بقلم: عبد النور برّاح
ترجمة وتحرير: نجاح خاطر
تدفع صعوبة الحصول على التأشيرات السياحية للجزائر الكثيرين إلى التساؤل عما إذا كانت الدولة الواقعة في شمال إفريقيا مستعدة حقًا لتوسيع قطاعها السياحي!
يتشكل معظم زاور البلاد اليوم من المغتربين الذين يقدمون لزيارة عائلاتهم في الوطن بدلاً من السياح المنتظمين.
وتتضمن متطلبات دخول البلاد بتأشيرة سياحية خطاب دعوة وتفصيلاً لتواريخ السفر والحجوزات وإثبات العمل بالإضافة إلى رسوم تأشيرة لمدة 30 يومًا تبلغ قيمتها نحو 100 دولار.
وعلى الرغم من ذلك، فإن قرب البلاد من أوروبا ومناظرها الطبيعية الخلابة شجع المسؤولين مؤخراً على محاولة الانفتاح أكثر وبشكل تدريجي على السياحة وتطوير قطاعها بشكل أكبر.
ورغم بعض التحديات مثل الافتقار إلى أماكن الإقامة وأجهزة الصراف الآلي ووسائل النقل العام واقتصار اللافتات على اللغتين العربية والفرنسية، فإن الجزائر تبقى وجهة رائعة للمسافرين المغامرين الراغبين باستكشاف 1600 كيلومتر من السواحل والجبال والمتنزهات الوطنية المذهلة.
هنا، نلقي نظرة على خمسة مواقع يجب زيارتها في العاصمة.
1. القصبة
منطقة مسورة بنتها قبيلة أمازيغية على أحد التلال منذ أكثر من 1000 عام، على أنقاض مركز فونينيشي التجاري، إيكوزيوم، ونجت منذ ذلك الحين من العديد من الهجمات والقصف واسع النطاق.
تتميز المدينة القديمة اليوم بعناصر التصميم العثماني، وتشكل متاهة من الشوارع المرصوفة بالحصى والمتاجر والمطاعم والمنازل.
كانت المنطقة ذات يوم حصنًا، ولعبت دورًا رئيسيًا في إيواء الثوار خلال حرب الاستقلال الجزائرية (1954-1962)، ونظرًا لمتاهة الأزقة والطرق المتشابهة، يُنصح السياح بالسفر حول القصبة مع مرشد سياحي.
في القصبة، يمكنك قضاء ساعات في التجوال في الكثير من متاجر الحرف اليدوية والمطاعم، حيث يستمتع السكان المحليون بتناول كبد الدجاج والسردين الحار الذي يتم تقديمه مع أسافين البطاطس المقلية وسلطة الباذنجان والخبز المحمص.
وتضم القصبة عدداً من المساجد التي يعود تاريخ بعضها إلى القرن السابع عشر وتتميز بعمارة فريدة.
وعلى الرغم من تصنيفها كموقع تراثي لليونسكو في 1992، فإن المنطقة مهددة بسبب ضعف الصيانة وضغط الزيادة السكانية.
2. جامع الجزائر
يشتهر الجامع الكبير الذي صممه معماريون ألمان عام 2012 بالمئذنة الأطول في العالم وبهندسته المعمارية فضلاً عن قدرته على استضافة أكثر من 100000 مصلٍ.
يطل المسجد على البحر الأبيض المتوسط، ويضم متحفاً للفن الإسلامي ومكتبةً ومركز أبحاث يقدم معلومات عن تاريخ البلاد.
تتدلى من سقف قاعة الصلاة بالمسجد ما يُزعم أنها أكبر ثريا في العالم يبلغ وزنها 9.7 طنًا وقطرها 13.7 مترًا وتتكون من 357000 قطعة كريستالية تغمر القاعة بالضوء وإطارها مطلي بالذهب من عيار 24 المزدان بنقوشٍ إسلامية.
من الجدير قضاء بعض الوقت في داخل المسجد المزين بسبعة كيلومترات من النقوش الخطية المستوحاة من التقاليد البصرية الإسلامية في المغرب العربي.
