بقلم كامل حواش
ترجمة وتحرير: نجاح خاطر
إذا كانت هناك حاجة إلى دليل على أن بريطانيا تقف ضد الفلسطينيين دوماً، فهو يتمثل في “خريطة طريق العلاقات الثنائية” التي وقعها وزير خارجيتها، مايكل جوف، مع إسرائيل الأسبوع الماضي.
يحظر الاتفاق الذي يؤطر النشاط الاقتصادي عبر قانون الهيئات العامة (الشؤون الخارجية) المقاطعة (BDS) وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل.
وبإصدار هذا القانون، تقف بريطانيا مرة أخرى ضد الفلسطينيين من خلال التخطيط لانتزاع أداة سلمية أخرى يستخدمونها للمطالبة بحقوقهم في الحرية والعدالة والمساواة.
في أيار / مايو 2022، أعلنت الملكة الراحلة إليزابيث الثانية أن حكومتها ستصدر تشريعات تمنع الهيئات العامة من المشاركة في المقاطعات بذريعة أن ذلك يقوض “تماسك المجتمع”.
لم تقدم المزيد من التفاصيل في ذلك الوقت، ولكن الحكومة قدمت أخيرًا مشروع قانون مكافحة المقاطعة في 19 حزيران / يونيو على أن يذهب المقترح إلى القراءة الثانية أوائل تموز / يوليو.
تم تصميم مشروع القانون لمنع الهيئات العامة من ممارسة حقها في تنفيذ سياسات الاستثمار الأخلاقية إذا لم يُنظر إلى الأهداف على أنها تتماشى مع السياسة الخارجية للمملكة المتحدة.
وبينما كان مؤيدو فلسطين مقتنعين بأن الحكومة تريد مهاجمة حركة المقاطعة على وجه التحديد، لم يتضح مدى محاباة الحكومة لإسرائيل إلا عندما أعلن النص الفعلي لمشروع القانون.
تضمن مشروع القانون فقرة تسمي إسرائيل كدولة لا يمكن مقاطعتها، دون تحديد أي دولة أخرى بذات المواصفات.
محو صفة الاحتلال
يقتضي القانون تدخل الحكومة في القرارات التي تتخذها الهيئات العامة بناءً على احتياجاتها (الحكومة) الاستثمارية والمشتريات إذا كانت لا تتماشى مع السياسة الخارجية البريطانية.
لكن تكافؤ الفرص غاب عنه لصالح إسرائيل التي تم تخصيص إستثناءات تتعلق بها وبوجودها في الأراضي الفلسطينية المحتلة ومرتفعات الجولان المحتلة.
تساوي المملكة المتحدة من خلال هذا الاستثناء ضمنيًا بين الأراضي داخل وخارج الخط الأخضر باعتبارها منطقة واحدة لا يمكن إخضاعها للمقاطعة.
وهذا يعني أنها تساوي بذلك تل أبيب ومستوطنة معاليه أدوميم في الضفة الغربية والمستوطنات في مرتفعات الجولان.
ومن خلال هذا القانون، تمسح بريطانيا فعليًا صفة الاحتلال من خلال التعامل مع إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة ومرتفعات الجولان ككيان واحد.
وفي تناقض مع موقفها، فإن البيان الصحفي الخاص بمشروع القانون يدعي أن المملكة المتحدة لن تغير منهجها تجاه عملية السلام في الشرق الأوسط، أو موقفها من المستوطنات، “التي تعتبر غير قانونية بموجب القانون الدولي”.
هذا التحول الجريء في السياسة البريطانية يذكرنا بإعلان بلفور الكارثي، والذي وصفه حتى بوريس جونسون، خلال فترة توليه منصب عمدة لندن، بأنه “غير منسجم بشكل تراجيدي”.
يزيل مشروع القانون فعليًا “الخط الأخضر” الذي يفصل إسرائيل عن الأراضي التي تحتلها بشكل غير قانوني، بما في ذلك الضفة الغربية والقدس الشرقية ومرتفعات الجولان، ويتعاطى مع كامل الأرض بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط على أنها إسرائيل.
إذا كان يُنظر إلى كل ذلك، إلى جانب خارطة الطريق الثنائية، على أنه جزء من منفعة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وشق طريقها الخاص في العالم، فإنه لا يبشر بالخير عندما يتعلق الأمر بدعم القانون الدولي.
نفاق المملكة المتحدة
في بيانها الذي يسوغ مشروع القانون، تدمج الحكومة مباشرة بين النشاط المؤيد لفلسطين ومعاداة السامية، مدعية أن “هذه الحملات لا تقوض السياسة الخارجية للمملكة المتحدة فحسب، بل تقود إلى خطاب معادٍ للسامية وإساءاتٍ مروعة”.
ومع ذلك، فالبيان لم يقدم أي دليل على هذا الزعم، ولم يقدم للفلسطينيين أي بديل سلمي آخر للحصول على حقوقهم المشروعة.
ويقدم البيان اقتباسًا من المجموعات الموالية لإسرائيل ومنها مجلس نواب اليهود البريطانيين، ومجلس القيادة اليهودية.
ولم يسبق تقديم مشروع القانون أي نقاش مع الجاليات الفلسطينية أو السورية في المملكة المتحدة.
وهذا يؤكد، مرة أخرى، أن المملكة المتحدة تدعم إسرائيل بغض النظر عن أفعالها، بصرف النظر عن الدعوة في بعض الأحيان إلى إجراء تحقيقات عندما تقتل المدنيين بمن فيهم الأطفال، ولكنها لا تحمل أي عصا لضرب إسرائيل بها.
للإطلاع على النص الأصلي من (هنا)