كيف يمكن للولايات المتحدة أن تمنع نشوب حرب إقليمية من خلال لجم عدوان إسرائيل؟

بقلم سيد حسين موسويان

ترجمة وتحرير مريم الحمد

 قبل أيام وتحديداً في 3 يناير، قُتل و جُرح أكثر من 300 مدني بريء في هجوم إرهابي في مدينة كرمان الإيرانية، بعد تجمع حشود لإحياء الذكرى الرابعة لاغتيال قاسم سليماني في غارة جوية أمريكية.

وفي اليوم التالي، أدت غارة أخرى إلى مقتل 4 من أفراد الميليشيات العراقية وإصابة 6 آخرين في بغداد، كما ألقت السلطات العراقية باللوم على التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.

لن يكون شرق أوسط آمن أو مستقر أبداً دون التوصل إلى حل عادل وشامل، ولذلك فإن الولايات المتحدة هي الوحيدة القادرة على إرغام إسرائيل على قبول السلام

وفي يوم عيد الميلاد، قامت إسرائيل باغتيال السيد راضي موسوي، القائد الإيراني الأعلى في سوريا، ثم اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي في حماس، صالح العاروري، وذلك في انفجار في بيروت، وتسببت الحادثة باتهام رئيس الوزراء اللبناني إسرائيل بمحاولة “جرها” إلى حرب إقليمية.

حتى 3 يناير، وصل عدد الضحايا والمصابين في غزة إلى أكثر من 90,000 فلسطيني، وتم تهجير 75% على الأقل من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، ودُمرت أو لحقت بها أضرار جسيمة 335,000 منزل سكني في غزة، فيما أسقط الجيش الإسرائيلي ما يعادل 65 ألفاً من المتفجرات.

حرب إقليمية

تعرضت القوات الأمريكية في العراق وسوريا للهجوم أكثر من 100 مرة، وقام الجيش الأمريكي بتنفيذ عدة ضربات جوية انتقامية في العراق وسوريا ضد المسلحين المتحالفين مع إيران، وهذه الاشتباكات إنما تظهر مدى انتشار تداعيات الحرب في غزة على جميع الشرق الأوسط.

أشارت نائب الرئيس التنفيذي في معهد كوينسي، تريتا بارسي،  إلى أن “إسرائيل تريد توسيع الحرب إلى لبنان، ويبدو أنها ترحب بحرب مفتوحة ضد ما يسمى بمحور المقاومة، وهو يتضمن حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن والحكومة الثورية في إيران”.

لاشك أن الحرب الإقليمية ستكون كارثة على المنطقة وعلى المجتمع الدولي وحتى على إسرائيل، ولتجنب ذلك هناك حاجة إلى إجراءات متعددة لاحتواء ذلك التهديد، أولها وأهمها وقف إطلاق النار من خلال نفوذ الولايات المتحدة على إسرائيل.

وفي تصريح له، كشف اللواء الإسرائيلي المتقاعد، يتسحاق بريك، أن كل “الصواريخ والذخائر والقنابل الموجهة بدقة، كلها تأتي من الولايات المتحدة، وفي اللحظة التي يغلقون فيها الصنبور، لن يتمكن نتنياهو من الاستمرار في القتال، فالجميع يدرك أنه لا يستطيع خوض هذه الحرب بدون الولايات المتحدة”.

لقد استخدمت إدارة بايدن حق النقض ضد قرار الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار الذي عارضته 10 دول فقط من أصل 186 دولة، وذلك رغم تأكيد نشطاء أن الفلسطينيين يعيشون في ظل نظام الفصل العنصري، وأن بايدن بحاجة إلى تغيير المسار.

ثاني الإجراءات هو البحث عن سلام دائم بين إسرائيل والفلسطينيين بناء على قرارات الأمم المتحدة بشأن حل الدولتين وإنهاء 75 عامًا من التهجير والاحتلال الفلسطيني، فلن يكون شرق أوسط آمن أو مستقر أبداً دون التوصل إلى حل عادل وشامل، ولذلك فإن الولايات المتحدة هي الوحيدة القادرة على إرغام إسرائيل على قبول السلام.

الهجوم على إيران

تتلخص استراتيجية إسرائيل طويلة المدى في إقناع الولايات المتحدة بمهاجمة إيران، ففي 28 ديسمبر، كتب رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، نفتالي بينيت، في صحيفة وول ستريت جورنال يقول أن “الولايات المتحدة وإسرائيل بحاجة إلى مواجهة إيران بشكل مباشر”.

أشار تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب تقريباً 60%، وذلك من الناحية النظرية يكفي لصنع 3 قنابل نووية

تجدر الإشارة أيضاً إلى أنه في مايو 2018، ورغم امتثال إيران الكامل لخطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) على مدى 3 سنوات، إلا أن الرئيس دونالد ترامب قام بسحب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي متبعاً استراتيجية ضغط اقتصادي وسياسي وعسكري لفرض عقوبات على إيران من أجل الحصول على “صفقة أفضل”.

أما الإجراء الثالث فهو احتواء التوترات الحالية بين الولايات المتحدة وإيران، فقد كان إعادة الاتفاق النووي لعام 2015 إلى المسار الصحيح هدفًا رئيسيًا لبايدن بعد أن أنهت إيران امتثالها لخطة العمل الشاملة المشتركة بعد 3 سنوات من انسحاب ترامب، 

وتم الاتفاق بوساطة قطر وعمان، يتم بموجبه تحويل 6 مليارات دولار من الأموال الإيرانية المجمدة إلى قطر، ومن جانبها أطلقت إيران سراح 5 سجناء أمريكيين إيرانيين كجزء من الصفقة.

في الاتفاق، وافقت إيران على الحد من تراكم اليورانيوم عالي التخصيب، والسماح بزيادة عمليات التفتيش الدولية لمنشآتها النووية، ووقف هجمات وكلائها على القوات الأمريكية في الشرق الأوسط.

وفي المقابل، ُسمح لطهران بتصدير المزيد من النفط، وفك الحظر عن أموال إيران في العراق تدريجياً، إلا أن الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة أدت إلى القضاء على الاتفاق المؤقت بين إيران والولايات المتحدة.

تصادم محتوم

وافق الحزبان، الديمقراطي والجمهوري، في مجلس النواب الأمريكي على منع إيران من الحصول على مبلغ 6 مليارات دولار، وبات من الواضح أن واشنطن وطهران تسيران نحو تصادم محتوم.

من جهة، تصاعدت الاشتباكات الإقليمية، وإدارة بايدن مستمرة في إصدار عقوبات جديدة ضد إيران، فيما تواصل طهران تصعيد برنامجها النووي.

أشار تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب تقريباً 60%، وذلك من الناحية النظرية يكفي لصنع 3 قنابل نووية.

في ظل استمرار الحرب على غزة وغياب المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران والفشل في إحياء الاتفاق النووي الإيراني، فإن احتمال التصعيد الإقليمي بات أكبر مما كان عليه منذ سنوات.

يتعين على قادة الولايات المتحدة وإيران التحلي بالشجاعة اللازمة للدخول في حوار واسع النطاق للتوصل إلى اتفاق شامل، بما في ذلك إحياء الاتفاق المؤقت وخطة العمل الشاملة المشتركة وحل جميع القضايا الأخرى المتنازع عليها.

من جهة أخرى، فإن البلدان الثمانية المحيطة بالخليج الفارسي ، إيران والسعودية والعراق والإمارات وقطر وعمان والكويت والبحرين، بحاجة إلى التوصل إلى اتفاق إقليمي كبير بشأن هيكل أمني وتعاوني جديد في الخليج، يتضمن اتفاقاً نووياً إقليمياً ومنطقة خالية من الأسلحة النووية وجميع أسلحة الدمار الشامل.

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة