قدمت وسائل إعلام إسرائيلية أدلة على أن خطة تطهير شمال غزة عرقياً وقتل أي فلسطيني يبقى فيه جارية على قدم وساق.
فقد أبلغ ثلاثة جنود احتياطيين يخدمون في جيش الاحتلال في غزة صحيفة هآرتس هذا الأسبوع أنهم يعتقدون أن “خطة الجنرالات”، المعروفة أيضاً باسم خطة آيلاند، هي قيد التنفيذ.
ونقل عن جندي متمركز في ممر نتساريم قوله: “الهدف هو إعطاء السكان الذين يعيشون شمال منطقة نتساريم موعداً نهائياً للانتقال إلى جنوب القطاع وبعد هذا التاريخ، فإن كل من سيبقى في الشمال سيعتبر عدواً وسيقتل”.
وأضاف: “هذا لا يتوافق مع أي معيار من معايير القانون الدولي ووجود هذه الفكرة بحد ذاته أمر لا يمكن تصوره”.
وعلى مدى الأيام العشرة الماضية، أمرت قوات الاحتلال مئات الآلاف من الفلسطينيين بمغادرة شمال غزة قبل شن هجوم جديد، حيث رجحت وسائل الإعلام والمحللون الإسرائيليون أن الجيش ينفذ هذه الخطة المثيرة للجدل.
وجاء في صحيفة هآرتس يوم الأربعاء: “هناك الآن إشارات متزايدة على أنه حتى لو لم يتم تبني الخطة من قبل كبار المسؤولين العسكريين الذين يقال إنهم يناقشونها، فإن الخطة قيد التنفيذ بالفعل”.
وكتب الصحفي في صحيفة هآرتس عاموس هاريل: “إن أفكاراً مثل إطلاق النار عمداً بالقرب من السكان وحتى الخطوات نحو تجويعهم قيد المناقشة”.
وأضاف أنه “لم يتم التحقق من صحة هذه الأفكار رسمياً في قيادة جيش الاحتلال، ولكن حقيقة مناقشتها، والمشاركة السياسية للأحزاب اليمينية والمنافذ الإعلامية، تتسرب إلى الأسفل”.
وقال جندي ثان لصحيفة هآرتس: “يقول القادة علناً أن خطة آيلاند يتم الترويج لها من قبل الجيش الإسرائيلي”.
ورد ضابط كبير في هيئة الأركان العامة على صحيفة هآرتس قائلاً: “نحن نتلقى الأوامر من رئيس الأركان فقط ونمررها إلى قادة الفرق، وكثير من الناس لديهم وجهات نظر مختلفة للعالم وهذا جيد، لكن هذا لا يملي الخطط العملياتية، ولا يوجد تجويع للسكان هنا من أجل إجلائهم، ولا سبيل إلى ذلك”.
وقال خبيران إسرائيليان إنهما يعتقدان أن “خطة الجنرال” “هراء تام” وأنها مبنية على ديناميكيات ما قبل السابع من أكتوبر والتي لم تعد ذات صلة.
فقد ذكر أساف ديفيد، المؤسس المشارك لمنتدى التفكير الإقليمي ورئيس مجموعة إسرائيل في الشرق الأوسط في معهد فان لير القدس، لميدل إيست آي إنه يعتقد أن الجيش الإسرائيلي ينفذ الخطة للضغط على حماس، على افتراض أنها نفس المنظمة التي كانت عليها قبل عام.
وأضاف ديفيد: “هذا وهم، إنها ليست نفس المنظمة وليست في نفس الموقف، لقد فقدت الكثير من قدراتها العسكرية ومرونتها وقوتها في غزة”.
لكنه تابع بالقول أن “هذا ليس ما سيعيد الرهائن إلى ديارهم والحكومة تعلم ذلك”.
وأشار ديفيد إلى أن الاستراتيجية في شمال غزة ولبنان هي جزء من خطة أوسع لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للبقاء في السلطة و”لا علاقة لها بالاعتبارات الأمنية”.
