ماذا بعد… في الحراك الطلابي للتضامن مع فلسطين في الجامعات البريطانية مع انتهاء العام الدراسي؟

بقلم سيلينا شن

ترجمة وتحرير مريم الحمد

لقد تم فض 15 مخيماً طلابياً تضامنياً من أصل 35 مخيماً في جامعات المملكة المتحدة، في حين يخطط آخرون للحفاظ على وجودهم الفعلي خلال فصل الصيف بأشكال متنوعة.

منذ أوائل شهر مايو، نجحت مخيمات التضامن مع غزة في تحقيق بعض أهدافها، مثل قيام إحدى الجامعات بسحب استثماراتها من بنك باركليز واستقالة نائب رئيس الجامعة، كما شهدت على الجانب الآخر حملات قمع تضمنت اعتقالات من قبل الشرطة وعمليات إخلاء بأمر من المحكمة.

 حث رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، نواب رؤساء الجامعات باتخاذ إجراءات ضد الاحتجاجات ومعالجة ما أسماها “معاداة السامية المتزايدة في الجامعات”

فما هي أهم منجزات تلك المخيمات الطلابية؟ وكيف تؤثر نهاية الفصل الدراسي على نشاط الطلاب المؤيدين لفلسطين؟

تلبية المطالب

في جامعة سوانسي، على سبيل المثال، استمر معسكر الطلاب لمدة 28 يوماً شمل إضراباً عن الطعام لمدة 8 أيام، حتى استجابت الإدارة للعديد من المطالب، أهمها سحب 5 ملايين جنيه إسترليني أي 6.3 مليون دولار من بنك باركليز، الذي استثمر ملياري جنيه استرليني في الشركات المشاركة في توريد الأسلحة إلى إسرائيل.

أكد متحدث باسم جمعية سوانسي، بأن نهاية المخيم لا تعني نهاية نشاطهم، مؤكداً على أن “إنهاء المخيم لا يعني أننا راضون عن قرارات الجامعة، وسنواصل الضغط من أجل المزيد من التغييرات، فالمخيم لم يكن بداية كفاحنا وبالتأكيد لن يكون النهاية”.

في مكان آخر، قرر طلاب جامعة الفنون في لندن إنهاء فض معسكرهم الطلابي الذي دام 6 أسابيع وانتقلوا للاعتصام عند منطقة الاستقبال بالكلية كجزء من التحول الاستراتيجي، جيث وصف مستشار سابق لجامعة UAL الجامعة بأنها “أكبر مصنع في العالم لإثارة المشاكل”.

حصد معسكر الطلاب في الكلية انتصاراً في نهاية المطاف باستقالة رئيس الكلية والنائب المستشار جيمس بورنيل، وهو النائب السابق الذي ترأس سابقاً تجمع “أصدقاء إسرائيل” داخل حزب العمال البريطاني. 

أدى رحيل بورنيل إلى نجدد الثقة لدى منظمة طلاب من أجل العدالة في فلسطين في أن قنوات الاتصال أصبحت أكثر انفتاحاً من أي وقت مضى”.

من جانبها، سارعت كلية ترينيتي في مدينة دبلن في إيرلندا بسحب استثماراتها من الشركات الإسرائيلية بعد 5 أيام فقط من المعسكر الطلابي، في حين اعترفت أيرلندا بفلسطين كدولة الشهر الماضي.

“ربما تكون الأعداد قد انخفضت، لكن روح المقاومة والتضامن مع القضية الفلسطينية أقوى من أي وقت مضى، ومن خلال تحويل جهود التعبئة لدينا إلى جهود إعادة تنظيم وإعادة هيكلة، سنعود أقوى من أي وقت مضى في العام الدراسي الجديد” متحدث باسم الحراك الطلابي في جامعة كامبردج

من جهة أخرى، فقد تم تفكيك بعض المعسكرات الطلابية دون الوصول لأهدافها بشكل فعلي إلا من وعود من قبل إدارة الجامعة، فعلى سبيل المثال، التزمت جامعة مانشستر بمبدأ “عدم مقابلة المتظاهرين بشكل مباشر” ولكنها أعلنت بدلاً من ذلك أنها ستجري حواراً من خلال مسؤولي اتحاد الطلاب.

أما الطلاب في جامعة ليدز، فقد أعلنوا استئناف نشاطهم في سبتمبر، بعد أن عقدوا عدة اجتماعات مع المديرين التنفيذيين للجامعة.

إزالة بالقوة

في المقابل، قامت عدة جامعات بتفكيك المخيمات بالقوة، غالباً بموجب أوامر من المحكمة، فعندما تم نصب الخيام لأول مرة، حث رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، نواب رؤساء الجامعات باتخاذ إجراءات ضد الاحتجاجات ومعالجة ما أسماها “معاداة السامية المتزايدة في الجامعات”.

كانت جامعة كوين ماري في لندن وجامعة برمنغهام من بين المؤسسات التي رفعت ملفات بعض الطلاب إلى المحكمة، فيما أنهت كلية لندن للاقتصاد المفاوضات وحصلت على أمر حيازة مؤقت لطرد طلابها، مما أجبرهم على إنهاء اعتصامهم، حيث برر متحدث باسم الكلية ذلك بوجود “مخاطر حريق وسلامة المتظاهرين”.

وتحت حجة السلامة العامة والأضرار التي لحقت بالعشب ونظام الري، قامت إدارة جامعة أكسفورد بتسييج منطقة المعسكر الأولى، ثم قامت جرافة بإزالة أحواض الزهور التي بناها طلاب جامعة أكسفورد من أجل حديقتهم التذكارية في غزة، كما طلبت أكسفورد من الطلاب مغادرة موقع المعسكر الثاني، وهددت بالحصول على أمر من المحكمة للحيازة إذا لم يمتثل الطلاب!

حضور متواصل ومتجدد

هناك حوالي 20 مخيماً طلابياً لا تزال موجودة حتى اليوم في الجامعات البريطانية، منها مخيم جامعة كامبريدج، حيث يعتصم طلبة الدراسات العليا وبعض الطلاب الآخرين والمتدربين المحليين.

“المنطقة المحررة في المخيم كانت بمثابة مساحة للتثقيف السياسي، وباعتبارنا طلاب فنون، فإننا ندرك الطبيعة السياسية التي ترتبط بصناعة الفن ونرفض الحياد النيوليبرالي الذي تقوم عليه مناهجنا الدراسية” متحدث باسم المخيم الطلابي في جامعة لندن للفنون

في حديثه لموقع ميدل إيست آي، قال متحدث باسم حراك كامبريدج الطلابي من أجل فلسطين: “ربما تكون الأعداد قد انخفضت، لكن روح المقاومة والتضامن مع القضية الفلسطينية أقوى من أي وقت مضى”، وأضاف: “من خلال تحويل جهود التعبئة لدينا إلى جهود إعادة تنظيم وإعادة هيكلة، سنعود أقوى من أي وقت مضى في العام الدراسي الجديد”.

أشار المتحدث أيضاً إلى أن المعسكر الصيفي في كامبريدج “موجه استراتيجياً لبناء حركة أقوى داخل مجتمع جامعة كامبريدج المحلي وذلك بهدف “تعزيز الحركة على مستوى المدينة” على حد تعبيره.

يخطط طلاب جامعة بريستول للبقاء أيضاً حتى تتم تلبية مطالبهم، فبحسب متحدث باسم منظمة بريستول الطلابية للتضامن مع فلسطين، فإن الأعداد قد انخفضت في البداية بعد انتهاء الفصل الدراسي، لكنها تزايدت منذ ذلك الحين بشكل مطرد.

ما وراء المطالب

لم يكن هدف التحركات الطلابية داخل المخيمات فقط السعي إلى التغيير الإداري، بل تم التركيز خلال الأحداث على بناء الشعور بالانتماء للمجتمع الطلابي، فقد أصبحت المعسكرات الطلابية مواقع يتجمع فيها الطلاب والموظفين وسكان المدينة لإبداع الفن ومشاركة الوجبات والتعلم معاً.

على سبيل المثال، نظم  طلاب معسكر أكسفورد جلسة نقاش وقراءة لمقالة “الغير مألوف في الجامعة” التي كتبها فريد موتن وستيفانو هارني، حيث تم التأكيد في المقالة على أن مؤسسات التعليم العالي هي جزء من الهيكل الذي “يحول المتمردين إلى عملاء للدولة”، ولكن بدلاً من ذلك، تحول الطلاب هذه المرة إلى المساحات “غير الشائعة ” للتعلم البديل وتثقيف أنفسهم حول مفاهيم التحرير والعدالة.

في حديثه لموقع ميدل إيست آي، أكد متحدث باسم المخيم الموجود في جامعة لندن للفنون، بأنهم قاموا بتنظيم دورات تعليمية وعروض وورش عمل، مشيراً إلى أن “المنطقة المحررة في المخيم كانت بمثابة مساحة للتثقيف السياسي، وباعتبارنا طلاب فنون، فإننا ندرك الطبيعة السياسية التي ترتبط بصناعة الفن ونرفض الحياد النيوليبرالي الذي تقوم عليه مناهجنا الدراسية”.

انطلاقاً من كونها منظمات يقودها الشباب، فقد طورت المخيمات حضوراً قوياً على إنستغرام، تقوم من خلاله بحشد المؤيدين ومشاركة الجداول اليومية ومشاركة المستجدات حول غزة، وغالباً ما تجذب حملات الإمداد تبرعات سخية من قبل المجتمع.

علاوة على ذلك، فغالباً ما يتم مقاربة حركة المتظاهرين في الحراك الطلابي اليوم بالحراكات السابقة بما فيها الحركات المناهضة لحرب فيتنام والفصل العنصري في جنوب إفريقيا.

هناك أيضاً أغنية “قاعة هند” الشهيرة لمغني الراب الأمريكي ماكليمور، والتي أصبحت رائجة على كل مواقع التواصل الاجتماعي، ويستخدمها الطلاب في مقاطع الفيديو التي يسجلونها من حراكهم ومعسكراتهم.

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة