بقلم فراس أبو هلال
ترجمة وتحرير نجاح خاطر
خلال الأسبوع الماضي، التقى رئيس أركان جيش الاحتلال نظراءه من خمسة جيوش عربية في البحرين، بحسب تقرير لموقع أكسيوس، وقد عقد الاجتماع بحضور القيادة المركزية الأميركية، في ظل مساعي واشنطن لوضع خطة لمستقبل ما بعد الحرب في غزة.
ورغم ذلك، فمن غير المرجح أن يخرج أي شيء قابل للتطبيق عن الاجتماع الذي عقد في سرية وضم جنرالات من البحرين والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والأردن ومصر.
إن مثل هذا التعاون بين الدول العربية ودولة الاحتلال لا يحظى بشعبية بين الشعوب العربية، حيث تظهر استطلاعات الرأي أن الغالبية العظمى من العرب، 92%، يقولون أن القضية الفلسطينية تهم العرب جميعاً لا الفلسطينيين وحدهم.
كما يصف معظم العرب الولايات المتحدة بأنها منحازة للاحتلال، معتبرين أن سياسة واشنطن ستضر بالمصالح الأميركية في المنطقة.
وتسلط مثل هذه الاستطلاعات الضوء على الفجوة بين الشعوب العربية وحكوماتها بشأن فلسطين والدور الأميركي في حرب غزة، كما تظهر أن السياسة الأميركية في الشرق الأوسط تعيش على الوهم لتجاهلها هذه الفجوة.
كان جهل الولايات المتحدة بهذه الفجوة ومنذ فترة طويلة أحد الأسباب التي أدت إلى ظهور المشاعر المعادية لأميركا في المنطقة، وسوف يكون أيضاً أحد الأسباب وراء فشل خططها لحكم غزة بعد الحرب.
تملك الولايات المتحدة تقاليد طويلة في دعم الأنظمة الاستبدادية في الشرق الأوسط، في الوقت الذي تتجاهل فيه حقوق الشعوب العربية وطموحاتها، وذلك لأن الساسة الأميركيين يعتقدون أن الزعماء العرب الذين يدعمونهم قادرون على تبني سياسات خارجية تحقق المصالح الأميركية.
تأجيج الصراع
غير أن هذه السياسة الأميركية المتبعة منذ فترة طويلة لم تحم الاستقرار في الشرق الأوسط ولم تحقق المصالح الأميركية، وسوف تفشل المحاولات الأميركية لإقناع بعض الدول العربية بإرسال قوات حفظ سلام إلى غزة، ولن تخدم إلا في تأجيج الصراع بين الشعوب العربية وحكوماتها.
كما أن الفصائل الفلسطينية لن تقبل أي وجود عسكري أجنبي في غزة دون اتفاق مع الشعب الفلسطيني، وقد حذرت منظمات مسلحة مثل حماس والجهاد الإسلامي من أنها سوف تعتبر أي وجود عسكري في غزة بمثابة قوة احتلال.
لقد تجاهلت الولايات المتحدة على مدى عقود من الزمن حقوق الشعب الفلسطيني ومصالحه، ولم تساعد سياستها التي تركز على الاحتلال واشنطن في تحقيق أهدافها المعلنة وغير المنسجمة في الشرق الأوسط وهي إنهاء الصراع، وإعطاء الفلسطينيين حقوقهم الوطنية، وحماية “سلامة” حليفتها الأساسية، إسرائيل.
وفي حال دفعت الولايات المتحدة حلفائها العرب للتعاون مع الاحتلال دون النظر في الموقف الفلسطيني، فلن يؤدي ذلك إلا إلى تأجيج الصراع في غزة وفي جميع أنحاء المنطقة.
مع رفض إسرائيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية، فإن أي خطط للسيطرة على غزة من خلال القوات العسكرية العربية سوف تفشل
يبدو أن الدول العربية تدرك أن إرسال قوات إلى غزة سيكون خطأ فادحاً، وقد رفضت الأردن ومصر والإمارات العربية المتحدة علناً هذه الفكرة، وذهبت الإمارات العربية المتحدة إلى أبعد من ذلك، حيث هاجمت رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لاقتراحه أن تسهم أبو ظبي في حكم غزة بعد الحرب.
لقد أكدت الدول العربية في مناسبات مختلفة أنها لن تلعب أي دور في حكم غزة دون حل سياسي شامل يقوم على مفهوم الدولتين، وعلاوة على ذلك، تساءل العديد من المحللين عما إذا كانت السلطة الفلسطينية أو غيرها من الدول العربية قادرة على السيطرة على غزة دون القضاء على حماس.
وبعد أكثر من ثمانية أشهر من الحرب الوحشية التي شنتها دولة الاحتلال على غزة، يبدو هذا الاحتمال (القضاء على حماس) مستبعداً على نحو متزايد، فقد تحمل المدنيون وطأة القتال، في حين فشلت الولايات المتحدة في تقديم حل سياسي قابل للتطبيق.
يتعين على الولايات المتحدة أن تدرك أنها لا تستطيع تحقيق أي من أهدافها في الشرق الأوسط ما لم تحترم الرأي العام العربي وتعترف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مستقبله.
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)