لماذا يتسابق “الدكتاتوريون” العرب لتأهيل الأسد؟

بقلم خليل العناني

تحت ذرائع تقديم الدعم لضحايا الزلزال المدمر الذي ضرب سورية وتركيا الشهر الماضي، توافد المسؤولون العرب إلى العاصمة السورية دمشق خلال الأسابيع الأخيرة، منتهزين الفرصة لإعادة الانخراط والتطبيع مع رئيس النظام السوري بشار الأسد.

وتسارعت وتيرة جهود بعض الدول للتطبيع مع الأسد من خلال تقديم المساعدات الإنسانية الخاصة بالزلزال، وسط مخاوف من استغلال الوضع من أجل إعادة النظام “للحضن العربي”.

وتجلى ذلك الاهتمام من خلال اتصالات وزيارات غير مسبوقة لقادة ومسؤولين عرب، هاتفوا والتقوا رئيس النظام السوري بشار الأسد، معربين عن تضامنهم مع ضحايا الزلزال المدمر الذي ضرب سورية.

في الواقع ، بدأت عملية تطبيع العلاقات وإعادة تأهيل الرئيس السوري قبل الزلزال بوقت طويل، حيث قدمت الإمارات الدعم لفترة طويلة وكانت أول دولة عربية تعيد فتح سفارتها في دمشق.

وفي العام الماضي، أصبحت الامارات أيضًا أول دولة عربية تستقبل الأسد منذ اندلاع الحرب السورية، بالإضافة إلى الاتصالات بين الفينة والأخرى بين أمير أبو ظبي محمد بن زايد والأسد عدا عن الدعم الإماراتي للنظام السوري بملايين الدولارات لتعزيز وضعه الداخلي.

كما كانت هناك العديد من الزيارات في اطار التطبيع مع نظام الأسد لوزراء خارجية مصر والأردن والإمارات، ووفد من البرلمانات العربية، فضلاً عن زيارة أجراها الأسد نفسه لسلطنة عمان هي الثانية له منذ العام 2011.

وفي حين برر المسؤولون العرب هذه الزيارات في سياق تقديم الدعم والتضامن مع الشعب السوري بعد الزلزال، إلا أنها في الحقيقة تكشف مدى حرص هذه الدول على استعادة علاقاتها مع نظام الأسد، وسط حرب مستمرة دمرت البلاد وأودت بحياة أكثر من نصف مليون شخص وشردت أكثر من 12 مليوناً.

ويُمكن تفسير تهافت بعض الدول العربية للتطبيع مع الأسد، ضمن إطار تشابه تلك الأنظمة من حيث القمع والتعامل بوحشية مع المعارضين على أراضيها.

وينطبق ذلك بشكل خاص على مصر، التي أجرى وزير خارجيتها زيارة إلى دمشق هي الأولى لوزير مصري رفيع المستوى منذ انطلاق الثورة السورية عام 2011.

كما يمكن تفسير دعم مصر لنظام الأسد بعدة عوامل: تشابه النظامين من حيث الوحشية والقمع في التعامل مع المعارضين، ووجهة نظرهم المشتركة بأن الربيع العربي كان (مؤامرة) خارجية وتهديداً وجودياً يجب مواجهته والقضاء عليه، وتحالفاتهم الفردية مع روسيا، مما يعني التضامن مع مشروع موسكو في منطقة الشرق الأوسط”.

الموقف الأمريكي

اللافت للنظر أن تلك الدول التي بدأت تطبيع العلاقات مع نظام الأسد هي من بين أهم الحلفاء الاستراتيجيين للولايات المتحدة في المنطقة، وسبق أن رفضت الولايات المتحدة التطبيع مع الأسد، ولا يبدو أنها مهتمة بإعادة تأهيل النظام السوري إقليمياً أو دولياً.

من الواضح أن هذه الدول ترى أن إدارة بايدن ضعيفة ومهزوزة، ومن غير المرجح أن تتخذ إجراءات ضد الدول التي اختارت تطبيع العلاقات مع نظام الأسد.

فهم يستغلون الانشغال الأمريكي بحرب روسيا على أوكرانيا من ناحية، والصراع الأمريكي مع الصين من ناحية أخرى، من أجل اتباع سياسة خارجية شبه مستقلة تعزز مصالحهم الذاتية.

كما أن بعض الدول العربية قد تستخدم قضية التطبيع كوسيلة ضغط سياسية أو استراتيجية أو اقتصادية على الولايات المتحدة.

وباختصار، لا ينبغي أن يكون مفاجئاً أن تقوم بعض الأنظمة العربية بتطبيع العلاقات مع الأسد، حيث تُظهر سمات مماثلة من الاستبداد والقسوة، وبالتالي فإن تأييدهم للنظام السوري الحالي يتماشى مع قيمهم وممارساتهم السياسية.

وقد تستمر عملية التطبيع هذه في المستقبل المنظور، مما قد يؤدي إلى إعادة قبول النظام في جامعة الدول العربية بعد سنوات من الإقصاء.

للإطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة