قبل وفاتها الأربعاء الماضي عن عمر يناهز 56 عاماً، كتبت المغنية الإيرلندية التي اعتنقت الإسلام، شنيد أوكونور ، رسالة إلى وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، تفضح فيها ما قام به هو وجماعته من تهديدها بالقتل قبل سنوات!
ردت أوكونور في رسالة مفتوحة قالت فيها “إنه يشعر بالشماتة بشأن نجاحه في منع ظهوري، لكن لدي بعض الأشياء لأقولها رداً على تهديد منظمتكم الأخير المتعلق بحياتي”
كتبت في مذكراتها المنشورة عام 2021: "أنا مغنية احتجاجية. كانت لدي فقط أمور أزيحها عن صدري. لم تكن لدي رغبة في الشهرة".
أُعلنت أمس وفاة المغنية الأيرلندية شينيد أوكونور عن 56 عاماً بعد مسار فني عالمي حافل.
شينيد التي عُرفت برأسها الحليق وصوتها الشرس، اشتهرت بآرائها الجريئة حول… pic.twitter.com/19ZVMmibBW— AJ+ عربي (@ajplusarabi) July 27, 2023
ترجع الحادثة إلى عام 1997، بعد أسابيع من قيام أوكونور بإلغاء حفل موسيقي كان مخططاً في القدس في صيف ذلك العام، كانت قد نظمته نساء فلسطينيات وإسرائيليات من أجل الترويج للقدس كعاصمة مشتركة، في ذلك الوقت، أعلنت الجماعة اليهودية المتعصبة مسؤوليتها عن تهديدات القتل.
كانت أوكونور من أشهر الأسماء في عالم الموسيقى، خاصة بعد أن تصدر غلافها لمسلسل Prince’s Nothing Compares 2 U قائمة الأغاني العالمية عام 1990، ولكنها حين تحولت إلى الإسلام عام 2018، غيرت اسمها إلى شهداء صدقات.
في ذلك الوقت، كان بن غفير عضواً قيادياً في تلك الجماعة اليهودية المتعصبة، وظهر على الإذاعة بعد إلغاء الحفل، معبراً عن شماتته بما حصل ونجاحه بإيقاف الحفل، فردت أوكونور في رسالة مفتوحة قالت فيها “إنه يشعر بالشماتة بشأن نجاحه في منع ظهوري، لكن لدي بعض الأشياء لأقولها رداً على تهديد منظمتكم الأخير المتعلق بحياتي”، وأضافت “كان لدي تعاطف مع الشعب اليهودي، وكنت أشعر بما عانوه من أسى على مر القرون”.
نصوص من الكتب المقدسة
تذكر أوكونور أنها عندما كانت طفلة وتشاهد التلفاز في ليلة عيد الميلاد، كانت ترى “رجالاً إسرائيليين وفلسطينيين يضربون بعضهم في شوارع القدس مسقط رأس أديانهم”،
وتساءلت في رسالتها لبن غفير “كيف يمكن أن يكون هناك سلام في أي مكان في الأرض إذا لم يكن هناك سلام في القدس؟”، واقتبست من (سفر الخروج في العهد القديم) نصاً جاء فيه “إذا أطعتني بأمانة وحفظت عهدي، ستكون لي مملكة من الكهنة وأمة مقدسة”.
في رسالتها أيضاً، طلبت أوكونور من بن غفير أن يتذكر الوصيتين في التوراة أيضاً “لا تقسم زوراً باسم الرب إلهك” و”لا تقتل”، ثم أنهت رسالتها بتحذير بن غفير بقولها “الله لا يكافئ أولئك الذين يجلبون الرعب إلى أطفال العالم، فأنت لم تنجح في شيء إلا بتحقيق الفشل في روحك “.
في وقت الحادثة، كان ظهور أوكونور في مخطط المهرجان قد أثار العديد من الإسرائيليين الذين كانوا يريدون تعزيز السيطرة الإسرائيلية على الأحياء في القدس الشرقية التي احتلتها إسرائيل منذ عام 1967، فقد وصف إيهود أولمرت، وقد كان رئيس بلدية القدس آنذاك، المهرجان بأنه “استفزاز ودعاية مناهضة لإسرائيل”، أما اليوم، فقد بات أولمرت يتحدث عن احتمال انزلاق إسرائيل إلى حرب أهلية بسبب التعديلات القضائية التي يدفع بها بن غفير وشركاؤه من اليمين المتطرف في الائتلاف الحكومي!
عندما تحدثت أوكونور عن الحادثة لاحقاً، قالت “لقد كانت حفلة نظمتها مجموعة من النساء الفلسطينيات والإسرائيليات للدفاع عن فكرة تقاسم المكان، لكن الجماعات اليهودية اليمينية هددت فرقتي بالقتل، لم أكن مستعدة للموت من أجل هراء أي شخص آخر، ولم أكن مستعدة لتعريض فرقتي للخطر، لذلك لم نذهب”.
