“لم أعد أقدر على المشي”: نداءات موجعة من صحفيي غزة تحت الحصار

حذرت نقابة العاملين في وكالة الصحافة الفرنسية من أن زملاءها العاملين في غزة يواجهون خطر الموت جوعًا جراء حصار الاحتلال المفروض على القطاع الفلسطيني المحاصر.

وتنتشر المجاعة الناجمة عن حرب الاحتلال وحصاره على غزة في جميع أنحاء المنطقة، مع تزايد عدد الوفيات الناجمة عن سوء التغذية والجفاف في الأيام الأخيرة.

وقالت نقابة الصحفيين (SDJ) في بيان لها يوم الاثنين: “لقد فقدنا صحفيين في النزاعات، ورأينا الإصابات والاعتقالات في صفوف صحفيينا، لكن أحداً منا لا يتذكر أنه رأى زميلاً له يموت جوعًا قبل الآن”.

وعقب بيان النقابة، قالت إدارة وكالة الصحافة الفرنسية إنها “تشاطر SDJ حزنها إزاء الوضع المروع لموظفيها”، وحثت دولة الاحتلال على السماح بإجلائهم.

وجاء في بيان صادر عن وكالة فرانس برس يوم الاثنين: “منذ أشهر، شهدنا بعجزنا التدهور المأساوي لظروف موظفينا المعيشية، لقد أصبح وضعهم الآن لا يُطاق، على الرغم من شجاعتهم المثالية والتزامهم المهني وصمودهم”.

وتشغل وكالة فرانس برس عشرة مصورين ومراسلين فلسطينيين في قطاع غزة من بينهم مراسل يُدعى بشار، الذي كتب يوم السبت على حسابه على فيسبوك: “لم أعد أملك القدرة على تغطية الأحداث، جسدي نحيل، ولم أعد أقدر على المشي”.

يوم الأحد، نشر بشار تحديثًا كتب فيه: “لأول مرة، أشعر بالهزيمة”، وناشد زملاءه المساعدة قائلاً: “أتمنى لو أن السيد ماكرون ساعدني على الخروج من هذا الجحيم”.

وأفادت نقابة الصحفيين في وكالة الأنباء الفرنسية أن “بشار يقيم منذ فبراير/شباط بين أنقاض منزله في مدينة غزة مع والدته وأشقائه الأربعة وعائلة أحد إخوته”، مضيفةً أن أحد أشقائه قد مات جوعًا.

وتناول البيان أيضاً قصة صحفية أخرى تُدعى أحلام وتقيم في جنوب القطاع حيث تقول إنها مصممة على تقديم “شهادتها” لأطول فترة ممكنة، ونقلت عنها الوكالة قولها: “في كل مرة أغادر فيها الخيمة لتغطية حدث ما، أو إجراء مقابلة، أو توثيق واقعة، لا أعرف إن كنت سأعود حية أم لا”.

على الرغم من الراتب الشهري الذي تدفعه وكالة الصحافة الفرنسية لصحفييها في غزة، فإنهم لا يستطيعون شراء أي شيء بسبب الأسعار الباهظة ونقص السلع.

ويسافر الصحفيون أيضًا “سيرًا على الأقدام أو على عربات يجرها حمار”، بسبب نقص السيارات والبنزين، ولتجنب استهدافهم بغارات الاحتلال، الذي حثته وكالة الصحافة الفرنسية على السماح بإجلاء صحفييها وعائلاتهم فورًا.

وقالت الوكالة عن صحفييها: “نرى وضعهم يزداد سوءًا، ورغم أنهم شباب إلا أن قوتهم تكاد تنهك، ولم يعد لدى معظمهم القدرة البدنية على السفر عبر القطاع لأداء عملهم، وصرخاتهم المؤلمة طلبًا للمساعدة أصبحت يومية، نحن نرفض أن نراهم يموتون”.

ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، منعت سلطات الاحتلال جميع الصحفيين الدوليين من دخول قطاع غزة، الأمر الذي جعل لدور الصحفيين الفلسطينيين المستقلين أهمية كبرى في نقل الحقائق في العالم، “لكن حياتهم في خطر”، على حد تعبير البيان.

وبين يناير/كانون الثاني وأبريل/نيسان 2024، ساعدت وكالة فرانس برس في إجلاء ثمانية من موظفيها وعائلاتهم، وهي تتخذ الآن الخطوات نفسها تجاه صحفييها المستقلين.

وعقب تصريحات وكالة الصحافة الفرنسية ونقابة العاملين فيها، دعا وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو دولة الاحتلال إلى السماح للصحافة الأجنبية بدخول غزة.

وقال بارو لإذاعة “إنتر” الفرنسية يوم الثلاثاء: “أطالب بالسماح للصحافة الحرة والمستقلة بدخول غزة لنقل ما يحدث هناك والإدلاء بشهادتها”، موضحاً أن فرنسا تأمل في إجلاء الصحفيين المستقلين العاملين مع الصحفيين الفرنسيين “خلال الأسابيع المقبلة”.

كما دعا إلى “وقف فوري لإطلاق النار” بعد أن وسعت قوات الاحتلال نطاق عملياتها العسكرية لتشمل مدينة دير البلح وسط القطاع يوم الاثنين.

وقال بارو أنه “لم يعد هناك أي مبرر للعمليات العسكرية” التي يشنها جيش الاحتلال في غزة، وأضاف: “هذا هجوم من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم الوضع الكارثي أصلًا، ويتسبب في عمليات نزوح قسري جديدة للسكان، وهو ما ندينه بأشد العبارات”. 

ويوم الاثنين، دعت مجموعة من 25 دولة، من بينها فرنسا والمملكة المتحدة، دولة الاحتلال إلى إنهاء حربها المستمرة منذ 21 شهرًا على غزة، وقالت إن معاناة الفلسطينيين المدنيين “بلغت مستويات غير مسبوقة”.

وجاء في بيان مشترك: “نحث الأطراف والمجتمع الدولي على التوحد في جهد مشترك لإنهاء هذا الصراع المروع، من خلال وقف إطلاق نار فوري وغير مشروط ودائم”.

مقالات ذات صلة