عاد رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون بشكل مفاجئ إلى الحلبة السياسية بعد تعيينه وزيراً للخارجية في تعديل وزاري يوم الاثنين.
وقام رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك بتعيين كاميرون عقب خلاف، حظي بتغطية إعلامية واسعة، بين داونينج ستريت وسويلا برافرمان، وزيرة الداخلية السابقة التي أقيلت بعد انتقادها لقمع المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين.
وضمن هذه التعديلات تولى وزير الخارجية السابق جيمس كليفرلي وزارة الداخلية، فيما تولى كاميرون منصب كبير الدبلوماسيين في المملكة المتحدة.
وكان كاميرون، زعيم المحافظين السابق، قد استقال من منصبه كرئيس للوزراء ومن عضوية البرلمان بعد الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عام 2016.
وبموجب توليه لوزارة الخارجية، سيتم تعيين كاميرون في مجلس اللوردات غير المنتخب في البرلمان البريطاني.
وظلت بريطانيا واحدةً من الداعمين الثابتين لإسرائيل منذ بداية عدوانها على غزة في 7 تشرين الأول / أكتوبر.
ومن غير المرجح أن يبتعد كاميرون كثيراً عن السياسات السابقة التي أرساها سلفه كليفرلي، حيث يسود حالياً إجماع داخل المؤسسة السياسية البريطانية على دعم إسرائيل دون قيد أو شرط.
ولم يكد كاميرون يصل إلى السلطة في أيار / مايو 2010 حتى وجد نفسه في خضم أزمة السياسة الخارجية التي تشمل إسرائيل.
ففي 31 أيار / من ذلك العام، قتلت القوات الإسرائيلية 10 مواطنين أتراك على متن سفينة مافي مرمرة التي كانت متجهةً ضمن أسطول بحري لكسر الحصار على قطاع غزة.
وكان كاميرون قد أكد “التزام المملكة المتحدة القوي بأمن إسرائيل” لكنه حث الأخيرة على الرد بطريقة بناءة على الانتقادات “المشروعة” لأفعالها، واصفا الوضع بأنه “غير مقبول”.
وخلال زيارة قام بها إلى تركيا في تموز / يوليو من ذلك العام، ألقى كاميرون باللوم على حماس في ملف حصار غزة، لكنه ضاعف من انتقاداته لإسرائيل قائلاً إن تصرفاتها “غير مقبولة على الإطلاق” وقارن ظروف الفلسطينيين في غزة بظروف القابعين في معسكر اعتقال.
لكن انتقادات كاميرون لإسرائيل تراجعت بعد ذلك، بل هو نفسه تراجع عن بعض أقواله السابقة، وقال في كانون الأول/ ديسمبر من ذات العام لمؤيدي إسرائيل أن علاقتها مع المملكة المتحدة “غير قابلة للكسر”، وأن لإسرائيل “الحق في الدفاع عن نفسها”، وأنه يعارض حملة المقاطعة ضدها آنذاك.
وفي آذار / مارس 2011، قال خلال حديث للجالية اليهودية في المملكة المتحدة أن لإسرائيل الحق في تفتيش سفينة مافي مرمرة.
وخلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في صيف 2014، أعرب كاميرون في البداية عن “قلقه البالغ” إزاء الخسائر التي توقعها إسرائيل في صفوف المدنيين لكنه دافع في ذات الوقت عن “حقها في الدفاع عن نفسها”.
ومنذ تركه لمنصبه في العام 2015، انشغل كاميرون على ممارسة الضغط من أجل المصالح التجارية الصينية في المملكة المتحدة، وأصبحت تعليقاته حول السياسة الدولية، بما في ذلك القضية الفلسطينية، نادرة ومبتذلة إلى حد ما بالنسبة لسياسي محافظ.
وعبّر في آخر تعليق له عن دعم إسرائيل في عدوانها على الفلسطينيين في أعقاب هجوم 7 تشرين الأول / أكتوبر.
وكتب كاميرون على موقع X المعروف سابقا باسم تويتر: “أقف في تضامنٍ كاملٍ مع إسرائيل في هذا الوقت الأكثر تحدياً، وأدعم بشكل كامل رئيس الوزراء وحكومة المملكة المتحدة في دعمهما الثابت لإسرائيل”.
لكن تصريحاته لم تحمل أي مدلولات على أنه كان يخطط للعودة إلى الحلبة السياسة، ناهيك عن إمكانية توليه منصب وزير الخارجية.
في المقابل، يعمل حزب العمال المعارض على خنق المشاعر المعادية لإسرائيل داخل صفوفه، ما يعني أنه من المرجح أن يحظى أي موقف حكومي مؤيد لإسرائيل بدعم كاملٍ من المعارضة.
وفي ظل غياب الأصوات الناقدة اللازمة لمحاسبة الحكومة، فمن غير المرجح أن يؤدي تعيين كاميرون إلى تغيير دعم بريطانيا المطلق للعدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة.