من المقرر أن تصدر محكمة العدل الدولية، يوم الجمعة، حكمها بشأن التدابير المؤقتة التي طالبت جنوب أفريقيا باتخاذها في قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها ضد إسرائيل.
ومن المستبعد أن تصدر المحكمة حكماً نهائياً بشأن ما إذا كانت إسرائيل مذنبة بارتكاب جرائم إبادة جماعية في حربها على قطاع غزة، لكنها ستصدر بدلاً من ذلك حكماً بشأن التدابير المؤقتة التسعة التي طلبتها جنوب أفريقيا في قضيتها.
ومن بين أهم تلك التدابير، الوقف الفوري للعمليات العسكرية ضد قطاع غزة والامتناع عن عرقلة إيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع الفلسطيني المحاصر.
ومن الممكن أن توافق محكمة العدل الدولية على بعض التدابير المطلوبة أو كلها أو أن ترفضها جميعاً اعتماداً على تقدير القضاة بمعقولية الحجج التي قدمتها جنوب أفريقيا ومدى تدعيمها بالأدلة المناسبة.
وفي حين يعتقد العديد من الباحثين القانونيين أن الدولة الأفريقية قدمت حجة قوية، إلا أنه من غير المرجح على ما يبدو أن يتم الإعلان عن الدعوة إلى الوقف الكامل للأعمال العدائية غدًا.
ومن بين الإجراءات التي طالبت بها جنوب أفريقيا أن تقوم إسرائيل بما يلي:
الوقف الفوري لعملياتها العسكرية ضد غزة، وضمان عدم اتخاذ قواتها المسلحة أي خطوات لتعزيز العمليات العسكرية، واتخاذ جميع التدابير المعقولة في حدود سلطتها لمنع الإبادة الجماعية، ومنع قواتها المسلحة من التحريض المباشر والعلني على ارتكابها، أو التآمر لارتكاب الإبادة الجماعية، أو محاولة ارتكابها، أو التواطؤ في ذلك.
ويضاف إلى البنود السابقة اتخاذ تدابير فعالة لمنع تدمير الأدلة المتعلقة بالادعاءات بارتكاب أفعال تدخل في نطاق المادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها وضمان الحفاظ على هذه الأدلة وتقديم تقارير منتظمة إلى المحكمة عن جميع الإجراءات المتخذة لتنفيذ أمر المحكمة، بالإضافة إلى الامتناع عن أي إجراء من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم النزاع أمام المحكمة أو إطالة أمده أو جعل حله أكثر صعوبة.
وقالت جولييت ماكنتاير، محاضرة القانون في جامعة جنوب أستراليا “إن قضية جنوب أفريقيا تتعلق في الغالب بخلق إسرائيل لظروف غير ملائمة للحياة كنقص الغذاء والماء وما إلى ذلك”.
وأضافت: ” بطريقة ما، فإن الحملة العسكرية ليست مركز القضية”، حيث يمكن للمحكمة التي تتمتع بسلطة قضائية على الدول فقط أن تصدر أوامر لإسرائيل، بينما لا تستطيع فعل ذلك عندما يتعلق الأمر بحماس كونها تعد كياناً لا دولة، حيث كانت إحدى الحجج الرئيسية التي تسوقها إسرائيل أنها تحتاج إلى حماية نفسها من حماس.
ولفتت ماكنتاير النظر إلى أن ” المحكمة ليس لديها كل الأدلة لأن هذه مجرد جلسة استماع أولية”، قائلة، ” على هذا النحو، من الممكن أن تحاول المحكمة تحقيق التوازن بين مصالح الطرفين: ضمان حماية المدنيين من بين أمور أخرى مع عدم منع إسرائيل من العمل ضد حماس”.
ولذلك يمكن لمحكمة العدل الدولية أن تدعو إلى تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية وضمان حماية أفضل للمدنيين.
هل يمكن تنفيذ هذه الأوامر؟
بينما تُعد أحكام محكمة العدل الدولية مُلزمة قانوناً، إلا أن المحكمة لا تستطيع تنفيذها، حيث لا يمكن استخدام أي آلية لفرض الامتثال لقراراتها.
وقالت ماكنتاير: ” يمكن لمحكمة العدل الدولية أن تعلم بعدم تحقق الامتثال لقراراتها بشكل صحيح، لذلك فقد تأمر على سبيل المثال بالتعويض عن الضرر الناجم عن عدم الامتثال، لكن تحقيق ذلك بعيد المنال.”
وعلى المدى القصير، يمكن للدول أن تطلب من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التحرك وتنفيذ عقوبات منفصلة تهدف إلى إجبار الدولة غير الممتثلة على اتباع أوامر المحكمة.
وفي قضية الإبادة الجماعية المرفوعة ضد إسرائيل، إذا رفضت الأخيرة الامتثال، فسوف يظل هناك خطر استخدام الولايات المتحدة حق النقض ضد أي قرارات لمجلس الأمن الهادفة إلى إنفاذ أحكام محكمة العدل الدولية.
و في وقت سابق، قالت الحكومة الإسرائيلية أنه لا يمكن لأحد بما في ذلك لاهاي منعها من استعادة “الأمن في جنوب وشمال إسرائيل”.
ومن المحتمل أن ترفض إسرائيل الامتثال للحكم الذي يدعو إلى وقف كامل لإطلاق النار، لكنها قد توافق على السماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة.
ما هو التأثير الأوسع الذي يمكن أن يحدثه الحكم؟
حتى لو لم يتم تنفيذ الحكم، فإن الحكم بالإيجاب على بعض أو كل الإجراءات المؤقتة التي اتخذتها جنوب إفريقيا يمكن أن يفرض ضغوطًا على إسرائيل والحكومات المتحالفة معها.
وتابعت ماكنتاير: ” في هذه المرحلة، هذا يعني فقط أن جنوب أفريقيا أثبتت أن هناك مخاطر معقولة بوقوع إبادة جماعية، وليس أن هناك إبادة جماعية، وقد يكون لذلك تأثيرات مضاعفة على دول أخرى، ومن الأعمال غير المشروعة دولياً تقديم المساعدة أو المساعدة في ارتكاب أفعال غير مشروعة مثل الإبادة الجماعية.
وختمت، “قد تسحب الدول الدعم العسكري أو غيره من أشكال الدعم لإسرائيل لتجنب ذلك، وعلى الدول أيضًا واجب منع الإبادة الجماعية، والتي يمكن أن تأخذها على محمل الجد بمجرد أن تثبت المحكمة أن ارتكابها كان مخاطرة معقولة.
بقلم نادر ضرغام
ترجمة وتحرير نجاح خاطر
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)