في أحدث المساعي للتصدي لموجات الهجرة، تحرم الحكومة التونسية اللاجئين الأفارقة الوافدين من جنوب الصحراء الكبرى من الحصول على الغذاء والمياه، وفقًا لمراقبي حقوق الإنسان.
ووصف نيكولاس نوي، زميل زائر مرموق في منظمة اللاجئين الدولية، محنة المهاجرين الذين قدم معظمهم من دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، بأنها “الأسوأ” في تاريخ تونس الحديث.
ونبّه نوي إلى أن العديد من المنظمات غير الحكومية التونسية والوكالات الدولية والهلال الأحمر التونسي اضطرت إلى التوقف عن تقديم المساعدات التي تزداد حاجة للمهاجرين لها في البلاد.
وأوضح نوي:” تُمنع هذه المنظمات حالياً من تقديم المساعدة الطارئة للمهاجرين في صفاقس وجوارها وفي كافة أرجاء البلاد رغم أن هذه المساعدات متطلبات إنسانية وأخلاقية ومعنوية أساسية، كما أن تقديمها ملزم قانوناً”.
وأضاف أن حياة المهاجرين باتت في تونس أسوأ مما كانت عليه سابقاً جراء تردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي.
وبذل الرئيس التونسي قيس سعيد جهداً كبيراً في التحريض على المهاجرين الذين غادروا بلدانهم بحثًا عن حياة أفضل في تونس.
وفي وقت سابق من هذا العام، ربط سعيد المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بالإجرام وبخطة “لتغيير التركيبة الديموغرافية لتونس”.
” أنا أدين شروط هذا الاتفاق، إنه يصور التواطؤ بين أوروبا وتونس من أجل هدف مشترك: إيقاف المهاجرين بأي ثمن” – منير ساتوري، عضو البرلمان الأوروبي في الاتحاد الأوروبي
وتعتبر خطوة الحكومة التونسية الأخيرة المتمثلة في تقييد المساعدات الملّحة جزءًا من اتجاهٍ متصاعد لتعقيد ظروف اللاجئين الإنسانية.
وقال نوي إن اللاجئين يوفرون منذ فترة طويلة مصدراً مهماً للعمالة الرخيصة في تونس، محذراً من سهولة استغلالهم “بسبب غياب إطار مناسب”، مضيفا أنهم “يتقاضون أجورًا أقل بكثير من غيرهم، وسط فرص أقل بكثير لكسب المال”.
وقال منير ساتوري، العضو الفرنسي في لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الأوروبي، إنه لا ينبغي للاتحاد الأوروبي المضي قدمًا في الاتفاق الذي وقعه مع تونس لوقف الهجرة في تموز / يوليو من هذا العام.
وبموجب شأن الاتفاق، يمكن لتونس الحصول على دعم مالي بمئات الملايين من الدولارات مقابل تعاونها في التعامل مع الهجرة إلى الاتحاد الأوروبي.
وقال ساتوري:”يجب أن تركز المساعدات الأوروبية على انتهاكات حقوق الإنسان والوضع المناخي والاقتصادي باعتبارها أسباب الهجرة من بلد ما، لكن أوروبا تغض الطرف، وبدلاً من ذلك، تغتنم الفرصة لإرضاء جنوحها الدنيء نحو اليمين المتطرف”.
وكان أمين المظالم الأوروبي قد أطلق يوم الجمعة تحقيقاً مع المفوضية الأوروبية بشأن اتفاق الهجرة المثير للجدل مع تونس.
وتبحث الرسالة الموجهة من هيئة مراقبة الأخلاقيات في الاتحاد الأوروبي إلى رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين عن إجابات حول الاتفاق والأحكام التي يتضمنها، إن وجدت، لحماية حقوق المهاجرين.
وخاطبت إميلي أورايلي أمينة المظالم الأوروبية فون دير لاين مساء الأربعاء في رسالة تم نشرها صباح الجمعة قائلة:” لا يمكن أن تكون هناك إدارة جيدة حيث لا يتم احترام الحقوق الأساسية”.
وتتطلع أورايلي الآن إلى التحقيق فيما إذا كان الاتحاد الأوروبي قد أجرى أي تقييم لحقوق الإنسان بعد الاتفاق مع تونس، الأمر الذي من شأنه أيضاً أن يرسي الأساس لإلغاء الاتفاق أو إدخال تعديلات كبيرة عليه.
وكان أعضاء البرلمان الأوروبي قد منعوا الخميس من دخول تونس، بعد وقت قصير من انتقاد بعض البرلمانيين الأوروبيين للاتفاق حيث وصف منعهم من دخول تونس بأنه “صفعة على وجه الدبلوماسية البرلمانية الأوروبية”.
وقالت وزارة الخارجية التونسية في بيان لها إنه لن يسمح لوفد الاتحاد الأوروبي بالدخول بسبب “تحفظات مختلفة” على الزيارة.
ومن جانب آخر، تشير المعارضة الكبيرة للاتفاقية من داخل برلمان الاتحاد الأوروبي إلى أن اتفاق الهجرة المبرم في بروكسيل يعيش في ظروف هشة.
وقال نوي: “عندما تتحدث مع أي من الدبلوماسيين الأوروبيين المتواجدين في تونس، ستجد أن عدداً منهم يقول إنه لم يعد هناك اتفاق قائم بعد”.