غادرت رانيا وزوجها خالد غزة لتلقي العلاج الكيميائي لمرض السرطان في الأردن قبل بضعة أشهر. كان من المفترض أن يعود الزوجان وهما في الستينات من العمر إلى أبنائهما الستة في غزة في تشرين الثاني/نوفمبر، لكن الحرب الإسرائيلية على غزة أجبرتهما على البقاء في الأردن.
وقال خالد: “أبناؤنا ومنزلنا وعائلاتنا في غزة، لقد ألقى ذلك على كاهلنا عبئًا نفسيًا ثقيلًا، وخاصة على رانيا، التي انتشر السرطان في جميع أنحاء جسدها، والعامل الفسيولوجي مهم جدا في علاج السرطان”.
حين يعلم الزوجان بأخبار القصف اليومي على مدينة خانيونس جنوب القطاع، حيث يقيم أبناؤهما يهرعون للاتصال بهم، لكنهم لا يتمكنون من ذلك إلا بعد عشرات المحاولات بسبب انقطاع الإنترنت وضعف شبكة الاتصالات.
وتابع خالد:” كان من المفترض أن نعود إلى المنزل قريباً، لكنني الآن لا أعرف ماذا أفعل”.
وأضاف:” إذا استمرت الحرب، فسيتعين علينا انتظار فتح معبر رفح، ولكن إذا استمرت الحرب لفترة أطول، فلا أعرف كيف يمكننا إعالة أنفسنا مالياً”.
أما رامي، البالغ من العمر 26 عامًا، وهو مريض بسرطان النخاع، فقد غادر غزة قبل بضعة أشهر متوجهاً إلى الأردن لتلقي العلاج، لكن حياته تحولت إلى فوضى منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي.
يقول رامي أن الحرب ضاعفت معاناته لأنه لا يعرف كيف سيعود إلى غزة بعد إغلاق معبر إيريز الذي غادر القطاع منه.
وتابع رامي:” أشعر بالأسف لأنني بعيد عن عائلتي في هذه الظروف، لو لم أكن مصابًا بالسرطان لكنت الآن مع عائلتي”.
وأضاف أنه، مثل خالد، يكافح بصعوبة من أجل محادثة عائلته عبر الهاتف بسبب انقطاع شبكة الانترنت، قائلاً أن ذلك يمثل “مصدراً ثابتاً للقلق”.
أما هالة شومان، وهي طالبة دكتوراه في المملكة المتحدة، فقد غادرت غزة قبل أسبوعين من الحرب وكانت تنوي العودة إلى عائلتها والعمل في القطاع بعد شهرين.
وعلى الرغم من أنها تسعى إلى تحقيق هدفها الأكاديمي، إلا أن الحرب تركتها تعاني من الألم، خاصة بسبب معاناة عائلتها.
وقالت شومان أن ” عائلتها هُجرت من مدينة غزة إلى رفح في الجنوب بعد قصف مبنى سكني بالقرب من منزلهم خلال الليل ودون سابق إنذار قبل أسبوعين”.
وقالت:” قرأت الأخبار واستغرق الأمر مني ساعات حتى تمكنت من الاتصال بهم، ولحسن الحظ، نجوا بمعجزة”.
ولاحقاً علمت شومان أن منازل أشقائها جميعاً وعائلتها قد تضررت كلياً أو جزئياً.
وأضافت شومان أنها تشعر بالقلق من احتمال إغلاق معابر غزة لفترة طويلة، كما حدث في الماضي، لأن ذلك سيطيل فترة انفصالها عن زوجها وعائلتها وعملها.
وتركت الحروب الإسرائيلية السابقة على غزة ندوباً عميقة لدى العديد من الفلسطينيين الذين غادروا القطاع، مثل أسيل ناصر، طالبة الماجستير في تحليل الأعمال في دبلن.
إذ لا يزال الخوف من الأصوات العالية كأصوات سيارات الإسعاف والطائرات والألعاب النارية يلاحق الطالبة الجامعية.
ومثل آلاف الفلسطينيين، قامت عائلتها بإخلاء شمال غزة إلى الجنوب بعد التحذيرات الإسرائيلية، ما تركهم يكافحون من أجل الحصول على ضروريات الحياة الأساسية مثل الماء، والغاز، والكهرباء، والغذاء.
وقالت ناصر:” أنا خائفة جدا من شبح النكبة الثانية، ولا أعرف كيف سأعود إلى غزة بعد بضعة أشهر”.
وتابعت:” في الأسبوع الماضي، أخبرني والدي بافتقارهم إلى مياه صالحة للشرب، قبل أن ينهار بالبكاء”.
وبسبب الأخبار الواردة من غزة، ذهبت ناصر إلى طبيب نفسي لدعم الصحة العقلية، وتابعت: “لقد كان ذهني منشغلاً تماماً بأسوأ السيناريوهات وبسلامة عائلتي، لقد قصفوا شُقتينا في برج سكني في حي تل الهوى الأسبوع الماضي”.
وأردفت:” لقد حولوا غزة إلى أنقاض، أتمنى لو كنت مع عائلتي الآن، لكان الأمر أسهل بكثير بالنسبة لي”.