، وقيل للقاضي أن ميكايلا هي “مدرسة ثانوية علمانية مجانية للبنين والبنات” وأن روحها تنطوي على “تعزيز الاندماج بقوة”.

يتضمن ذلك علاقات هرمية صارمة بين التلاميذ والمعلمين، مع شكل صارم جدًا للتدريس، كما تطبق قواعد صارمة أيضاً على فترات الراحة والغداء، بما في ذلك “قاعدة الأربعة”، حيث لا يمكن لأكثر من أربعة تلاميذ التجمع للتواصل الاجتماعي، حيث يتدخل المعلمون للتأكد من أن المجموعات مختلطة عرقياً ودينياً.

ليس من الواضح ما إذا كان من شأن السماح بالصلاة، كلحظة للتأمل والتفاني بصحبة الآخرين، أن يقوض الأهداف الجوهرية لسياسة المدرسة، ومما يثير القلق أن بيربالسينغ اعتبرت الصلاة شكلاً من أشكال الفصل العنصري الذي عارضته سياسة الاندماج التي اتبعتها.

العبادة الجماعية

واتهمت المدعية، وهي تلميذة تم تحديد هويتها في وثائق المحكمة باسم TTT، المدرسة بانتهاك الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان وقانون المساواة لعام 2010، ودائماً ما كان هذا الأمر صعباً في ضوء عدم رغبة المحاكم المعترف بها في دعم الحقوق الجماعية ضد حقوق الفرد.

واتبع القاضي السوابق ليجادل بأنه نظراً لأن التلميذة التحقت بالمدرسة طوعاً وكانت قادرة من الناحية النظرية على الانتقال إلى مدرسة أخرى، فإن حقوقها لم تتعرض للانتهاك.

ولكن هل كان هناك ثمة شيء مفقود في الطريقة التي سارت بها القضية، وهو الأمر الذي يفسر لماذا لا تواجه العديد من المدارس الأخرى مشكلة في تلبية متطلبات الصلاة للتلاميذ المسلمين وتوفير المرافق؟

فقد أشارت مديرة المدرسة والمعلقون المدافعون عنها إلى كون المدرسة علمانية في دفاعها عن منع الصلاة، لكن لا توجد مدارس حكومية علمانية في إنجلترا

وما غاب عن هذه القضية هو أي مناقشة حول إلزام المدارس الإنجليزية بتوفير التعليم الديني الإلزامي وأعمال العبادة الجماعية اليومية، والتي ينبغي أن تكون من الديانة المسيحية وإن كانت غير طائفية.

ومع ذلك، فإن التوجيه واضح وطويل الأمد: “يجب أن تهدف العبادة الجماعية في المدارس إلى توفير الفرصة للتلاميذ لعبادة الله، والنظر في القضايا الروحية والأخلاقية واستكشاف معتقداتهم الخاصة”.

يجوز للوالدين سحب أطفالهم، ويتوقع من المدرسة توفير ترتيبات بديلة للتلاميذ الذين تمنعهم معتقداتهم الدينية (أو غيرها) من الاندماج، ويمكن للمدرسة أيضاً أن تتقدم بطلب للحصول على إذن للعبادة غير المسيحية، مثل العبادة الإسلامية، وربما كان من المتوقع أن مدرسة ميكايلا كانت ستفعل ذلك لاستيعاب الالتزامات الدينية المختلفة لتلاميذها، لكن ذلك لم يحدث.

“القيم البريطانية”

ولو كانت مدرسة ميكايلا تتبع هذا التوجيه لكان لها سابقة في توفير الصلاة، بمعنى آخر، كان سيتم الاعتراف بالحقوق الجماعية المرتبطة بالدين، ولكن ليس في الأطر القانونية المطروحة في هذه القضية.

ويشير القاضي إلى أنه وفقاً لبيربالسينغ، فإن تركيز المدرسة “ينصب على تطوير الطفل بأكمله وليس مجرد مصنع للاختبارات”، إنه تفسير غريب لفكرة “الطفل الكامل” الذي يتطلب من الأطفال ترك هوياتهم الدينية خارج بوابات المدرسة.

تبدو الصياغة مهمة عند استعراض قانون التعليم لعام 2002، الذي يطلب من المدارس تعزيز “النمو الروحي والأخلاقي والثقافي والعقلي والبدني للتلاميذ في المدرسة والمجتمع” وإعداد الطلاب “للفرص والمسؤوليات والتجارب في الحياة اللاحقة”.

وتندرج متطلبات التعليم الديني والعبادة الإجبارية تحت هذه البنود، وكذلك الأمر بالنسبة للمطلب الأحدث لتعزيز “القيم البريطانية” الذي تم تقديمه في عام 2015 بعد قضية حصان طروادة، وتتوافق سياسة “الاندماج” العدوانية التي تتبعها مدرسة ميكايلا مع السياسة الأخيرة، لكنها تبدو قاصرة فيما يتعلق بالسياسة الأولى.

ومن عجيب المفارقات إلى حد ما أن يبدو المعلقين المحافظين وكأنهم يتجاهلون المتطلبات الدينية الخاصة بالمدارس التي يؤيدونها لأن الأمر يتعلق بالآباء والتلاميذ المسلمين.

لقد تم التشهير بالآباء المشاركين في الاحتجاجات في برمنغهام حول مناهج مجتمع الميم باعتبارهم متطرفين، فيما تم إسقاط هذا المنهج بهدوء وحل محله برنامج اليونيسف للمدارس التي تحترم الحقوق، والذي يقترح توفير الصلاة لمساعدة التلاميذ على فهم الاختلافات الدينية والتكامل بين الثقافات، وفي الوقت نفسه، أعربت الحكومة عن عدائها تجاه “أيديولوجية النوع الاجتماعي” في المدارس التي أيدتها سابقاً.

من الصعب قراءة وصف السياسات المتبعة في مدرسة ميكايلا دون الشك في طبيعتها الاستبدادية للغاية.

توحيد اليسار واليمين

وفيما يبدو أنه من المقبول أن تتمتع TTT بسجل أكاديمي جيد وتوصف بأنها كانت حسنة التصرف في المدرسة، إلا أنها شعرت أن منع الصلاة كان ظالماً وتحدته، ولهذا السبب، عاقبتها المدرسة بطرق شتى تشمل استبعادها لعدة أيام والعزل في وحدة الإحالة بالمدرسة عند عودتها.

كما شككت المدرسة في ادعاء الطالبة واعتبرت الاستبعاد الأول ناجم عن تحديها لمعلم قطع صلاتها، حيث قرر القاضي أن هذا يعد انتهاكاً خطيراً لقانون المدرسة بحيث لا يمكن التشكيك في تعليمات المعلم.

وكانت المناسبة الثانية، التي تضمنت تبادل تهديد مع زميل لها كان يصلي أيضًا في المدرسة، حيث وجد القاضي أن المدرسة فشلت في التعامل مع مخاوف TTT بشكل صحيح في التحقيق الذي أجرته، وأن بعض ادعاءاتها كانت مضللة.

وأثناء المحادثة، التي سألت فيها إحدى الطالبات TTT عن الإجراء القضائي الذي اتخذته ضد المدرسة، “قالت الأخيرة مازحة إنها إذا أخبرت أي شخص عن محادثتهما فسوف يتعين عليها قتلها”، أدرك القاضي، وليس صحيفة الديلي ميل على ما يبدو، أن هذه كانت مزحة.

وعلق وزير التجارة كيمي بادينوش قائلاً: “قانون المساواة هو درع، وليس سيفاً، ويجب عدم تهديد المعلمين لإجبارهم على الخضوع”، ويبدو أنه لا يوجد درع يحمي المسلمين في إنجلترا أو حقوقهم في التعبير الديني، وهذا هو الحال حتى عندما يُقال إن هذا الأخير جزء أساسي من تعليم الأطفال.

وقد يظهر اليسار الإنساني الليبرالي واليمين المحافظ في معسكرين متعارضين حول دور الدين في الحياة العامة، ويجد المسلمون أنفسهم عالقين في المنتصف، حيث يجادل كل جانب ضد “التنازلات” المزعومة لمشاعر المسلمين في المدارس، وبالنسبة لليسار الإنساني الليبرالي، فهو مثال على الدور غير المبرر للدين في المدارس، بينما بالنسبة لليمين المحافظ، فهو مثال على الدور غير المبرر للتعددية الثقافية.

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة