لماذا تعثر مقترح وقف إطلاق النار الذي أعلنه بايدن بشأن غزة؟ وهل كان مقترحاً إسرائيلياً حقاً؟! 

خلال الأسبوع الماضي، كشف الرئيس الأميركي جو بايدن عن خطة مفصلة من البيت الأبيض لإنهاء الحرب في غزة، لكن وبعد أربعة أيام، لم توقع أي من دولة الاحتلال ولا حماس على أي اتفاق.

ولأن إدارة بايدن وصفت المقترح بأنه إسرائيلي، فإن التأخر في توقيعه من جانب تل أبيب يعد محرجاً للغاية بالنسبة للولايات المتحدة.

في المرحلة الأولى من الاتفاق المقترح والذي يتكون من ثلاث مراحل، ذكر بايدن أنه سيجري وقف لإطلاق النار لمدة ستة أسابيع في غزة وانسحاب جميع قوات الاحتلال من جميع المراكز السكانية.

وخلال ذات المرحلة، ستتبادل حماس الأسرى المحتجزين لديها بمن فيهم النساء وكبار السن والجرحى بمئات الأسرى الفلسطينيين، كما سيتم إطلاق سراح المواطنين الأميركيين، وكذلك إعادة رفات القتلى، و سيتمكن الفلسطينيون أيضاً من العودة إلى “جميع مناطق غزة”.

وتشمل المرحلة الثانية تبادل جميع الأسرى الأحياء المتبقين، بمن فيهم الجنود الذكور، وانسحاب قوات الاحتلال من غزة، و ستناقش دولة الاحتلال وحماس وقف إطلاق نار دائم. 

وطالما استمرت المفاوضات، فإن وقف إطلاق النار المؤقت سيصمد ليصل إلى المرحلة الثالثة التي تتضمن إعادة الإعمار والحكم في غزة بعد الحرب.

وتبدو الخطة متطابقة تقريباً مع الخطة التي توسطت فيها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية والتي قالت حماس إنها عُرضت عليها في أوائل أيار/مايو ورفضتها دولة الاحتلال واقعياً من خلال شن العدوان على رفح.

وفيما يصرُّ المسؤولون الأميركيون على أن المقترح الأحدث قد جاء من طرف دولة الاحتلال، فإن الإسرائيليين لم يعلنوا عن تأييده بشكل قاطع.

المقترح الإسرائيلي أم الأميركي؟

وعندما سُئل عما إذا كانت الخطة التي أعلنتها الولايات المتحدة هي نفس الخطة التي اقترحتها دولة الاحتلال على حماس، أجاب المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي يوم الاثنين: “لا أعرف أي ثغرات يمكن التحدث عنها”.

وأضاف كيربي: “نحن على ثقة من أن وصف بايدن يعكس بدقة هذا المقترح الذي عملنا عليه مع الإسرائيليين”.

بالنسبة للولايات المتحدة، فإن المشكلة تكمن في أن حماس ودولة الاحتلال وشركاء واشنطن العرب لا يصدقون تأكيد البيت الأبيض أن هذه الخطة جاءت من طرف حكومة نتنياهو.

فقد وصفت وزارة الخارجية القطرية يوم الثلاثاء خطة وقف إطلاق النار التي قدمتها لحماس بأنها “مقترح الولايات المتحدة بشأن غزة”. 

وتتوسط قطر إلى جانب مصر بين حماس ودولة الاحتلال وقد لعبت دوراً حاسماً في التوصل إلى اتفاقات وقف إطلاق نار سابقة.

وذهب المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية إلى أبعد من ذلك، مشيراً إلى أن المقترح لا يحظى بالدعم الكامل من حكومة الاحتلال.

من جانبها، ترددت تل أبيب في تأكيد ما إذا كان المقترح الذي أعلنه بايدن يمثل موقف حكومتها التي قال وزيران على الأقل فيها أنهما سينسحبان من ائتلاف نتنياهو الحكومي إذا مضى في تنفيذ الخطة.

لا يحظى وزير الأمن القومي إيتامار بن غفير ولا وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، اللذان وجها التهديد بالانسحاب، بالعضوية في مجلس الوزراء المصغر المكون من ثلاثة أعضاء، والذي يقود حرب الاحتلال على غزة. 

كما أن مجلس الوزراء مسؤول عن إعطاء تفويض لفريق التفاوض الذي يقوده رئيس الموساد ديفيد بارنياع.

لكن وزراء اليمين المتطرف في حكومة نتنياهو لم يكونوا وحدهم فقط من عكروا صفو مقترح بايدن، فقد أخبر نتنياهو البرلمانيين في الكنيست أن الرئيس الأمريكي حجب تفاصيل رئيسية حول المقترح.

حماس تريد “موقفا واضحاً”

وقال المتحدث باسم نتنياهو في مؤتمر صحفي يوم الاثنين “سيتم وقف الحرب لغرض إعادة الأسرى، وبعد ذلك سنمضي في المزيد من الحوارات، هناك تفاصيل أخرى لم يعرضها الرئيس الأمريكي على الجمهور”.

وأضاف المتحدث أن دولة الاحتلال لن توافق على وقف إطلاق نار دائم مادامت “قدرات الحكم والعسكرة” لحماس سليمة.

ويمثل هذا الموقف خطوة تراجع إلى الوراء عن تعهد الاحتلال السابق بالقضاء التام على حماس، لكنه يتناقض مع إعلان بايدن الذي لم يربط وقف إطلاق النار بإضعاف حماس أكثر، لكنه قال أنه لن يُسمح للحركة “بإعادة التسلح”.

وزعم بايدن يوم الجمعة أن حماس أُذلت بما يكفي لإنهاء الحرب، مضيفاً: “في هذه المرحلة، لم تعد حماس قادرة على تنفيذ 7 أكتوبر جديد”.

وكان بايدن وإدارته قد عبروا في أكثر من مناسبة عن قناعتهم بأن القضاء على حماس غير ممكن، لكنهم ألقوا الآن بالضغط على الحركة للتوقيع علناً على المقترح الذي أعلنه الرئيس الأمريكي.

وقال كيربي يوم الثلاثاء: “لقد بذل جهد كبير من جانب إسرائيل لوضع هذا المقترح على الطاولة، نحن ممتنون لهذا الجهد الصادق، والآن، يتعين على حماس قبوله”.

وبعد خطاب بايدن، استجابت حماس إيجابياً للمقترح، لكن تدخلات المسؤولين الإسرائيليين في المقترح الذي وضعه بايدن جعلها أكثر حذراً. 

وإذا كان الاتفاق سيمكن دولة الاحتلال من استئناف حربها بعد استعادة الأسرى، فمن المرجح أن يرى مسؤولو حماس القليل في توقيع الاتفاق القليل فقط من المزايا.

وقال مسؤول حماس أسامة حمدان في مؤتمر صحفي في بيروت يوم الثلاثاء “طلبنا من الوسطاء الحصول على موقف إسرائيلي واضح للالتزام بوقف إطلاق النار الدائم والانسحاب الكامل من غزة”.

وبعد أربعة أيام من خطاب بايدن غير المسبوق من البيت الأبيض، يبدو أن الإدارة الأمريكية عالقة في امتلاك مقترح لم تظهر دولة الاحتلال ولا حماس أي ثقة فيه علناً.

للإطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة