بقلم إسماعيل باتيل
ترجمة وتحرير نجاح خاطر
استحال الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة منذ 16 عاماً إلى قصف متواصل أوقع آلاف الضحايا حتى بدت صور الكارثة الإنسانية الواردة من هناك مروعة وتثير المخاوف في الأعماق.
لقد أصبحت الانتهاكات الإسرائيلية مقبولةً إلى حد كبير بسبب الدعم الدبلوماسي والصريح لها من المؤسسة البريطانية وزعيم حزب العمال كير ستارمر.
ستارمر أدان بشكل لا لبس فيه قتل الإسرائيليين في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، لكنه برر استهداف إسرائيل للمدنيين بالعقاب الجماعي في غزة، هذا لا يمثل خيانة للقانون الدولي والحقوق التاريخية للفلسطينيين فحسب، بل للإنسانية أيضا.
لقد أخفق ستارمر في الاعتذار عن التعليقات التي أدلى بها مؤخرًا لقناة LBC، الأمر الذي يؤكد تأييده للعقوبات الجماعية وجرائم الحرب الإسرائيلية المحتملة، لقد صدر هذا الكلام عن أحد محامي حقوق الإنسان كصفعة على وجه كل شخص يتصف بالعدالة، بغض النظر عن دينه أو هويته العرقية، لقد قال ستارمر في وقت لاحق إن تعليقاته أسيء تفسيرها.
وقد كررت إيميلي ثورنبيري، المدعي العام في حكومة الظل لحزب العمال، تجاهل ستارمر للقانون الإنساني في برنامج نيوزنايت، في حين قال ديفيد لامي، وزير خارجية الظل، إن حزب العمال “يقف إلى جانب شعب إسرائيل” دون الإشارة إلى حماية شعب غزة.
لقد دفع تأييد قيادة حزب العمال للعقوبات الجماعية الإسرائيلية ملايين المسلمين إلى توجيه سؤال مزعج للغاية لأنفسهم: هل لدى ستارمر مشكلة مع المسلمين؟
ويأتي هذا السؤال بعد أن كشف تقرير أعدته شبكة حزب العمال المسلمين عام 2020 أن 29% من أعضاء الحزب المسلمين عانوا من الإسلاموفوبيا داخل الحزب، وأن 37% شهدوا ذلك، فيما قال 44% إن حزب العمال لا يأخذ الإسلاموفوبيا على محمل الجد.
معايير مختلفة
وفي غضون أسابيع من صدور هذا التقرير، كشف النقاب عن أن ستارمر تلقى تمويلاً لحزب العمال من ديفيد أبراهامز، الذي وُصمت منشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي باعتبارها معادية للإسلام.
وخلال عام 2021، ألغى ستارمر حفل إفطار رمضاني، لأن المنظمين دعموا مقاطعة التمور الإسرائيلية، حيث وقع أكثر من 2000 شخص على عريضة أطلقتها منظمة أصدقاء الأقصى، انتقدت فيها ستارمر لفرضه “معايير” مختلفة على المسلمين.
ووجد تقرير أصدرته شبكة العمال المسلمين عن الإسلاموفوبيا عام 2022 أن 68% من المؤيدين المسلمين لحزب العمال لا يثقون بمعالجة قيادة الحزب للإسلاموفوبيا بشكل فعال.
وبعد المقابلة مع LBC، أصدر مكتب ستارمر تحذيرا “قوياً” للنواب الذين يتحدثون في المسيرات والاحتجاجات المطالبة بالعدالة للفلسطينيين.
وأثار موقف ستارمر التوتر داخل حزب العمال، مما أدى إلى استقالة أعضاء المجالس، في حين تجاهل النواب التوجيه لعدم المشاركة في المسيرات.
خسر حزب العمال مجلس مدينة أكسفورد، مع استقالة ثمانية من أعضائه، وطلبت المجموعة العمالية في مجلس مدينة ليستر بأكملها، والتي تضم 31 عضوًا، من جميع زعماء الأحزاب الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار وإنهاء الحصار على غزة، كما حظيت الدعوة لوقف إطلاق النار بتأييد 250 عضوًا مسلمًا في المجلس.
تم تسليط الضوء على تنامي الغضب ضد حزب العمال الأسبوع الماضي من قبل أحد أعضاء المجلس الذي حذر من أن الحزب لديه “يوم أو يومين” لتغيير المسار قبل أن يخرج الوضع الداخلي للحزب عن السيطرة.
اختزال متعمد
يتعلق هذا الموقف بتطبيق ستارمر الانتقائي لحرية التعبير وحقوق أولئك الذين يسعون لتحقيق العدالة لفلسطين والمسلمين البريطانيين، وقد تم تسليط الضوء على تحيزه بعد أن زار مسجدًا في ويلز ثم نشر على وسائل التواصل الاجتماعي:” لقد كررت دعواتنا للإفراج عن جميع الرهائن”.
لماذا يدعو زعيم حزب العمال إلى إطلاق سراح جميع الرهائن المسلمين وهو في المركز الإسلامي في جنوب ويلز؟ هل يحمّل المسلمين البريطانيين المسؤولية الجماعية عما يحدث على مسافة آلاف الكيلومترات؟
هذا هو الاختزال المتعمد، الذي بموجبه يوضع كل الفلسطينيين في خانة حماس التي أصبحت الآن بنظرهم تعادل الإرهاب، وفي المقابل، يُنظر إلى كل المسلمين البريطانيين ومؤيدي فلسطين باعتبارهم متعاطفين مع الإرهابيين، إن مثل هذا الاختزال يمثل تمييزًا ضد المسلمين وينتهك قواعد سلوك العمل المتعلقة بكراهية الإسلام.
وقد ظهر تأثير هذا النوع من الاختزال في العمل الأسبوع الماضي، عندما مُنع عضو البرلمان العمالي، محمد ياسين، من ركوب طائرة متجهة إلى كندا “لأن اسمه محمد”.
لقد أصبحت الإسلاموفوبيا داخل حزب العمال متفشية إلى درجة أن أبسانا بيجوم، أول نائبة مسلمة ترتدي الحجاب في البلاد، اضطرت إلى مغادرة مؤتمر حزبها بسبب التهديدات الموجهة ضدها.
كُشف النقاب عن القلق بشأن سياسات ستارمر في استطلاع كبير أجرته منظمة Muslim Census المعنية بتعداد المسلمين لـ 30 ألف مسلم موزعين على 575 دائرة انتخابية برلمانية، وأظهر انخفاضًا بنسبة 66% في تأييد حزب العمال، مما يعني أنه إذا أجريت الانتخابات الآن، فإن 4.9% فقط من المسلمين سيصوتون للحزب.
ويعد هذا انهيارًا في أداء انتخابات 2019 عندما دعم 71% من الناخبين المسلمين حزب العمال.
في عهد ستارمر، تم تجريد المسلمين من كافة الحقوق، على المستويين الوطني والدولي، وهذا الفشل في معاملة المسلمين على قدم المساواة مع المجتمعات الأخرى دفع الكثيرين إلى التساؤل عما إذا كان ستارمر لديه مشكلة مع المسلمين، وما تم استنتاجه هو أن حزب العمال تحت قيادته لم يعد بوسعه أن يبقى الموطن السياسي للمسلمين.
للإطلاع على النص الأصلي من (هنا)