وتشمل الزخارف وريدات وأزهارًا منمقة وزخارف تقليدية معروفة باسم كيم نعيم، جنبًا إلى جنب مع المستطيلات الرأسية والأفقية.
ويستضيف المسجد ذو المداخل المقوسة والخط العربي حول قاعات الصلاة دروسًا ومواعظ للسكان المحليين عن القرآن والعلوم الإسلامية.
ويجادل بعض الناقدين في أن مؤسس المسجد، الرئيس الجزائري الأسبق عبد العزيز بوتفليقة، شيده كمشروع باهظ الثمن باستخدام أموال دافعي الضرائب.
3. نوتردام دي أفريكا
تقع الكاتدرائية الكاثوليكية على قمة تل على الجانب الشرقي من المدينة، حيث يصل معظم الزوار بالسيارات إلى الموقع، الذي يمكنك أيضًا اختيار الوصول بالتلفريك.
تتميز الكنيسة بالعمارة البيزنطية الجديدة وقد زادت أعمال التحديث جمال نوافذها الزجاجية الملونة.
استغرق بناء الكاتدرائية 14 عامًا وافتتحت عام 1872 وتعرضت لدمارٍ جزئيٍ عام 1943 ثم في زلزال بومرداس 2003، لكنها نجت وتم تجديدها.
يُنظر إلى الكاتدرائية اليوم كرمز للتسامح الديني والعلاقة بين الأديان المختلفة في البلاد، وتثير الفسيفساء الكبيرة التي كتب عليها بالفرنسية “سيدة أفريقيا، صلّي من أجلنا ومن أجل المسلمين”، دهشة الزائرين”.
4. Le Jardin D’essai du Hamma
تتربع حديقة هاما النباتية “الاختبارية” على مساحة 72 فدانًا في حي محمد بلوزداد بالجزائر العاصمة، وهي ذات مكانة بين السكان المحليين مماثلة لتلك التي يشعر بها سكان لندن حول هايد بارك أو الطريقة التي يرى بها سكان نيويورك سنترال بارك.
وتتميز الحديقة بالمساحات الخضراء المفتوحة المورقة وأشجار النخيل والزهور التي تشكل الخلفية المثالية للصور.
تأسست الحديقة خلال فترة الاستعمار الفرنسي بهدف اختبار قدرة النباتات المستوردة على التأقلم مع مناخ البلاد.
ويمكن اليوم رؤية أكثر من 1000 نوع مختلف من النباتات في الحديقة، التي افتُتحت لأول مرة عام 1867، كما ظهرت في فيلم طرزان الشهير عام 1932.
ولكلفة دخولها اليسيرة فإن الحديقة تمثل مكانًا رائعًا للزيارة للعائلات والمجموعات الكبيرة وتوفر مكانًا هادئًا وسط المدينة الصاخبة.
5. متحف باردو الوطني
تم بناء هذا المتحف الذي عام 1927 في الأصل كقصر إقامةٍ صيفيٍ لأمير تونسي ثري قبل الاحتلال الفرنسي، و كان القصر يقع في الريف عند بنائه، ولكنه بات في قلب العاصمة الحديثة مع توسع المدينة.
تعرض في المتحف أواني المطبخ والأدوات المنزلية الأخرى التي كانت تستخدم في السابق ويضم أيضًا حماماً ومعرضاً لأعمال فنانين من شمال إفريقيا.
تم جلب بعض المنحوتات الصخرية والفخارية الموجودة في المتحف من منطقة تاسيلي إن أجر، لتقدم للزائرين مزيدًا من الإمعان في التراث التاريخي والثقافي الغني للبلاد.
ويتميز المتحف بالعمارة الأندلسية والعثمانية ومداخله مزخرفة بشكلٍ لافتٍ وفيه فسيفساء ملونة وفناء تتوسطه نافورة رخامية.
يحتفل المتحف اليوم بالتاريخ المبكر والرائع للجزائر ويحتوي على عدد من القطع الأثرية والمرئيات التي تقدم مزيدًا من المعلومات حول كيفية تطور البلاد بمرور الوقت.
للإطلاع على النص الأصلي من (هنا)