كشفت وثائق عرضتها صحيفة الغارديان البريطانية النقاب عن إنفاق دولة الاحتلال لملايين الدولارات على حملات تهدف إلى تشكيل التشريعات الأمريكية والحوارات الجامعية حول إسرائيل وفلسطين.
ووفقاً لوثائق برلمان الاحتلال “الكنيست”، فقد أشرف وزير شؤون الشتات عميخاي شيكلي على صرف 32 مليون شيكل (8.6 مليون دولار) في تنظيم أكثر من 80 برنامجاً لإعادة إطلاق منظمة Voices of Israel.
ومنذ انطلاق عدوان الاحتلال على غزة في 7 تشرين الأول/أكتوبر، أخذت Voices of Israel تساعد المنظمات غير الربحية وغيرها من المؤسسات على قمع الآراء المؤيدة لفلسطين في الجامعات الأمريكية ومؤسسات الإعلام والهيئات التشريعية.
وسبق لمنظمة Voices of Israel أن نظمت حملات من أجل سن قوانين محلية لمعاقبة الأمريكيين الذين يشاركون في أنشطة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) ضد الاحتلال.
وقد وصف سفير الاحتلال السابق لدى الولايات المتحدة جلعاد إردان منظمة Voices of Israel المعروفة سابقًا باسم Concert، بأنها “وحدة كوماندوز للعلاقات العامة”، وأعلن موقعها على الإنترنت أن هدفها الأساسي يتمثل في “تعزيز صورة إسرائيل”.
وقد استشهدت جلسة الاستماع التي عقدها الكونجرس لرئيسة جامعة هارفارد السابقة كلودين جاي بأبحاث من إعداد واحد من أكبر المؤسسات التي تمولها المنظمة وهو معهد دراسة معاداة السامية والسياسة العالمية (ISGAP).
في كانون الثاني/يناير، استقالت غاي بعد ضغط عنيف من الجماعات الداعمة للاحتلال بسبب مزاعم تسامحها مع معاداة السامية.
في وقت سابق، زعم مدير منظمة ISGAP تشارلز سمول في جلسة استماع في كنيست الاحتلال أن منظمة طلاب من أجل العدالة في فلسطين، وهي منظمة مظلة للنشاط المؤيد لفلسطين بما في ذلك معسكر جامعة كولومبيا، كانت بمثابة “القوات المسلحة” لجماعة الإخوان المسلمين.
ودعت مجموعة CyberWell، التي يرأسها مسؤولون من Voices of Israel وقادة سابقون في استخبارات الاحتلال العسكرية، شركة Meta، الشركة الأم لفيسبوك وإنستغرام، إلى قمع شعار “من النهر إلى البحر، فلسطين ستتحرر”.
ظهر نشاط الضغط والمناصرة لدولة الاحتلال أيضاً من خلال منظمة Mosaid United، التي قال رئيسها إنها ستحصل على 48 مليون شيكل (13 مليون دولار) من حكومة الاحتلال هذا العام.
وتعد منظمة Mosaid United واحدةً من الجهات المانحة لـ Hillel International، أكبر منظمة جامعية يهودية في العالم.
وعرض الرئيس التنفيذي لـ Hillel إنجازات المنظمة أمام برلمان الاحتلال وكانت تشمل التأثير على رئيس معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لتعليق فصل “طلاب من أجل العدالة في فلسطين”.
ويتطلب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب في الولايات المتحدة الإفصاح من المجموعات التي تتلقى تمويلاً أجنبياً، لكن لم يتم تسجيل أي من المنظمات المذكورة في تقرير الغارديان بموجب القانون.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، كشفت صحيفة نيويورك تايمز أن وزارة شؤون الشتات في دولة الاحتلال نفذت حملة على وسائل التواصل الاجتماعي بقيمة 1.6 مليون جنيه إسترليني (2 مليون دولار) تستهدف المشرعين الأمريكيين لدعم الاحتلال.
وقد قامت شركة التسويق السياسي Stoic التي تعاقدت الوزارة الإسرائيلية معها بإنشاء 600 حساب مزيف ونشرت 58000 منشور، وتداولت محتوى تم إنشاؤه بواسطة ChatGPT يشيد بالاحتلال وينتقد وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
كما تمت دعوة العشرات من الشركات الناشئة الأخرى في مجال التكنولوجيا لتصبح “جنوداً رقمية” و “محاربين من أجل إسرائيل”، وفقاً لرسائل وتسجيلات اجتماعات الوزارة.
ونشطت المنظمات المدعومة من دولة الاحتلال في العمل على صياغة التشريعات المتعلقة بمعاداة السامية، وفقاً لشهادة قادتها في برلمان الاحتلال.
ففي كانون الثاني/يناير، ناقشت لجنة برلمانية إسرائيلية فكرة تشجيع البلدان على تبني تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست لمعاداة السامية واعتبرت أن ذلك يشكل أولوية استراتيجية لإسرائيل.
وقد اتُهم تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست المثير للجدل بالخلط بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية.
وقال المدير الإداري لـ ISGAP وضابط الاستخبارات الإسرائيلي السابق العميد سيما فاكنين جيل للكنيست أن التأثير على السياسة الأمريكية على مستوى الولاية والمستوى المحلي أسهل من فعل ذلك على مستوى الحكومة الفيدرالية.
وقد سنت ولايات جورجيا وكارولينا الجنوبية وساوث داكوتا قوانين تدون تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست في قوانين جرائم الكراهية.
ورغم ذلك، أقر مجلس النواب الأمريكي مشروع قانون يدون تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست في قانون، وفي حال إقراره من مجلس الشيوخ، فإن مشروع القانون سيسمح لوزارة التعليم بتقليص الانفاق على الحرم الجامعي الذي يُنظر إليه على أنه معاد للسامية.