وتابع: “ما يحدث الآن في الشمال هو احتلال بلا شك، لقد كان العالم مشغولاً بما يجري في لبنان وأعطى إسرائيل الفرصة في شمال غزة حتى لو لم يكن مخططاً لذلك”.
وعبر عن اعتقاده بأن شمال غزة سيظل تحت السيطرة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية إلى أجل غير مسمى لأن من مصلحة نتنياهو أن يظل “في حرب لا نهاية لها” لتجنب القضايا المرفوعة ضده في المحكمة والتدقيق في مسؤوليته عن السابع من أكتوبر.
ولفت ديفيد النظر إلى أنه “لا توجد خطة لغزة، ولا يوجد مخرج” ولا يتوقع أن توافق أي دولة عربية أو السلطة الفلسطينية على المساعدة في الإدارة المدنية لشمال غزة ما لم يكن ذلك جزءاً من خطة أوسع لتحرير فلسطين.
من جهته، قال ياجيل ليفي، الأستاذ المشارك في الجامعة المفتوحة في إسرائيل، مؤخراً في بودكاست In Radio with Kletzkin أن خطة الجنرالات “تشير إلى افتقار أساسي إلى الفهم لكيفية إدارة السياسة الدولية فضلاً عن كونها معيبة أخلاقياً”.
وقال ليفي: “كان ينبغي لحدث السابع من أكتوبر أن يوضح لنا أنه من المستحيل إبقاء ملايين السكان تحت الحصار، وأن بعضنا بالمناسبة ينكر وجودهم، ولا يمكن القيام بذلك”.
وفي الوقت نفسه، دعا رونين تسور، المستشار السياسي البارز والمسؤول الكبير السابق في منتدى عائلات الأسرى إسرائيل إلى احتلال الأراضي كعقاب على “من يعلن الحرب ويخسر”.
وقال تسور في مقال رأي لصحيفة ماكو الإسرائيلية أنه يجب معاقبة أعداء إسرائيل بالاستيلاء على أراضيهم وطرد سكانها وإنشاء حدود جديدة لإسرائيل.
واستشهد بالاستيلاء على الأراضي الفلسطينية ومرتفعات الجولان السورية خلال الحروب السابقة مع جيران إسرائيل العرب.
هذا ودعت جماعات حقوق الإنسان الإسرائيلية ومنظمات الإغاثة الدولية الكبرى الزعماء والمجتمع الدولي إلى وقف النزوح القسري الذي تقوم به إسرائيل في شمال غزة.
وقالت جماعات حقوق الإنسان الإسرائيلية بما فيها “جيشا” و”بتسيلم” و”أطباء من أجل حقوق الإنسان في إسرائيل” و “يش دين” أن هناك “علامات مقلقة” على أن “خطة الجنرال” قيد التنفيذ.
وأضافوا القول أن “الدول ملزمة بمنع جرائم التجويع والنقل القسري، وإذا كان استمرار نهج الانتظار والترقب سيمكن إسرائيل من تصفية شمال غزة، فإن هذه الدول ستكون متواطئة معها”.
وحذرت منظمات الإغاثة الكبرى من أن شمال غزة “يُمحى من على الخريطة”، وحثت زعماء العالم على وقف “الفظائع” التي ترتكبها قوات الاحتلال.
وقالت منظمات مثل أوكسفام، والمساعدات الطبية للفلسطينيين (ماب)، وأكشن ايد، والإغاثة الإسلامية، والمسيحية ايد وغيرها من المنظمات الخيرية التي تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها يوم الثلاثاء: “لقد تصاعد هجوم القوات الإسرائيلية على غزة إلى مستوى مروع من الفظائع”.
وأضافت: “هذا ليس إخلاء، هذا نزوح قسري تحت نيران السلاح، ومنذ الأول من أكتوبر، لم يُسمح بدخول أي طعام إلى المنطقة، والمدنيون يتعرضون للتجويع والقصف في منازلهم وخيامهم”.
واستشهد ما لا يقل عن 42409 فلسطينياً وجُرح 99153 منذ بدء عدوان الاحتلال على غزة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وفقاً لأحدث الأرقام الصادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية.