ماذا قال زعماء العالم عن الشرق الأوسط في اليوم الأول للجمعية العامة للأمم المتحدة 2023

افتتح قادة دول العالم الدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الثلاثاء في مقر الجمعية بمدينة نيويورك، بحضور عضو واحد فقط من مجلس الأمن هو الولايات المتحدة.

ويأتي انعقاد الدورة الحالية في ظل انقسام متصاعد تشهده الهيئة الدولية في أعقاب الحرب في أوكرانيا، الأمر الذي تطلب أن يكون عنوان لقاء هذا العام “إعادة بناء الثقة واستعادة التضامن العالمي”.

كما أدت العديد من الكوارث الكبرى التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط هذا العام، بما في ذلك الزلازل في تركيا والمغرب والفيضانات في ليبيا، إلى دفع قضية الكوارث الطبيعية والتهديد المتمثل في تغير المناخ إلى مقدمة اهتمامات الجمعية العامة.

ومن المرجح أن يشهد التجمع العالمي، الذي ضم زعماء أكثر من 140 دولة، تصاعد مطالب الدول النامية .

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد دأب في السنوات الأخيرة على تكرار شعار:” العالم أكبر من خمسة”، في إشارة إلى أوجه القصور في أداء مجلس الأمن.

وفيما يلي ما قاله زعماء العالم عن الشرق الأوسط خلال اليوم الأول:

الولايات المتحدة

في اليوم الأول من الجلسة العامة يوم الثلاثاء، تحدثت البرازيل أولاً كما جرت العادة منذ الدورة العاشرة للجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1955.

ثم تحدث الرئيس الأمريكي جو بايدن ثانياً متناولاً الإعلان الأخير في مجموعة العشرين حول ممر الهند والشرق الأوسط، والذي يوصف بأنه المنافس لمبادرة الحزام والطريق الصينية.

وقال بايدن:” من خلال الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والأردن وإسرائيل، سنعمل على تحفيز فرص الاستثمار عبر القارتين”.

وأضاف: “هذا جزء من جهودنا لبناء شرق أوسط متكامل أكثر استدامة وهو ما يوضح أن التطبيع الأكبر مع إسرائيل وفتح العلاقات الاقتصادية مع جيرانها يحقق نتائج إيجابية وعملية”، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بحل الدولتين كطريق لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني”.

وبعيداً عن ذلك، لم يُشر الرئيس الأميركي إلا قليلاً إلى الشرق الأوسط، المنطقة التي تورطت فيها الولايات المتحدة عسكرياً على مدى العقدين الماضيين.

وسلّط الخطاب، الذي استغرق أقل من 30 دقيقة، الضوء على ابتعاد إدارة بايدن الواضح عن التركيز على الشرق الأوسط وعلى خصميها، الصين وروسيا.

وخلال خطابه، أعرب بايدن أيضًا عن دعمه لتوسيع دائرة الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والذي يضم حاليًا الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وفرنسا، والصين، وروسيا.

الأردن

ألقى العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خطاباً موجزاً أمام الجمعية العامة، واختار عدم تجاوز الوقت المخصص له وهو 15 دقيقة.

وركز الملك خطابه بشكل أساسي على قضيتين: أزمة اللاجئين السوريين ومعاناة الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي.

ووجه العاهل الأردني نداءً حماسياً إلى المنظمة الدولية لبذل المزيد من الجهد للتعامل مع هذه القضايا، مضيفاً أن عمّان لا تستطيع التعامل مع المزيد من اللاجئين القادمين إلى البلاد.

وقال:” لقد نجحنا بعناية في الجمع بين مواردنا المحدودة والدعم الأساسي من المجتمع الدولي، لكن قدرة الأردن على تقديم الخدمات الضرورية للاجئين تجاوزت اليوم قدراتنا”.

ويستضيف الأردن واحدةً من أكبر تجمعات اللاجئين في العالم نسبةً إلى عدد سكانه، مع وجود مليوني لاجئ فلسطيني وأكثر من مليون لاجئ فروا من الحرب في سوريا، في وقت يبذل فيه الجهود أيضاً للتواصل مع سوريا، حيث تتطلع دمشق إلى العودة إلى الحظيرة العربية.

ودعا الملك عبد الله أيضًا الدول في جميع أنحاء العالم إلى زيادة دعمها للشعب الفلسطيني وتبني حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وسط دفع الولايات المتحدة لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل.

وقال الملك عبد الله “دون توضيح شأن مستقبل الفلسطينيين، سيكون من المستحيل الاتفاق على حل سياسي لهذا الصراع”.

وتابع:” يمكننا أن نرى الشعب الإسرائيلي يدافع بنشاط عن هويته الوطنية ويشارك في التعبير عنها، إلا أن الشعب الفلسطيني محروم من نفس الحق في التعبير عن هويته الوطنية وتحقيقها”.

تركيا

من جانبه توسع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في خطابه على المنصة الدولية، فتطرق إلى العلاقات مع العراق وسوريا، والتوترات في شرق البحر الأبيض المتوسط والقوقاز.

وبدأ أردوغان خطابه بالدعوة إلى إجراء إصلاحات في الأمم المتحدة استناداً إلى شعاره “العالم أكبر من خمسة”، مجدداً الدعوة التي طالما أطلقتها تركيا، إلى جانب القوى الصاعدة كالهند، إلى إصلاح عملية صنع القرار في المنظمة الدولية.

وقال أردوغان:” المؤسسات التي تم إنشاؤها بعد الحرب العالمية الثانية لم تعد تعكس عالم اليوم، لقد توقف مجلس الأمن عن كونه الضامن للأمن العالمي وأصبح ساحة معركة للاستراتيجيات السياسية لخمس دول فقط”.

ورضعت تركيا نفسها في موقع الوسيط على المسرح الدولي باعتبارها الوحيدة من أعضاء الناتو التي حافظت على قنوات اتصال مفتوحة مع موسكو. 

وكان أردوغان قد التقى بنظيره الروسي فلاديمير بوتين في مدينة سوتشي الساحلية بجنوب روسيا قبل انعقاد الجمعية العامة.

وتعهد الرئيس التركي بتكثيف أنشطته الدبلوماسية من أجل إنهاء الحرب في أوكرانيا.

وقال أردوغان في خطابه “لقد سعينا جاهدين لإبقاء أصدقائنا الروس والأوكرانيين حول الطاولة مع فرضية مفادها أنه لن يكون في الحرب منتصرون ولن يخرج من السلام خاسرون”.

وساعدت تركيا في التوصل إلى اتفاق تدعمه الأمم المتحدة لتصدير الحبوب الأوكرانية والروسية عبر البحر الأسود. 

وقال أردوغان إنه سمح بتسليم 33 مليون طن من الحبوب إلى الأسواق العالمية قبل انهيار الاتفاق هذا الصيف، موضحاً أن بلاده ستواصل تشجيع عودة اللاجئين إلى سوريا من خلال المراكز التي تبنيها عبر حدودها الجنوبية.

وتعرضت العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا للتوتر في سوريا جراء دعم واشنطن لقوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد. 

ودعمت الولايات المتحدة الجماعة الكردية في مواجهة تنظيم داعش، لكن تركيا تعتبر قوات سوريا الديمقراطية امتداداً لحزب العمال الكردستاني، الذي تعتبره أنقرة وواشنطن منظمة إرهابية.

ووجه أردوغان انتقاداً مبطناً للدعم الأمريكي لقوات سوريا الديمقراطية قائلا:” إن أكبر تهديد لسلامة أراضي سوريا ووحدتها السياسية هو الدعم المقدم للمنظمات الإرهابية”.

وتتطلع تركيا إلى تنفيذ مشروع عبور بالسكك الحديدية والطرق مع العراق، بينما تدير الولايات المتحدة مشروعها الخاص عبر دول الخليج وإسرائيل والأردن. 

وقال أردوغان إن حكومته تهدف إلى تعزيز “وحدة العراق السياسية وسلامة أراضيه وجهود إعادة الإعمار فيه”.

لكن العمليات التركية ضد المقاتلين الأكراد على الأراضي العراقية قد تعيق تحقيق هذه الطموحات.

وانتقد الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد يوم الثلاثاء “الهجمات المتكررة” التي تشنها تركيا في البلاد، بعد يوم من مقتل ثلاثة ضباط أكراد من وحدات مكافحة الإرهاب في غارة بطائرة بدون طيار على مطار في شمال البلاد.

وتعمل تركيا على تهدئة التوتر مع اليونان المجاورة في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط.

لكن الوضع في جزيرة قبرص المقسمة عرقياً قد يعيق هذه المساعي، حيث هاجمت قوات الأمن القبرصية التركية قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في آب / أغسطس، رغم الهدوء السائد في الآونة الأخيرة.

وأشار أردوغان إلى أن بعثة الأمم المتحدة في قبرص فقدت مصداقيتها، وحث الدول الأعضاء في المنظمة الدولية على الاعتراف بجمهورية شمال قبرص التركية.

وتزامن صعود أردوغان إلى المنصة مع إطلاق أذربيجان، الحليف الإقليمي الوثيق لتركيا، عملية عسكرية في منطقة ناغورنو كاراباخ المتنازع عليها مع أرمينيا، مما ينذر بالعودة إلى الحرب الدموية التي دارت رحاها بين البلدين عام 2020.

وتركيا حليف تاريخي لأذربيجان وتعتبر أرمينيا أحد منافسيها الإقليميين الرئيسيين.

وقال أردوغان إن حكومته “تهدف إلى إقامة علاقات حسن جوار” مع أرمينيا، لكنه أوضح أن يريفان “لا تغتنم هذه الفرصة التاريخية”.

وأدلى الرئيس التركي في وقت لاحق من اليوم، ببيان على الإنترنت علق فيه على العملية العسكرية قائلا:” نؤيد الخطوات التي اتخذتها أذربيجان، التي نعمل معها جنبا إلى جنب مع شعار أمة واحدة ودولتين، للدفاع عن سلامة أراضيها”.

كما أكد أردوغان دعم تركيا للفلسطينيين وجهود حكومته لحماية الوضع التاريخي في القدس، موطن المسجد الأقصى.

وأضاف أن الدول المتقدمة “تعاني من العنصرية إلى جانب كراهية الأجانب وكراهية الإسلام وكأنها وباء”، مضيفاً أن الهجمات على الإسلام وصلت إلى “مستويات لا تطاق”.

دولة قطر

واتخذ حاكم قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، من تدنيس القرآن الكريم في دول مثل السويد موضوعًا رئيسيًا في خطابه.

وقال الأمير القطري على منصة الأمم المتحدة:” أود أن أقول لإخواني المسلمين إنه لا ينبغي لنا أن نقع فريسة لأي أحمق أو شخص مريض عقلياً يستفزنا بحرق القرآن”، متحدياً أولئك الذين يدافعون عن حرق القرآن بذريعة حرية التعبير.

وقال:” إلى كل أولئك الذين يبررون تلك الأفعال القبيحة والبشعة بأنها حرية تعبير… لا ينبغي أن يُنظر إلى المساس بحرمة الآخرين على أنه رمز لحرية التعبير”.

وركز آل ثاني في تصريحاته كذلك على الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، قائلاً إنه “من غير المقبول أن يستمر الشعب الفلسطيني في المعاناة تحت نير الاحتلال الإسرائيلي”.

وانتقد آل ثاني المجتمع الدولي بسبب “تقاعسه الواضح” في التعامل مع إسرائيل، قائلاً إن عدم الرد على الإجراءات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة يقوض حل الدولتين.

وأضاف أن “الاحتلال أصبح بمثابة نظام فصل عنصري وقح وصريح في القرن الحادي والعشرين”.

وفي الوقت الذي تتودد فيه الولايات المتحدة إلى السعودية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، حذر آل ثاني من هذا التواصل، قائلاً إن إسرائيل ردت على مبادرات السلام والتطبيع العربية بسياسات أكثر قومية ومتشددة “تنعكس في الائتلافات الحكومية والمزيد من التوسع الاستيطاني بالإضافة إلى تهويد القدس”.

مقالات ذات صلة