أثارت أنباء وفاة الناشط السوري مازن الحمادة في سجن صيدنايا سيئ السمعة موجة من الصدمة في مختلف أنحاء العالم.
فحينما سمعت الخبر بينما كانت تحتفل بسقوط الرئيس بشار الأسد، قالت ميسون بيرقدار، وهي صحفية سورية مقيمة في برلين: “لقد كنت في بث مباشر أمس، لكنني انهرت وبدأت بالبكاء”.
كان الحمادة، أحد أبرز الناشطين المناهضين للحكومة في سوريا، وقد أمضى سنوات في الخارج يخبر الناس عن الانتهاكات التي تعرض لها في صيدنايا، حيث احتُجز لأكثر من عام ونصف بسبب محاولته تهريب الحليب للأطفال في عام 2012.
لقد تحدث لسنوات عن الإساءة الجسدية والعقلية والجنسية التي تعرض لها في السجن، وبعد أن حصل على اللجوء في هولندا، صدم الحمادة أقرانه عندما قرر العودة إلى دمشق مجدداً في أوائل عام 2020.
وقالت بيرقدار التي كانت آخر شخص تحدث مع الحمادة قبل رحلته من بيروت إلى دمشق، “لقد كان مريضا نفسيا”، مضيفة أنها توسلت إليه بشدة لتغيير رأيه.
وأوضحت لموقع ميدل إيست آي: “لن أنسى أبدا كل كلمة قلتها له، وكم حاولت جاهدة لمنعه من العودة وكم غضبت لعدم استجابته، قلت له، مازن، لا تذهب، أتوسل إليك، لا يمكن الوثوق بهذا النظام، إنهم يحاصرونك، ماذا تفعل بذهابك هناك؟”.
وعلى الرغم من محاولاتها، وتحذيرها له من أن الحكومة قد تعاقبه بشدة إذا دخل سوريا، إلا أنه صعد على متن الطائرة التي أدت إلى اختفائه في النهاية.
“لقد حاولنا جاهدين مساعدته”
بدوره، اعتبر صقر خضر، الفنان التشكيلي الفلسطيني المقرب من الحمادة أن الحكومة الهولندية “مسؤولة بشكل مشترك” عن وفاته.
وعلى منصة X نشر خضر الذي كان رفيقاً لــ الحمادة خلال إقامتهما في هولندا: “مع تصاعد العنف في سوريا، تصاعدت الضغوط من مختلف السلطات في هولندا، حيث أُبلغ مازن بأن عليه تقديم شيء مقابل كل ما أعطي له”.
ووفقاً لخضر، فقد عانى مازن من اضطراب ما بعد الصدمة بشكل شديد وهو ما تركه في خوف دائم، مما جعل من الصعب عليه العمل.
وأوضح خضر “في كل مرة سافر فيها مازن إلى الخارج للإدلاء بشهادته ضد الأسد ومشاركة قصته عن الظلم الذي تعرض له، زادت السلطات الهولندية من الضغوط عليه، بحجة أنه طالما بإمكانه السفر، وهو ما اعتبروه أشبه بالعُطلات، فيجب أن يكون قادراً على العمل”.
وفي مقطع فيديو نُشر قبل مغادرته إلى سوريا، اتهم الحمادة الحكومة الهولندية بزيادة الضغوط عليه من خلال قطع إعاناته، مما جعله غير قادر على دفع الإيجار بينما كان يعاني من مشاكل نفسية ومالية.
لكن بدوي المغربل، وهو صديق مقرب وجار لــ الحمادة، لم يوافق على هذه الادعاءات، قائلاً إن الحكومة الهولندية كانت تعامله بشكل جيد وأن خسارته للمال كانت بسبب نزاعات شخصية.
وعلى الرغم من ذلك، فقد وصل حمادة إلى نقطة الانهيار حيث يُزعم أنه تواصل مع أعضاء الحكومة السورية للتخطيط لعودته.
وقال مغربل: “في المرات القليلة الماضية التي رأيت فيها مازن، تدهورت حالته الصحية بشكل خطير، وسألته عما إذا كان يحتاج إلى أي أموال، لأنني ساعدته كثيرًا في نفقاته”.
فشلت جميع محاولات مغربل لمنع حمادة من المغادرة، وقال: “لقد حاولنا جاهدين مساعدته على الخروج من الأزمة التي كان فيها، وفي النهاية، اتهمني بعدم الاهتمام برفاهيته، قائلاً لا، أنت تغار مني لأنني ذاهب لرؤية بشار الأسد”.
وبالعودة إل بيرقدار فقد كان الحمادة “مقتنعًا بأنه سيلعب دورًا جيدًا في تحرير الأسرى وبناء بلدنا” من خلال العودة إلى دمشق.
فرحة تبخرت
بعد اختفاء الحمادة، عمل أصدقاؤه وعائلته بلا كلل للحصول على أي معلومات عن مكانه، حتى أن مغربل كان على اتصال بمصدر في دمشق لمحاولة العثور على أي معلومات عنه.
وعلى الرغم من ذلك، لم يكن هناك ما يهيئهم لما بدا وكأنه صورة لجثته المعذبة التي تم انتشالها من صيدنايا يوم الاثنين، بعد يوم من سقوط حكومة الأسد.
“لقد اختلط الفرح بالحزن، الأمر أشبه بأن تفقد أحد والديك في يوم زفافك، لقد تبخرت فرحتي بسقوط النظام حين رأيت ما كان يحدث في صيدنايا، وخاصة مع وفاة مازن” – بدوي المغربل، صديق مقرب من مازن الحمادة
وبحسب ما ورد فقد تم إطلاق سراح آلاف الأسرى من العديد من السجون الحكومية بعد سيطرة الثوار على سوريا، وتم العثور على أدلة على انتهاكات حقوق الإنسان وتم تداولها على نطاق واسع عبر الإنترنت.
ويأمل الكثيرون، مثل بيرقدار، أن يتم محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات حيث قالت أنه “لا ينبغي ترك أي شخص دون عقاب، بالقانون، وليس من خلال الانتقام”.
وهناك آخرون كثر مثل مغربل قال عن صدمته بصورة مازن “لقد صدمنا عندما أخرجوه من صيدنايا أمس، لم أستطع النوم وكنت مكتئبًا للغاية”، لكنهم في الوقت ذاته ينتظرون أي أخبار عن أحبائهم المختفين.
وعن ذلك بالتحديد يقول مغربل: “لدي أقارب، ولدي عمي، وما زلت أنتظر أن يرسل لي أحد ما صورة له، أو اسمه، أو أي معلومة عنه”.
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)