ما هي الانتهاكات التي تم الكشف عنها بحق الأسرى الفلسطينيين داخل معسكر سدي تيمان الإسرائيلي؟!

بقلم أليكس ماكدونالد

ترجمة وتحرير مريم الحمد

لقد اقتحم عشرات الإسرائيليين مركز احتجاز سدي تيمان في صحراء النقب جنوب إسرائيل، حيث تجمعوا رداً على اعتقال 9 جنود متهمين باغتصاب أسير فلسطيني، وبدلاً من توجيه غضبهم نحو الجنود المشتبه في ارتكابهم للانتهاكات، شعر هؤلاء الإسرائيليون اليمينيون المتطرفون، ومن بينهم نواب ووزير، بالغضب الشديد لأنه تم اعتقال الجنود.

تعد رمزية أعمال الشغب والاحتجاجات في إسرائيل والمرتبطة بالتخوف من الحرب الأهلية مجرد خلفية لسلسلة من الانتهاكات التي تم ارتكابها داخل معسكر سدي تيمان الإسرائيلي في صحراء النقب.

لقد تم اعتقال حوالي 4000 فلسطيني من غزة منذ أكتوبر 2023، حيث يتم احتجاز معظمهم واستجوابهم في القطاع، ثم يتم إحضار من يعتقد أن لديه معلومات “مفيدة” إلى سدي تيمان، حتى لو كانوا غير مقاتلين.

تعد سدي تيمان واحدة من عدة مرافق يتعرض فيها الفلسطينيون لسوء المعاملة منذ عقود، فقد تم الإبلاغ عن تفشي التعذيب والاغتصاب والقتل داخل المعسكر المذكور.

من جانبه، تباهى وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، بأن الأوضاع داخل السجون الإسرائيلية “تدهورت بالفعل” منذ بدء الحرب على غزة، مضيفا “أنا فخور بذلك”.

فما هي الانتهاكات التي حدثت في سدي تيمان بحق الأسرى الفلسطينيين؟

التعذيب

في الأشهر الأخيرة، نشرت تقارير إعلامية شهادات مفصلة على لسان فلسطينيين محتجزين في داخل سدي تيمان مؤكدين الاعتداءات الجسدية والنفسية التي تعرضوا لها، حيث يظل المعتقلون معصوبي الأعين طوال الوقت، فحتى النظر إلى الخارج يمكن أن يؤدي إلى تعرضهم للضرب على أيدي الحراس.

وفقًا لشبكة شي إن إن، فإنه يمكن معاقبة السجين لارتكابه جريمة، مثل التحدث إلى سجين آخر، من خلال أمره برفع ذراعيه فوق رأسه لمدة تصل إلى ساعة، وأحياناً تكون يداه مقيدتين بالسياج لضمان عدم حركته.

لقد تم التبليغ عن وجود تقييد مستمر للأيدي بشكل شديد للغاية لدرجة أن الأطباء اضطروا إلى بتر أطراف بعض الأسرى!

قد يدفع التحدث أو الحركة الحراس الإسرائيليين إلى نقل الأسرى إلى منطقة خارج السياج أو القفص وضربهم بقوة، فبحسب شهادة أحد الحراس، أنه رأى رجلاً يخرج من الضرب بأسنان وعظام مهشمة.

من جانبها، أفادت صحيفة نيويورك تايمز أن أحد الفلسطينيين الذين تم إحضارهم إلى سدي تيمان تعرض للضرب بعد أن نام لدى وصوله، فقال له الضابط “هذه هي عقوبة أي شخص ينام”، كما أفاد العديد من الأشخاص أنهم قد تعرضوا للصعق بالكهرباء.

يتذكر ممرض يبلغ من العمر 39 عاماً تم أخذه من غزة، أنه أُجبر على الجلوس على كرسي موصل بالكهرباء فتعرض للصدمة كثيراً لدرجة أنه، بعد التبول في البداية بشكل لا يمكن السيطرة عليه، لم يعد قادراً على التبول لعدة أيام بعد ذلك.

لقد تم الإبلاغ عن وجود تعذيب نفسي وسمعي، حيث يتم إطلاق الكلاب والقنابل الصوتية على الأسرى النائمين، كما ذكر العديد من الأسرى أيضاً أنه كان يتم نُقلهم إلى ما يسمى “غرفة الديسكو”، حيث يجبرون على الاستماع إلى موسيقى صاخبة تمنعهم من النوم، حتى قال أحد الأسرى الذين تم الإفراج عنهم أن الصوت كان مؤلماً لدرجة أن الدم بدأ يسيل من داخل أذنه!

وتتوافق الشهادات التي أدلى بها أسرى سابقون لموقع ميدل إيست آي مع التقارير الواردة من معسكر سدي تيمان، حيث أشار أسرى سابقون إلى تعرضهم لهجوم من قبل الكلاب وغمرهم بالمياه الباردة وحرمانهم من الطعام والماء والنوم وتعرضهم للموسيقى الصاخبة المستمرة.

يقول الأسير المفرج عنه معاذ محمد خميس مقداد البالغ من العمر 26 عاماً، “كنت عارياً وأشعر بالبرد وأتعرض للضرب وأتضور جوعاً حتى أصبحت مرهقاً ومستنزفاً تماماً، ولكن إذا نام أي سجين يضربه الجنود بوحشية على رأسه أو صدره لإبقائه مستيقظاً”.

الاعتداء الجنسي

أكثر أشكال التعذيب عدوانية كانت الاعتداءات الجنسية، حيث أوضح عدد من الأسرى الذين تم الإفراج عنهم بأنه قد تم إدخال قضبان معدنية في شرجهم، كما أشارت ممرضة لصحيفة نيويورك تايمز بأن جنديين قاما بالضغط على مستقيم أسير بعصا معدنية مثبتة على الأرض، لمدة 5 ثوان تقريباً مما تسبب في نزيف حاد و”ألم لا يطاق”.

“كل حالة وفاة أثناء الاحتجاز العسكري يتم التحقيق فيها، وأن بعض الذين ماتوا كانوا يعانون من حالات طبية أو إصابات سابقة” الجيش الإسرائيلي في تصريح سابق لموقع ميدل إيست آي

قال شاهد آخر لمجلة +972 بأن حراس الاحتلال اعتدوا جنسياً على 6 أسرى بالعصا أمام معتقلين آخرين بعد مخالفتهم أوامر السجن، وفي رواية مروعة تم تفصيلها في مقطع فيديو تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي، قال أحد الأسرى المفرج عنهم مؤخراً أنه شهد حالات اغتصاب قام فيها الجنود الإسرائيليون بإجبار الكلاب على الاعتداء الجنسي على الأسرى.

من جانبه، روى المحامي الفلسطيني خالد محاجنة خلال لقاء مع قناة العربي، عن حالة أسير يبلغ من العمر 27 عاماً، تعرض للاغتصاب حيث أجبر على النوم على بطنه وهاجمته الكلاب البوليسية “ومن ثم اغتصب بطفاية حريق وتعرض للأنبوب يُدخل في مؤخرته، ثم تم تفعيل طفاية الحريق لإطلاق محتوياتها في جسد الرجل بعد ذلك”.

حالات القتل

إلى جانب الانتهاكات التي يتعرض لها الأسرى، يُعتقد أن عشرات الفلسطينيين لقوا حتفهم أثناء وجودهم في منشأة سدي تيمان، فقد أوضح ضباط في سدي تيمان لصحيفة نيويورك تايمز أن هناك 35 فلسطينياً أسيراً في سدي تيمان قد توفوا إما في المنشأة أو بعد نقلهم إلى المستشفيات القريبة.

نفى الضباط الإسرائيليون في تصريحاتهم وفاة أي من الأسرى نتيجة لإصابات أو سوء معاملة في معسكر سدي تيمان، إلا أن صحيفة هآرتس كانت قد نقلت عن مصدر عسكري قوله أن اثنين من الأسرى توفيا متأثرين بجراحهما التي أصيبا بها في طريقهما إلى سدي تيمان.

في تصريح لموقع ميدل إيست آي في مايو الماضي، ادعى الجيش الإسرائيلي أن جنوده يتصرفون “وفقاً للقانون الإسرائيلي والدولي من أجل حماية حقوق الأسرى”، زاعماً أن كل حالة وفاة أثناء الاحتجاز العسكري يتم التحقيق فيها، وأن بعض الذين ماتوا كانوا يعانون من حالات طبية أو إصابات سابقة.

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة