بقلم ماركو كارنيلوس
ترجمة وتحرير نجاح خاطر
قد يكون هناك ثمة خيط مقنع يربط بين الأحداث المذهلة التي شهدناها في تموز/يوليو، إذ لا يزال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في السباق الرئاسي على الرغم من الإدانات الجنائية الأخيرة، في حين أصبحت كامالا هاريس التي واحدة من أكثر نواب الرئيس تفاهةً في تاريخ أمريكا الآن مرشحة الحزب الديمقراطي بعد الانسحاب القسري لجو بايدن من السباق الرئاسي.
فجأة، يتم تصوير هاريس على أنها عبقرية سياسية وسيدة دولة مخضرمة، رغم أن الواقع المحزن هو أنها بالنسبة للحزب الديمقراطي تماثل تماماً ما كان عليه دان كويل نائب الرئيس السابق جورج دبليو بوش، بالنسبة للجمهوريين في أوائل التسعينيات.
في هذا السياق، قدم رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو للتو أداءً رائعاً آخر لمهارتين سياسيتين فريدتين هما تلاعبه بالنظام السياسي الأمريكي، وموهبته التي لا مثيل لها كناشط واستراتيجي بارز في الحزب الجمهوري الأمريكي.
دخل نتنياهو سيرك الكونغرس الأمريكي واستطاع، بصفته مدرباً ماهراً، أن يجعل السياسيين يقفزون عشرات المرات مع التصفيق الحار، في واحد من أكثر الخطابات تدليساً على الإطلاق.
كان نتنياهو محقاً في قوله أن ما يجري هو معركة بين الحضارة والهمجية، ولكنه كان مخطئاً تماماً في اعتقاده أن حكومته تقف إلى جانب الحضارة، إذ يكفي أن نرى ما فعلته قوات الاحتلال في غزة، وما يحدث داخل سجونها حيث يتم الآن الدفاع عن التعذيب والاغتصاب.
سيناريو الكابوس
بعد عودته من رحلته إلى الولايات المتحدة، أمر نتنياهو على الفور بشن هجوم في بيروت لقتل أحد كبار قادة حزب الله، وآخر في طهران لقتل رئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية.
لقد حقق بذلك ضربة ثلاثية مذهلة، حيث وجه ضربتين قويتين إلى حزب الله وحماس، وصفعة لا تنسى على وجه داعميهما في طهران، وهناك تفسيران محتملان لهذا التصعيد الإسرائيلي.
الأول هو أن نتنياهو يعدّ جمهور الاحتلال لاتفاق محتمل يمكن لدولته من خلاله أن تدعي النصر بعد أن دمرت غزة، وقتلت كبار قادة حماس (هنية والقائد العسكري محمد ضيف)، وأرسلت تحذيراً قوياً إلى حزب الله بأنها قد تقتل بسهولة زعيمه حسن نصر الله في بيروت.
أما بالنسبة لإيران، فريما كان نتنياهو يحسب أن الجمهورية الإسلامية ستتعامل مع اغتيال هنية بنفس الواقعية المنضبطة التي أظهرتها في قضية اغتيال قاسم سليماني.
التفسير الثاني الأكثر كابوسية هو أن رئيس حكومة الاحتلال يتعمد تصعيد الصراع لإجبار الولايات المتحدة على التدخل قبل دخول ترامب أو هاريس إلى البيت الأبيض في كانون الثاني/يناير المقبل.
وفي الحالة الأولى، يعرف نتنياهو مدى انعدام القدرة على التنبؤ بتصرفات ترامب الذي لا يريد أن يرث حرباً في الشرق الأوسط، وقد كانت العلاقة بين ترامب ونتنياهو متوترة من الأساس منذ خسارة ترامب في انتخابات عام 2020، على الرغم من أنها تبدو وكأنها تحسنت مرة أخرى في الأيام الأخيرة.
أما في الحالة الثانية، فلا يريد نتنياهو المخاطرة، لأن المؤسسة الإسرائيلية لا تعرف على وجه اليقين ما تفكر فيه هاريس بشأن الشرق الأوسط.
وبكل تأكيد، فلا يمكن لأحد أن يجزم بأن “محور المقاومة” سوف يتبع السياق الإسرائيلي، فإذا كان صحيحاً أن أحداث السابع من تشرين الأول/أكتوبر حطمت إلى الأبد قوة الردع التي كانت تتمتع بها إسرائيل سابقاً، فربما وصلنا إلى نقطة تحول حيث سيختبر محور المقاومة حقيقة ذلك.
انطباعي المتواضع (وأملي) هو أن المحور سوف يختار بدلاً من ذلك مواصلة استراتيجيته الحالية ضد إسرائيل، والتي تتمثل في إلحاق الموت البطيء بها من خلال ألف جرح.
للإطلاع على النص الأصلي من (هنا)