أكد سياسيون وخبراء بريطانيون أن المملكة المتحدة يمكنها أن تلعب “دوراً حاسماً” في حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، لا سيما من خلال إقناع الولايات المتحدة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية.
واقترح وزير الخارجية ديفيد كاميرون الشهر الماضي إمكانية اعتراف المملكة المتحدة وحلفائها بالدولة الفلسطينية كجزء من جهد دبلوماسي نحو حل الدولتين.
ويتناقض هذا المقترح بشكل واضح مع المواقف التقليدية البريطانية التي تربط الاعتراف بالدولة الفلسطينية بإتمام مفاوضات الحل النهائي.
وأبلغ العديد من الخبراء لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان البريطاني أن من شأن مثل هذه الخطوة أن تخلق توازن قوى أكثر ملاءمة لصنع السلام.
فقد أكد غيرشون باسكن، الرئيس المشارك لمركز إسرائيل/ فلسطين للأبحاث والمعلومات أن ” المفاوضات على أساس دولتين عضوين في الأمم المتحدة مع احتلال دولة عضو لأخرى أمر غير ممكن، وهذا يغير تلقائيا ديناميكيات ومعايير تلك المفاوضات.”
وأوضح للنواب: “ لقد تحدثتم عن حل الدولتين لمدة 30 عاماً وها قد حان الوقت لإزالة الفيتو الإسرائيلي عن مسألة إقامة الدولة الفلسطينية”.
وقال باسكن إن الدول التي لم تعترف بعد بإسرائيل، عليها أن تفعل ذلك أيضاً.
من ناحيته، ذكر الرئيس المؤسس لصندوق تنمية القدس سامر السنجلاوي أنه يعتقد أن الاعتراف البريطاني بفلسطين سيعطي زخما لأي عملية سلام.
وقال السنجلاوي: “ يمكن للمملكة المتحدة أن تبدأ بعض الخطوات وتحفز الأمريكيين على اتباعها.”
واعتبر السنجلاوي أن اعتراف المملكة المتحدة والولايات المتحدة بفلسطين يمكن أن يساعد في جلب المملكة العربية السعودية إلى حظيرة الدول العربية التي قامت بتطبيع العلاقات مع إسرائيل في السنوات الأخيرة.
ووفقاً للتقديرات، فقد كانت السعودية قريبة من تطبيع العلاقات مع إسرائيل قبل هجمات حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، حيث ذكر دبلوماسيون سعوديون أن احتمال التوصل لاتفاق تطبيع لا يزال قائماً، لكنه يجب أن يؤدي إلى إنشاء دولة فلسطينية في نهاية المطاف.
ورأى العديد من الخبراء أنه يمكن للسعودية الاضطلاع بدور أساسي في عملية السلام سواء من خلال فرصة تحقيق التطبيع فضلاً عن التمويل الذي يمكن أن تقدمه لإعادة إعمار غزة.
لكن السنجلاوي حذر من أن الفرصة المتبقية لاستئناف مساعي حل الدولتين ضئيلة.
وقال: “ إذا لم يتم تنفيذ حل الدولتين قبل نهاية هذا العام، فيجب أن تقولوا وداعا لهذا الخيار، لأن الأجيال الشابة من الفلسطينيين تفكر أكثر في خيارات الدولة الواحدة.”
وكانت لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني قد عقدت جلسة استماع للأدلة يوم الثلاثاء ضمن التحقيق المستمر الذي تجريه بشأن دور المملكة المتحدة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وشدد وزير الشرق الأوسط البريطاني السابق أليستر بيرت على الدور الأساسي الذي يمكن أن تلعبه المملكة العربية السعودية، لكنه أوضح أنه أصبح من الواضح بعد السابع من أكتوبر أن القضية الفلسطينية “يجب أن تكون جزءاً من القرار وهذا أمر جيد“.
وقال بيرت إن اتفاقات أبراهيم لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية، لم تكن “الحل” للتوصل إلى حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، مشيراً إلى أنه حذر جيسون جرينبلات مبعوث ترامب للسلام في الشرق الأوسط، من التأكد من أن “صفقة القرن لن تهين الفلسطينيين أو تعتمد على المال لإحلال السلام“.
وقال الوزير السابق أن الاتفاقات قدمت تصوراً مفيداً لكيفية عمل الشرق الأوسط في المستقبل، إلا أنها تجاهلت القضية الفلسطينية وهمشتها وفقاً لرؤية بعض السياسيين الإسرائيليين.
وأشار بيرت إلى أنه: ” بالنسبة للفلسطينيين، بدا الأمر كما لو كان هذا كان تخلياً آخر عنهم من قبل الذين كانوا حولهم مباشرة”، مبيناً أن دور المملكة المتحدة كداعٍ لحل الدولتين “مهم للغاية“.
“وتابع: ” لسنا الأغنى ولا الأقوى ولا أقوى قوة عسكرية، لكن الناس يأتون إلينا بسبب تاريخنا الطويل، لم يكن الأمر جيدًا دائماً، لكننا نعرف المنطقة وموثوقون فيها”.
من جهته، قال رشيد الخالدي أستاذ الدراسات العربية الحديثة في جامعة كولومبيا، أمام اللجنة إن ” القوى العظمى بما فيها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة كانت دائماً تعترض التطلعات الفلسطينية لإقامة دولة“.
وأضاف: ” إذا كان الاحتلال غير قانوني فعليكم أن تنهوه، وإذا كانت المستوطنات غير قانونية فأوقفوا تمويلها، وهذا من شأنه أن يساعد إلى حد ما في تغيير التوازن وإقناع الإسرائيليين بعقلانية“.