أقر البرلمان الإسرائيلي المرحلة الأولى من مشروع قانون لوقف تمويل العلاج الطبي “غير الضروري” للفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، في أحدث سلسلة من الإجراءات العقابية المتخذة ضد الأسرى.
ووصف واضعو القانون، الذي أيده 42 عضوًا في الكنيست، سياسة السجون الإسرائيلية الحالية بأنها “متساهلة بشكل غير معقول” تجاه المعتقلين الأمنيين، إلا أنهم لم يوضحوا ما المقصود بالعلاج الطبي غير الضروري.
ونقلت قناة (كان) الإسرائيلية عنهم القول إن “الخدمات الطبية التي تقدمها الحكومة للأسرى يجب ألا تتجاوز الرعاية الطبية الأساسية، ولا يوجد سبب أو منطق لتمويل علاجات تجميلية على حساب دافعي الضرائب”.
و تهدف هذه الخطوة إلى “حرمان الأسرى المتهمين بأعمال تخريبية ضد إسرائيل من الحق في تلقي تمويل للعلاجات الطبية التي تهدف إلى تحسين نوعية الحياة وتوفير الأدوية غير المشمولة في الخدمات الصحية”.
تم تقديم مشروع القانون من قبل حزب “القوة اليهودية” و حزب وزير الأمن القومي اليميني المتطرف ”إيتمار بن غفير” وحزب ”الوحدة الوطنية المعارض”.
“قتل الأسرى ببطء”
وقال زاهر بيراوي، رئيس منتدى التواصل الأوروبي الفلسطيني إن التشريع يهدف إلى “قتل الأسرى الفلسطينيين ببطء”.
وأوضح بيراوي أن مثل هذه السياسات يجري تنفيذها ضد الأسرى الفلسطينيين منذ عقود، لكنها الآن “تأخذ الشرعية من الكنيست”.
كما ينص مشروع القانون على أنه في حالات استثنائية، يجوز لوزير الأمن الوطني، بالتشاور مع وزارة الدفاع، أن يأذن بتمويل العلاج لأسباب خاصة.
وفي حال تم إقراره، يعتقد البيراوي، أنه سيكون بمثابة “تقنين للإهمال الطبي ووسيلة للعقاب أو حتى للإعدام”.
و خلال الأشهر الأخيرة، وضع بن غفير الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية نصب عينيه، فمنذ انضمامه إلى حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أواخر العام الماضي، تعهد بقمع الأسرى الفلسطينيين، الذين يعاملون معاملة حسنة، حسب ادعائه.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، أمر وزير الأمن بإغلاق المخابز التي يديرها الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية، وأصدر قرارا بمنح المعتقلين أربع دقائق فقط للاستحمام.
وبدوره، ندد رئيس نادي الأسير الفلسطيني، قدورة فارس، بالخطوة الأخيرة باعتبارها خرقا للقوانين الدولية التي تضمن “حق الأسرى في العلاج والرعاية الصحية” من قبل سلطة الاحتلال.
وفي تصريح له، قال فارس إن إسرائيل مستمرة في “تجاهل كل ما أقره النظام الدولي دون أي قلق، وفي ظل الصمت الدولي ستواصل سلطات الاحتلال ابتكار تشريعات وقوانين عنصرية”.
قدورة فارس : المصادقة على مشروع قانون يحرم الأسرى من العلاج تشريع لجريمة “القتل البطيء”
تفاصيل الخبر : https://t.co/XRXYOwjC05 pic.twitter.com/pjwryIOARE— شبكة فلسطين للأنباء (@shfanews_net) February 23, 2023
تأجيج الرأي العام
وقال يوناتان توفال، المحلل في المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية (Mitvim)، إن هذه السياسات المتعلقة بتشديد أوضاع الأسرى الفلسطينيين تهدف إلى الرد على “تصور عام بأن الأسرى الفلسطينيين يتمتعون بمعاملة جيدة نسبيًا في السجون الإسرائيلية”.
وردا على ذلك، بدأ الأسرى الفلسطينيون في السجون في جميع أنحاء إسرائيل سلسلة من أعمال العصيان المدني الجماعي للاحتجاج على الإجراءات العقابية، وستتوج هذه الإجراءات بإضراب عن الطعام في بداية شهر رمضان في أواخر مارس، حسبما أعلن الأسرى الشهر الماضي.
وذكر توفال أن تحرك بن غفير ضد الأسرى الفلسطينيين يسمح له بـ “الادعاء بأنه يفي بوعده الانتخابي لقيادة موقف أكثر صرامة بشأن القانون والنظام، خاصة وأنه يفتقر إلى أي سياسة عملية وذات مغزى من شأنها تعزيز الأمن على الأرض”.
ففي الأسبوع الأول من تشكيل الحكومة الجديدة في ديسمبر الماضي، أعلن بن غفير عن خطط لتنفيذ عدة إجراءات عقابية ضد الأسرى الفلسطينيين.
“أي تدهور في أوضاع الأسرى الفلسطينيين قد يؤجج الرأي العام في الضفة الغربية وقطاع غزة” – يوناتان توفال
يذكر أن ما يقرب من 140 سجينًا فلسطينيًا قد تم نقلهم بالفعل في الأسابيع الأخيرة إلى سجن نفحة الإسرائيلي سيئ السمعة والواقع في جنوب شرق صحراء النقب، ويشتهر السجن بظروفه المعيشية الرهيبة التي يصفها بعض المعتقلين بـ “اللاإنسانية”.
ويعتقد توفال أنه بينما لا يزال مشروع قانون الخميس بحاجة إلى اجتياز مرحلتين أخريين قبل أن يصبح قانونًا رسميا، فإن الأثر التراكمي لسياسات بن غفير يحمل مخاطر حقيقية.
وقال إن “حالة الأسرى الأمنيين الفلسطينيين هي قضية حساسة للغاية بالنسبة للفلسطينيين في جميع أنحاء الأراضي المحتلة”.
وصلت التوترات في الضفة الغربية بالفعل إلى نقطة الغليان، حيث قتلت القوات الإسرائيلية 14 فلسطينيًا على الأقل هذا الأسبوع وحده، كما قُتل 62 فلسطينيًا و10 إسرائيليين، لغاية الآن خلال هذا العام.
وقال توفال إن “أي تدهور في أوضاع الأسرى الفلسطينيين قد يؤجج الرأي العام في الضفة الغربية وقطاع غزة”.
وأضاف: “بالنظر إلى التصعيد الأخير في أعمال العنف على الأرض، فإن الضغط الإضافي الذي تمارسه الحكومة الإسرائيلية الآن على الأسرى الفلسطينيين يمكن أن يفجر الأوضاع”.