بقلم نادر ضرغام
ترجمة وتحرير مريم الحمد
منذ 4 سنوات، كان قد بدا وكأن جيش بشار الأسد قد انتصر في الحرب الأهلية في سوريا، بعد أن كانت الجهات الإقليمية والدولية الفاعلة قد أخذت في إعادة تأسيس العلاقات مع الحكومة السورية، معتقدة أن الصراع قد انتهى، وأنه لم يبقَ من الأمر إلا استهداف القوات السورية والروسية لبعض جيوب مقاتلي المعارضة في الشمال الغربي في بعض الأحيان.
انفتحت الحكومة السورية على دعوة مشاهير وفلوجرز للقيام برحلات إلى دمشق وحلب ومناطق أخرى للترويج للسياحة، فيما بدا أن المخاوف الرئيسية للنظام كانت تتمثل في الضربات الإسرائيلية المتزايدة على مواقع وشخصيات تابعة لإيران وحزب الله في البلاد.
أفادت صحيفة فايننشال تايمز بأن قوات المعارضة، خاصة هيئة تحرير الشام، قد تمكنت فيما يبدو من استيعاب بعض الفصائل المتنافسة، بالإضافة إلى المنشقين عن الجيش السوري والمقاتلين الإسلاميين الأجانب وغيرهم من المعارضين الذين لا يحملون فكر هيئة تحرير الشام
لقد انهار كل هذا الهدوء النسبي عندما خسر الجيش السوري، الذي بدا مهزوماً، مدينتي حلب وحماة في أسبوع واحد بعد هجوم مفاجئ شنه مقاتلي المعارضة، الذين كان تقدمهم سلساً، فاستولوا على مساحات واسعة من الأراضي حول حلب وحماة.
واليوم مع التحرير الكامل لمدن سوريا الرئيسية بما فيها دمشق العاصمة، لماذا فشل النظام في صد تقدم المقاتلين؟
تحالف لم يعد موجوداً
بمساعدة روسيا وإيران وحزب الله اللبناني وجماعات أخرى، تمكن الأسد من استعادة العديد من المناطق الرئيسية التي خسرتها حكومته خلال السنوات الأولى من الحرب التي استمرت 13 عاماً في سوريا.
لقد تغير ذلك في السنوات الأخيرة، وانحرف حلفاء النظام السوري البائد عن دعمه بسبب أزمات أخرى، فروسيا تخوض حرباً في أوكرانيا وحزب الله قد تكبد خسائر فادحة في حربه مع إسرائيل، مما أدى إلى خوض الجيش السوري معاركه بمفرده.
ومن الجدير بالذكر أن هجوم قوات المعارضة في شمال سوريا قد بدأ في نفس اليوم الذي دخل فيه وقف إطلاق النار الهش بين حزب الله وإسرائيل حيز التنفيذ.
في حديثه لموقع ميدل إيست آي، أشار الباحث في مركز مالكولم كير كارنيجي للشرق الأوسط في بيروت، أرميناك توكماجيان، إلى أنه “في وقت سابق من الحرب، كانت ما تسمى بالقوات الحكومية عبارة عن خليط يضم الجيش والفروع الأمنية الموسعة التي تقوم بتجنيد مقاتلين إضافيين والقوات المساعدة وحزب الله والميليشيات الأجنبية الموالية لإيران وفيلق الحرس الثوري الإيراني والطيران الروسي”.
وأضاف توكماجيان: ” أما اليوم، فلم يعد هذا الائتلاف موجوداً، وهذا هو التفسير الأقرب لعدم قدرة النظام السوري على الصمود في وجه قوات المعارضة المتقدمة”.
في الوقت نفسه، أفادت صحيفة فايننشال تايمز بأن قوات المعارضة، خاصة هيئة تحرير الشام، قد تمكنت فيما يبدو من استيعاب بعض الفصائل المتنافسة، بالإضافة إلى المنشقين عن الجيش السوري والمقاتلين الإسلاميين الأجانب وغيرهم من المعارضين الذين لا يحملون فكر هيئة تحرير الشام.