“على المستوى الإنساني، لا يوجد عاقل لا يتضامن مع المحنة الفلسطينية، ولا يوجد عاقل على وجه الأرض يعاقب بالطريقة التي يعاقب بها الإسرائيليون”. شنيد أوكونور -مغنية ايرلندية
لقد أصبح بن غفير واحداً من أكثر السياسيين شهرة وإثارة للجدل في إسرائيل اليوم، فهو يرأس حزب “القوة اليهودية” اليميني، ويمارس سيطرة كبيرة كوزير على الشرطة وقوات الأمن الأخرى في حكومة بنيامين نتنياهو الحالية.
داعمة للقضية الفلسطينية
كانت أوكونور تعتبر داعمة للقضية الفلسطينية حتى من قبل حادثة المهرجان عام 1997، فكانت ترفع العلم الفلسطيني في حفلاتها الموسيقية، كما أحيت حفلين موسيقيين في منتجع مدينة قيسارية في إسرائيل عام 1995، وتشاجرت خلال الزيارة مع اثنين من المصورين قرب كنيسة القيامة في القدس.
عام 2014، توقفت أوكونور عن التخطيط لحفل موسيقي آخر في قيسارية، استجابة لدعوات حركة المقاطعة، التي دعتها إلى مقاطعة إسرائيل ثقافياً رداً على احتلالها للأراضي الفلسطينية، بعد أن كانت ترتب لحفلها وتطلب من الإسرائيليين والفلسطينيين الحضور.
في مقابلة لها مع مجلة الموسيقى والسياسة الإيرلندية “هوت بريس”، أشارت أوكونور إلى أن ذلك التخطيط “لقد كان التفاوض على الحفلة صعباً، ولم نكن قد اتفقنا على شيء بعد، ولكن أحداً نشر المعلومات سراً على أنها مؤكدة، وهي لم تكن كذلك”، وأضافت “نحن الموسيقيون أحياناً نكون أغبياء، فأنا لم أكن أدرك بأنه إذا وطئت قدماي قيسارية، فبذلك أكسر المقاطعة الثقافية، أما هم فقد كانوا يعلمون لكنهم لم يخبروني، بل حاولوا إقناعي لمدة عام كامل لأقيم الحفلة”!
“لكن عندما بدأت بالقراءة، خاصة الجزء الثاني من القرآن، أدركت أنني في المكان الصحيح، لقد كنت مسلمة طوال حياتي ولم أكن أعلم” . شنيد أوكونور- مغنية ايرلندية
قالت أوكونور معقبة بشيء من الحسرة “على أي حال، فقد واجهت الإساءة من الجميع، لأنه بطريقة ما تتم معاقبتي على ما يحدث للشعب الفلسطيني، لن أذهب إلى هناك لأنه أمر صعب، ولكني أشعر بالأسف على الشباب من كل الأطراف، بسبب صراع لم يتسببوا به، فلا يمكن أن يكون لهم حياة طبيعية بما فيها الموسيقى”.
أشارت أوكونور أيضاً إلى أنه قد اتهامها سابقاً بأنها من مؤيدي إسرائيل، لكنها تؤكد أن ذلك “أبعد ما يكون عن الحقيقة، فلنقل أنه على المستوى الإنساني، لا يوجد عاقل لا يتضامن مع المحنة الفلسطينية، ولا يوجد عاقل على وجه الأرض يعاقب بالطريقة التي يعاقب بها الإسرائيليون”.
في حديثها عن حفلات قيسارية عام 1995، قالت “لم تكن هناك مقاطعة، لكني كرهت المكان كثيراً، فقد كان واحداً من أكثر الأماكن التي زرتها عدوانية على الإطلاق، فلا يزال لدي ندبة بسبب الشجار مع ذلك المصور في القدس، لا أرغب بالعودة إلى هناك، وعلى مدار 25 سنة، كلما ظهر أي شيء عن إسرائيل في الأخبار أقوم بإقفاله، من وجهة نظري، إسرائيل لم تعد موجودة، إنها مجرد كلمة سيئة بالنسبة لي (إسرائيل)”.
التحول إلى الإسلام
تحدثت أوكونور أيضاً عن تقديرها للشعب والعقيدة اليهودية، وعندما اعتنقت الإسلام، قالت “كل دراسة للكتب المقدسة الأخرى لم تعد ضرورية”.
في مقابلة لها على التلفزيون الايرلندي عام 2019، قالت ” لقد بدأت في دراسة الكتب المقدسة من ديانات مختلفة، في محاولة للعثور على الحقيقة وعن الله، لم أتخيل أني سوف أنتمي لدين يوماً ما، حتى أني تركت الإسلام للنهاية، فقد كان لدي الكثير من التحيز ضد الإسلام”، واستدركت بالقول “لكن عندما بدأت بالقراءة، خاصة الجزء الثاني من القرآن، أدركت أنني في المكان الصحيح، لقد كنت مسلمة طوال حياتي ولم أكن أعلم”.