وسط تحذيرات من قبل المشرعين ومؤسسات حقوق الإنسان، اتخذت إدارة بايدن استدارةً حادةً بشأن فرض عقوبات على محكمة العدل الجنائية الدولية.
وذكر آدم وينشتاين، نائب مدير برنامج الشرق الأوسط في معهد كوينسي لفن الحكم: “لقد أدركت إدارة بايدن أن العقوبات لن تغير النتيجة وستجعل الولايات المتحدة تبدو وكأنها دولة منبوذة في نظر منطقة الشرق الأوسط”.
وأضاف: “هذا هو نوع التحرك الذي تتوقعه من دكتاتورية غير ليبرالية”.
وكان السيناتور الجمهوري ليندسي جراهام قد أخبر وزير الخارجية أنتوني بلينكن خلال جلسة استماع بمجلس الشيوخ الأسبوع الماضي أنه يريد بذل جهد من الحزبين لفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، رداً على دعوة مدعيها العام لإصدار أوامر اعتقال بحق رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت.
وفي ذلك الوقت رد بلينكن بالقول: “أرحب بالعمل معك في هذا الشأن”.
لكن البيت الأبيض تراجع يوم الثلاثاء عن هذه التصريحات، حيث قال المتحدث باسمه جون كيربي للصحفيين: “لا نعتقد أن العقوبات ضد المحكمة الجنائية الدولية هي النهج الصحيح هنا”.
وجاءت الانعطافة في الموقف الأمريكي مفاجئةً للاحتلال، حيث قال نتنياهو إنه يشعر “بخيبة الأمل” لأن إدارة بايدن لن تدعم خطوة معاقبة الجنائية الدولية.
وفي مقتطفات من مقابلة مع قناة Sirius XM في برنامج Morgan Ortagus Show المقرر بثه يوم الأحد، قال نتنياهو: “اعتقدت أن هذا لا يزال هو الموقف الأمريكي لأنه كان هناك إجماع بين الحزبين قبل بضعة أيام فقط، لكن الآن أنت تقول أن هناك علامة استفهام، وبصراحة أنا مندهش وخائب الأمل”.
ويقول المحللون إن هذا التقلب يسلط الضوء على سياسة إدارة بايدن المتشابكة بشأن غزة، حيث تكافح من أجل التوفيق بين الدعم لأقرب حليف لها في الشرق الأوسط في ظل تنامي عزلة واشنطن على المسرح العالمي.
وإلى جانب محاولة دفع الاحتلال نحو وقف إطلاق النار، فإن البيت الأبيض عالق داخل انقسام حاد في الحزب الديمقراطي بشأن الحرب على غزة.
هذا وأثارت تصريحات بلينكن بشأن فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية رد فعل من خبراء حقوق الإنسان.
فخلال الأسبوع الماضي، حذرت 121 منظمة من منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني في بيان لها الرئيس بايدن من المضي قدماً في هذا الإجراء.
وقالت المنظمات: “نحث إدارتكم على معارضة التهديدات والدعوات لاتخاذ إجراءات عقابية ضد المحكمة”.
وأردف البيان: “إن التصرف بناءً على هذه الدعوات من شأنه أن يلحق ضرراً جسيماً بمصالح جميع الضحايا على مستوى العالم وبقدرة الحكومة الأمريكية على الدفاع عن حقوق الإنسان”.
وأشار الخبراء إلى أن اقتراح إدارة بايدن بأنها ستدعم العقوبات على المحكمة الجنائية الدولية بدا أجوفاً سيما بعد أن رحب بايدن بقرار المحكمة حين أصدرت مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في آذار/مارس 2023.
وكان عدد من المشرعين الديمقراطيين المؤيدين للاحتلال قد أيدوا فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية بعد موقفها الأخير من تل أبيب.
وقال عضو الكونغرس براد شيرمان أنه يتحتم على الولايات المتحدة أن تفكر في فرض حظر على تأشيرات الدخول ضد مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية، لكن كبار المشرعين الديمقراطيين عارضوا هذه الخطوة.
وعندما سئل عن فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية رد السيناتور الأمريكي كريس ميرفي بالقول: “أنا لا أعرف حتى ماذا يعني ذلك”.
وكانت السكرتيرة الصحفية كارين جان بيير أكثر مباشرة، حين علقت بالقول إن عقوبات الكونغرس ضد المحكمة الجنائية الدولية “ليست أمراً ستدعمه الإدارة”.
وقال وينشتاين إن أي تحرك من جانب الإدارة لمعاقبة المحكمة “من شأنه أن يشكل سابقة سيئة”، مضيفاً: “هل ستعاقب الولايات المتحدة المحكمة الجنائية الدولية في كل مرة تلاحق فيها حليفًا؟”
هذت وأدت خطوة المحكمة الجنائية الدولية لطلب أوامر اعتقال لمسؤولين من الاحتلال إلى تكريس عزلة إسرائيل والولايات المتحدة دبلوماسياً.
وفي هذا السياق، وصفت دول أوروبية حليفة للولايات المتحدة وإسرائيل قرار المحكمة الجنائية الدولية بأنه ملزم ويجب احترامه.
وذهبت بعض الجهات إلى حد القول أنه سيتعين عليها تنفيذ أوامر الاعتقال في حال تم إصدار القرارات بذلك.
وذكر منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن دول الاتحاد الأوروبي ملزمة بتنفيذ قرارات المحكمة.