ماذا يعني تعليق بريطانيا لأقل من 10% من تراخيص تصدير الأسلحة لإسرائيل؟

بقلم عثمان مقبل

ترجمة وتحرير نجاح خاطر 

لقد وصل الوضع في غزة إلى نقطة حرجة، حيث يجب فهم تصرفات الجيش الإسرائيلي ليس باعتبارها حوادث معزولة، بل باعتبارها تهديدًا وجوديًا للشعب الفلسطيني، والذي بحسب محكمة العدل الدولية قد يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية.

إن العدوان الإسرائيلي المستمر والهجوم العسكري، واستهداف المدنيين والمستشفيات وأنظمة الرعاية الصحية والمدارس، والنزوح القسري، واستخدام المجاعة كسلاح حرب، كلها مكونات من شأنها أن تجعل غزة غير صالحة للسكن بالنسبة للحياة البشرية، حتى لو تم التوصل إلى وقف إطلاق النار.

لقد دقت المنظمات الإنسانية ناقوس الخطر طيلة الـ 11 شهرًا الماضية بشأن الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي، بما في ذلك منع وصول عمليات الإغاثة، والقيود المفروضة على الموارد الأساسية، واستهداف عمال الإغاثة والقوافل والمجمعات.

كان ينبغي لتحذير محكمة العدل الدولية بشأن الإبادة الجماعية في غزة أن يكون بمثابة جرس إنذار للحكومة البريطانية، وباعتبارها طرفاً في اتفاقية الإبادة الجماعية، فإن المملكة المتحدة ملزمة بضمان عدم تواطؤها في انتهاكات هذه المعاهدة. 

وبعد صدور حكم محكمة العدل الدولية، كان ينبغي فرض حظر فوري على الأسلحة ضد إسرائيل، ولكن بدلاً من ذلك، وبعد أكثر من سبعة أشهر، أعلن هذا الأسبوع عن تعليق 30 ترخيصاً فقط لتصدير الأسلحة.

وفي حين تتحرك حكومة المملكة المتحدة أخيراً على أساس الأدلة المتزايدة على انتهاكات القانون الإنساني الدولي في غزة، فإن هذا القرار لا يعد انتصاراً، بل هو الحد الأدنى مما يجب القيام به.

إن تعليق 30 ترخيصاً للأسلحة من أصل 350 ترخيصاً لا يعدو كونه قطرة في المحيط، فبوسع بريطانيا أن تفعل المزيد، بل يتعين عليها أن تفعل المزيد.

تقاعس مثير للقلق

إذا كان هناك، كما تعترف هذه الحكومة، “خطر واضح” يتمثل في إمكانية استخدام بعض الصادرات العسكرية إلى إسرائيل لانتهاك القانون الإنساني الدولي، فإنها لابد وأن تطبق التزاماتها بالكامل وتحظر جميع مبيعات الأسلحة.

إن القرار بعدم تعليق جميع المبيعات،  وخاصة إعفاء الأجزاء المستخدمة في طائرات إف-35 المقاتلة، وهي أهم صادرات الأسلحة البريطانية إلى الجيش الإسرائيلي، أمر مثير للقلق بشكل عميق،  فهذه الأسلحة ذاتها استخدمت في واحدة من أكثر الهجمات فظاعة في الأشهر الأخيرة على “منطقة آمنة”،  ولا شك أن “الخطر الواضح” يمتد إلى أجزاء من طائرات إف-35.

ونظراً لأن 90% من سكان غزة، بما في ذلك زملائي في منظمة العمل من أجل الإنسانية، اضطروا إلى الفرار من منازلهم تحت القصف الإسرائيلي المتواصل، دون أي مكان آمن يذهبون إليه، فإن تقاعس المملكة المتحدة أمر مثير للقلق.

أخشى أننا نشهد الآن “تحويل الضفة الغربية إلى غزة”، في محاولة لمحو الشعب الفلسطيني، والحكومة البريطانية متواطئة حقاً

ما لم تطالب الحكومة البريطانية إسرائيل بشكل عاجل بالسماح للناس بالعودة إلى منازلهم وإعادة بنائها، كما يقتضي القانون الدولي، فإن هناك خطراً حقيقياً للغاية بأن يصبح هذا النزوح القسري الجماعي مدفوعاً دائماً بشكل جزئي بالأسلحة البريطانية.

وفي بيانه الانتخابي قبل الانتخابات الأخيرة، قال حزب العمال الحاكم الآن إنه ملتزم بدعم القانون الدولي، وقد حان الوقت الآن لكي تفي الحكومة الجديدة بهذا الوعد.

وبعد أكثر من سبعة أشهر من صدور أمر من محكمة العدل الدولية باتخاذ “تدابير فورية وفعالة” لحماية الفلسطينيين في قطاع غزة المحتل من خطر الإبادة الجماعية، فشلت إسرائيل في اتخاذ حتى الحد الأدنى من الخطوات اللازمة للامتثال، وهذا الإفلات من العقاب هو السبب وراء شنها الآن أكبر هجوم لها على الضفة الغربية المحتلة منذ الانتفاضة الثانية.

أخشى أننا نشهد غزة أخرى في الضفة الغربية، في محاولة لمحو الشعب الفلسطيني وتفكيك المكونات التي تجعل الحياة قابلة للعيش فيها، بينما نشهد تواطئاً مخزياً من قبل الحكومة البريطانية.

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة