لماذا يستهدف قنّاص إسرائيلي فتاة فلسطينية عمرها 15 ربيعاً؟!

كانت ملاك نغنغية تجلس في غرفة المعيشة في منزلها في مخيم جنين للاجئين، على بعد أمتار من المكان الذي قتلت فيه القوات الإسرائيلية ابنة عمها سديل البالغة من العمر 15 عامًا.

اختنقت عيون ملاك بالدموع وهي تحاول أن تشرح كم كانت سديل تعني لها قائلةً:” كانت مثل أختي الصغيرة، ذهبنا إلى كل مكان معًا، كلما كانت تحتاج إلى شيء كانت تجدني إلى جانبها، لقد كانت روحًا جميلة وصبورة”.

كانت سديل في طريقها لزيارة ملاك التي تعيش في البيت المجاور عندما أطلق قناص إسرائيلي النار على رأسها حين وقفت في الممر الذي يربط بيتها ببيت عمها.

وتقول ملاك أن سديل كانت “مثل أي شخص آخر تلتقط الصور”، وتضيف:” لقد كانت تراسلني وأرسلت لي شريط فيديو لسيارة جيب عسكرية” خلال اقتحام الجيش الإسرائيلي يوم الاثنين لمدينة جنين بالضفة الغربية المحتلة.

قالت ملاك وهي تكافح انهمار الدموع من عينيها:” سمعت صراخًا في الخارج فاتصلت بسديل لكن أمي أجابت على الهاتف وأخبرتني أن سديل أصيبت برصاصة في رأسها”.

تتابع ملاك حديثها عن ابنة عمها قائلةً:” إنها طفلة وكان من المفترض أن تتدرب لتصبح مسعفة فقد أرادت أن تساعد أي شخص، كانت لدينا خطط لارتداء ملابس العيد الطويلة الفضفاضة واستكشاف أماكن جديدة وإنهاء المدرسة معاً”.

أما محمد نغنغية، شقيق سديل البالغ من العمر تسعة أعوام فقد شاهد من نافذة المنزل بأم عينيه إطلاق النار على شقيقته التي يقول عنها ” هي أختي الوحيدة وليس لدي أي أخرى”.

حذر محمد سديل عند مشاهدته للجنود وقال لها: “كوني حذرة، الجنود أمامك”، وتابع دامعاً:” لقد رأيتهم بعيني عندما أطلقوا النار عليها، لقد رأيت ذلك، كانت أختي الوحيدة وقد قتلوها”.

وتحولت مدينة جنين في شمال الضفة الغربية إلى بؤرةٍ لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي الذي تستهدفها قواته مع تعرض السكان المدنيين لعمليات توغل عسكرية منتظمة.

وعند قرابة الساعة الثالثة من فجر الإثنين، شنت قوات الاحتلال عملية اقتحام لمخيم جنين استمرت عشر ساعات على الأقل بذريعة اعتقال عاصم أبو الهيجاء، وهو أسير فلسطيني سابق يبلغ من العمر 36 عامًا ونجل جمال أبو الهيجاء، أحد قادة حماس الأسرى.

وعند الساعة الثامنة صباحًا، نادى محمد على والده وأخبره أن سديل قد سقطت.

وقال والد الفتاة، غسان نغنغية:” وصلت إلى النافذة ورأيتها تنهار على الأرض، فركضت لرؤيتها وشعرت بالعجز، فقد كنت أعرف أن إصابتها قاتلة”.

كانت سديل لا تزال تتنفس عندما أُعلن عن موتها دماغياً يوم الاثنين، ولفظت أنفاسها الأخيرة عند السادسة من صباح الأربعاء.

ويوضح والدها:” كانت ترتدي ملابس الصلاة وكانت تبدو كفتاة صغيرة، كان من الواضح أنها طفلة، لكن القناص أصر على استهدافها”.

وتابع الوالد المكلوم أن حلم ابنته كان يتمثل بأن تنهي دراستها وترى عالماً أفضل، لكن “هذا العالم غير موجود بسبب الاحتلال، ليس لسديل فقط، ولكن لجميع الأطفال الفلسطينيين الذين مُنعوا حتى من الحلم بمستقبل”.

ومضى الأب يقول:” في كل بيت في جنين تتكرر باستمرار عبارة:” انتبهوا، انتبهوا، انتبهوا، لا يوجد مكان آمن هنا، لا الشوارع ولا المدارس ولا حتى المنازل”.

ويقدم الأب روايته عن واقع الطفولة الفلسطينية التي عايشتها طفلته قبل رحيلها قائلاً:” الجيش يداهم مدارسهم والأطفال يموتون أمامهم، إنهم يفقدون أصدقاءهم، كل هذا يؤثر عليهم بشدة”.

وخلال مداهمة يوم الاثنين، قتلت القوات الإسرائيلية سبعة فلسطينيين، بينهم فتيين، وجرحت 92 آخرين، فيما أصيب ثمانية جنود اسرائيليين بجروح.

وقال سعيد جبرين، الجراح العام في مستشفى جنين الحكومي أن الاقتحام كان عنيفاً ضد المدنيين وأن الكثير من الضحايا سقطوا فيه بينهم الأطفال والبالغين”.

واضاف “اغلبهم اصيبوا بالرصاص في الرأس والرقبة والصدر والبطن، كان الجنود يطلقون النار ليقتلوا”.

ووصف جمال حويل (52 عاما) عضو المجلس الثوري لحركة فتح اقتحام الإثنين بالقول “إنها مجزرة”، مضيفاً أن أحداً لا يحس بالأمان بمن فيهم الأطباء والأطفال والصحفيون عندما يداهم الجيش الإسرائيلي مدينة جنين أو مخيم اللاجئين.

وتابع:” خلال المداهمات، يطلق الجنود النار على أي شخص يقف على سطح منزله أو ينظر من النافذة، حتى لو كنت جالسًا داخل منزلك، فمن المحتمل أن تتعرض لإطلاق النار”.

وقال الطبيب جبرين إن “رؤية الأطفال والشباب والنساء الذين يتعرضون للهجوم والقتل أمر بائس، لأنهم جيراننا وأخواتنا وإخواننا”.

في حديثه عن مقتل طفلته، وجه غسان نغنغية سؤالاً للمجتمع الدولي قال فيه:” لقد اتفق العالم كله على أن للناس الحق في مقاومة الاحتلال، فلماذا لا نمنح هذا الحق؟”.

للإطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة