بقلم ولاء صباح
ترجمة وتحرير نجاح خاطر
في الليلة السابعة والسبعين من العدوان الإسرائيلي على غزة، استيقظت ناريمان ضهير في منتصف الليل على صوت الانفجارات القريبة التي هزت منزلها.
تعيش ناريمان في مدينة رفح التي صنفتها إسرائيل “منطقة آمنة”، إلا أن عائلتها وجدت نفسها في مرمى الغارات الإسرائيلية.
وبعد وقت قليل من دخول منتصف ليل 22 كانون الأول/ ديسمبر، تلقت ناريمان اتصالاً من شقيق زوج أختها مريم، لإبلاغها بأن منزل مريم المكون من طابقين قد تعرض للقصف في غارة جوية إسرائيلية.
مريم ضهير، أم لثلاثة أطفال، تبلغ من العمر 27 عامًا، وتعيش في حي مجاور للذي تسكنه أختها ناريمان التي قالت ” إن شدة القصف في تلك الليلة جعلت من المستحيل علي أن أصل إلى منزل أختي، لقد كان أكثر المواقف التي واجهتها ترويعاً على الإطلاق.”
وبعد الانتظار حتى الساعة السادسة صباحاً لمعرفة أخبار شقيقتها، هرعت ناريمان إلى المستشفى للاطمئنان على أقاربها، حيث كانت أختها تسكن مع 12 من أفراد عائلتها بمن فيهم عائلة زوجها.
وأضافت: ” أخبرني شقيق زوج أختي الذي يسكن بجوار منزلها أنهم وجدوا مريم وأطفالها وقد قذفهم الانفجار الشديد من الطابق الثاني إلى الطابق الأرضي”.
وأدى الانفجار إلى استشهاد تسعة أشخاص على الفور بينهم زوج مريم، وهرع الجيران إلى إنقاذ أولئك الذين ما زالوا على قيد الحياة كأولوية قبل انتشال جثث الشهداء، ونقلت مريم وأطفالها إلى أقرب مستشفى، وهو مستشفى أبو يوسف النجار، جنوب غزة، وبحسب الأطباء، كانت مريم واعية عند وصولها، لكنها دخلت في غيبوبة فيما بعد.
وقالت ناريمان: “عندما زرتها، كنت أتمنى أن تكون بخير، لكنني أدركت بعد ذلك مدى خطورة إصابتها، فقد بُترت ساقاها، و أصيبت بحروق من الدرجة الثالثة في أنحاء جسدها، وأثرت الحروق على جهازها التنفسي وتحديداً القصبة الهوائية، مما أعاق قدرة مريم على التنفس.
وأضافت: “ما فاقم الوضع هو أن المستشفى كان يواجه نقصاً في أسطوانات الأكسجين”.
وفي وقت لاحق، نقلت مريم إلى المستشفى الإماراتي، وهناك خرجت من غيبوبتها وتم سؤالها عما إذا كانت تتذكر أحداث اليوم الماضي، فأجابت بأنها تتذكر فقط الذهاب إلى الفراش ثم الاستيقاظ في المستشفى.
ودخلت مريم في غيبوبة مرة أخرى من الصدمة بعد سماعها بما حدث لأطفالها.
وفي أواخر كانون الأول/ ديسمبر، زارت ناريمان المستشفى وكان الأطباء قد قيموا فرصة بقاء مريم على قيد الحياة بنسبة 15% متوقعين وفاتها على الأرجح في اليوم التالي، غير أن ناريمان تلقت خبر استشهاد مريم في نفس اليوم.
مصير الأطفال
أدخل أطفال مريم الثلاثة إلى مستشفيات مختلفة، بناءً على خطورة حالتهم، حيث أصيبت شهد البالغة من العمر سبع سنوات بكسر ونزيف في الجمجمة وحروق في جسدها كما أصيبت بشظية في الكبد والرئتين.
وبعد نقلها في البداية إلى مستشفى أبو يوسف النجار، تم تحويل شهد إلى المستشفى الأوروبي بعد إجراء عملية جراحية لها في رأسها ولا تزال في المستشفى هناك حتى وقت النشر.
وقالت ناريمان: ” أخبرنا الأطباء أن جروحها لا تستجيب للأدوية”، مضيفة أن الأسرة أرادت نقلها إلى المستشفى الإماراتي، لكن ذلك كان مستحيلاً بسبب نقص الأسرة.
ومع اقتراب الدبابات الإسرائيلية من المستشفى الأوروبي، كانت هناك مخاوف من أن يلقى المستشفى نفس مصير مستشفيات شمال غزة التي تعرضت للاستهداف بالغارات الإسرائيلية التي أخرجتها عن الخدمة.
وأصيب شقيق شهد الأصغر حمد، البالغ من العمر أربع سنوات، بحروق من الدرجة الثالثة و نزيف رئوي وتم نقله في البداية إلى مستشفى أبو يوسف النجار.
وقالت ناريمان: ” عندما زرت والدته، لم أتمكن من العثور عليه، كنت أخشى أن يكون أحد ضحايا القصف، لكن أحد الأطباء الذين أتابعهم نشر صورته على الفيسبوك، فعلمت أنه نُقل إلى المستشفى الأوروبي لخطورة إصابته”.
وتابعت: ” خلال زيارتي له رأيته يصرخ من الألم، وللأسف توفي حمد متأثراً بجراحه”.
كما أصيبت الشقيقة الصغرى للأطفال، ميسون، البالغة من العمر ثمانية أشهر، بحروق في وجهها وكسر في ساقها، وبعد القصف، غادرت ناريمان منزلها إلى منطقة أكثر أمانًا وهي الآن تعتني بالرضيعة بعد أن أخرجت من المستشفى.
وقالت ناريمان: “لقد احترق فم ميسون، ولم تتمكن من تناول الطعام ولا الشراب لمدة يومين، كما احترقت يداها، وهو ما جعلها تواجه صعوبة في التفاعل مع العالم من حولها”.
ومنذ مغادرة المستشفى، خضعت الطفلة لإجراءات العناية بالحروق، وبما أنها كانت ترضع من أمها، فهي الآن بحاجة إلى الاعتياد على حليب الأطفال الصناعي.
وقد تبرع الجيران لها بملابس الأطفال حيث بعدما فقدت جميع ممتلكات الأسرة في الهجوم.
وقالت ناريمان: ” المستشفى لا يزود المرضى بالأدوية، لذلك نحن مطالبون بتغطية تكاليف العلاج”، الأمر الذي أجبرها على البحث في الصيدليات في جميع أنحاء مدينة رفح للحصول على الدواء اللازم.
وأضافت بينما كانت ميسون تبكي بجانبها: ” الأدوية باهظة الثمن، وعلاجها المستمر يتطلب توفيرها باستمرار، وهو ترف لا نملكه في هذه اللحظة”.
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)