تُظهر ملصقات الحملة الانتخابية المنتشرة في شوارع اسطنبول كمال كيليتشدار أوغلو، المرشح الرئاسي المعارض، موجهاً رسالة لجذب الناخبين يقول فيها: “السوريون سيرحلون!”
سعى كيليتشدار أوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري (CHP) والذي يدعمه تحالف معارضة من ستة أحزاب، حتى وقت قريب إلى إبراز نفسه كشخصية جدّية يأمل في توجيه البلاد نحو الحرية والديمقراطية والحب.
لكن بالنسبة للسوريين، لم تكن رسائل كيليتشدار أوغلو الأخيرة تحمل المحبة.
يهدف كيليتشدار أوغلو إلى التوفيق بين أهدافه المزعومة المتمثلة في إعادة البلاد نحو الديمقراطية وسيادة القانون مع التهديدات بإعادة ملايين اللاجئين إلى منطقة الحرب، وهو إنجاز من شأنه أن يتعارض مع القانون الدولي.
حظي خطاب كيليتشدار أوغلو المناهض للاجئين بدعم حزب النصر اليميني المتطرف الذي شن زعيمه أوميت أوزداغ حملة بلا هوادة فيها لإعادة السوريين، وألقى بثقله هذا الأسبوع خلف زعيم المعارضة.
وقالت كريستال أتيس، التي استخدمت اسماً مستعاراً أن” السوريون عمومًا مهتمون بكيفية تعامل المرشحين مع قضية الهجرة”.
مستوى محبط من الجهل
وخلال حملته الانتخابية، اتهم كيليتشدار أوغلو حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان بالسماح لـ “عشرة ملايين” لاجئ بدخول البلاد، وهو رقم يفوق بكثير المعطيات الرسمية حول اللاجئين في تركيا.
وعندما سمعت أتيس هذا الرقم، قالت إنها شعرت بأنها “تريد خنق الرجل بسبب أكاذيبه”.
وزعم كيليتشدار أوغلو بعد ذلك أن عدد المهاجرين “غير الشرعيين” قد يرتفع إلى 30 مليونًا في السنوات القليلة المقبلة.
وقالت أتيس (25 عاماً) “إن مستوى الجهل بالأشخاص الذين يعيشون بجوارهم ويعملون معهم محبط للغاية”.
وأضافت أتيس، التي تعمل في مؤسسة إعلامية وهي الآن مواطنة تركية، إنها ستصوت يوم الأحد لصالح أردوغان.
وتابعت: “أشعر بأمان أكبر الآن بعد الحصول على الجنسية، لكنني لست مرتاحة كثيراً لإخبار الناس بذلك هذه الأيام”.
تنفست أتيس الصعداء عندما توجهت للتصويت في 14 أيار/ مايو دون أن تتعرض لأي إساءة، وقالت “كان من الواضح أنني أجنبية”، في إشارة إلى اسمها العربي.
وعندما حصل أردوغان على 49.4% من الأصوات في الجولة الأولى من الانتخابات، تنفّس العديد من السوريين الصعداء.
وحصل كيليتشدار أوغلو على 44.9% من الأصوات وقتها، فيما اعتبر أكبر تحد انتخابي لحكم أردوغان الذي دام 20 عامًا.
“انتخابات على أساس الخوف والذل”
وقال يحيى (25 عامًا) إن تجنب السوريون باتوا يتجنبون عمومًا “الانخراط في المناقشات السياسية ويمتنعون عن الخروج علنًا ما لم يكن ذلك ضروريًا”.
وصل يحيى إلى تركيا منذ أكثر من عقد من الزمان، حيث انحدر الصراع السوري إلى حرب أهلية شاملة، وهو الآن بصدد إنهاء درجة الماجستير في الهندسة الرياضية في اسطنبول وهذه هي الانتخابات الأولى التي يحق له التصويت فيها بعد حصوله على الجنسية التركية.
وقال يحيى إنه صوت لأردوغان في الجولة الأولى وسيفعل ذلك مرة أخرى في الجولة الثانية.
ومثل العديد من السوريين الذين تمكنوا من الحصول على الجنسية التركية، غيّر يحيى اسمه رسميًا إلى اسم أكثر قرباً للتركية “لتجنب العنصرية في كل من المؤسسات الحكومية والخاصة”.
وتقول المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن تركيا تستضيف حوالي 3.9 مليون لاجئ، معظمهم فروا من الصراع في سوريا المجاورة.
وقال يحيى إنه بسبب “الخوف والإذلال” الذي تعرض له السوريون من خطابات المعارضة، بدأ السوريون في تجنب التحدث باللغة العربية في الأماكن العامة وقللوا من خروجهم للتنزه .
المحاولة الأخيرة
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، ظهرت بوادر تصدعات في المعارضة التركية في أعقاب خطاب كيليتشدار أوغلو المناهض للهجرة، حيث استقال العديد من أعضاء أحد أحزاب المعارضة الصغيرة.
وفي خطاب الاستقالة، أعلن الموقعون الذين أطلقوا على أنفسهم اسم “مسلمو ديمقراطيون” أنهم لن يكونوا “إلى جانب أولئك الذين يدافعون عن مناهضة الهجرة بطريقة تدوس على كرامة الإنسان”.
وأضاف البيان:” لن نقف إلى جانب لغة تهين اللاجئين الذين قدموا إلى بلادنا وليس لهم أي غرض سوى العيش بأمان وسلام”.
وتتعارض محاولة كيليتشدار أوغلو الأخيرة لاستهداف اللاجئين بشكل ملحوظ مع موقف أردوغان، الذي تعهد قبل يومين من الانتخابات في 14 أيار/ مايو بعدم إجبار السوريين على العودة إلى منطقة الحرب.
وقال محمد (29 عامًا) أن “الخطاب المهين الذي تقدمه المعارضة على مدى السنوات الخمس الماضية يسعى إلى عزل السوريين في تركيا اجتماعيًا وثقافيًا”.
وذكر محمد، الذي يحمل الجنسية التركية والذي غيّر أيضًا اسمه، إنه سيصوت لأردوغان مرة أخرى.
وقال: “أشعر بأمان أكبر نسبيًا، إلا أنني أفكر في ملايين آخرين من السوريين الذين يعيشون في خوف خلال هذه اللحظة”.