تمكنت هيئة تحرير الشام أيضاً من شراء الأسلحة الأساسية بسهولة، حيث تم جلب إمدادات الأسلحة على مر السنين من تركيا وبعض الدول العربية التي حاولت في البداية دعم المعارضة.
“التحالف الذي تقوده هيئة تحرير الشام منظم ومستعد بشكل جيد، حتى أن التنظيم قام بنشر بعض الطائرات المسيرة المصنعة محلياً، والتي ربما تكون قد ساهمت في ترجيح كفة المعركة لصالحه” – أرميناك توكماجيان- باحث في مركز مالكولم كير كارنيجي للشرق الأوسط
يرى توكمايجان أن كل هذا قد حدث في الوقت الذي كانت فيه الحكومة السورية وحلفاؤها يأملون في أن تظل الاتفاقات التي تم التوصل إليها في العاصمة الكازاخستانية أستانا، والتي رعتها روسيا وإيران وتركيا، صامدة، .
كانت الاتفاقات، التي تضمنت محادثات غير مباشرة بين بعض الفصائل وحكومة النظام السوري، تحت رعاية الأمم المتحدة، تهدف إلى التوصل إلى حل سياسي من خلال وقف التصعيد، الأمر الذي تم انتقاده باعتبار المحادثات أحادية الجانب، خاصة مع انتهاك الحكومة السورية الشروط في عدة مناسبات.
يؤكد توكمايجان أنهم “كانوا مخطئين، فعلى الأرض، كانت الحقيقة البسيطة هي أن النظام كان يفتقر إلى القدرة القتالية اللازمة، خاصة مع تراجع مستمر في دعم حلفائه”.
جماعات منظمة وحرب مسيرات
عقب انسحاب قواته من حماة، قال وزير الدفاع السوري علي محمود عباس أن “ما حدث في حماة هو إجراء تكتيكي مؤقت وقواتنا لا تزال في محيط المدينة”، مدعياً أن قوات المعارضة “تحاول نشر الفوضى والمعلومات المضللة حول الوضع على الأرض”.
من جهة أخرى، فقد أظهرت لقطات فيديو من حمص الطرق السريعة المزدحمة بالسيارات وهي تغادر إلى المدن الساحلية في سوريا، حيث أن الناس كانوا يعتقدون أن مقاتلي المعارضة قد يكونون على وشك الاستيلاء على المدينة.
يرى رئيس تحرير موقع سيريا ريبورت، جهاد يازجي، أن “انهيار الجيش هو انعكاس لانهيار عام في مؤسسات الدولة السورية، فربما تكون الأزمة الاقتصادية المستمرة منذ سنوات والقمع واستمرار عدم الاستقرار، أسباب ساهمت تراجع الروح المعنوية والتنظيم في المناطق التي سيطر عليها النظام”.
وأضاف يازجي: “كان هناك شعور عميق في مناطق النظام بأنه لا توجد احتمالات لتحسن الأمور، ومن الواضح أن انهيار معنويات الجيش أمر كان يمكن رؤيته وفهمه جيداً لأي شخص يتابع الوضع في سوريا”.
وفي الجهة المقابلة، أكد توكميجان أن “التحالف الذي تقوده هيئة تحرير الشام منظم ومستعد بشكل جيد، حتى أن التنظيم قام بنشر بعض الطائرات المسيرة المصنعة محلياً، والتي ربما تكون قد ساهمت في ترجيح كفة المعركة لصالحه”.
أما مدير مشروع العراق وسوريا ولبنان في مجموعة الأزمات، هيكو ويمن، فيرى أن جيش النظام السوري ربما لم يكن مستعداً لهذا النوع من الحرب والابتكارات التي استخدمها المقاتلون، مضيفاً أن “الجيوش التقليدية التي لم تعتاد على ذلك، يكون أداؤها سيئاً للغاية عند مواجهة تلك الأساليب”.
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)