بقلم كاثرين هيرست
ترجمة وتحرير مريم الحمد
وفقاً لوصف الأونروا، فإن ما يجري في غزة اليوم هو “مجاعة من صنع الإنسان”، حيث حذرت عدد من منظمات الإغاثة الدولية من أن المجاعة باتت وشيكة في غزة!
وفق أحدث تقرير عن الأمن الغذائي، أصدرته مبادرة تدعمها الأمم المتحدة فإن جميع سكان غزة، الذين يقدر عددهم بحوالي 2.3 مليون نسمة، يعانون من انعدام الأمن الغذائي “بشكل حاد”، نصفهم على الأقل توصف معاناته بالكارثية.
أما إعلان التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، وهو مبادرة متعددة الشركاء، فقد خلص إلى أن مستوى الجوع في غزة بات يصنف بأنه “أعلى نسبة أشخاص يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد على الإطلاق في أي منطقة أو بلد”.
وقد حذرت الأمم المتحدة ووكالات إغاثة أخرى من أن غزة على شفا المجاعة بسبب منع إسرائيل دخول المساعدات عبر المعابر البرية للقطاع، حتى أنها رفضت مؤخراً دخول مدير وكالة الأونروا، فيليب لازاريني، إلى غزة، حيث أعلن لازاريني في صفحته على موقع اكس أن “هذه المجاعة التي هي من صنع الإنسان تحت أعيننا هي وصمة عار على جبين الإنسانية جمعاء، لقد تم هدر الكثير من الوقت، يجب فتح جميع المعابر البرية الآن، يمكننا تجنب المجاعة بوجود إرادة سياسية”.
“يمكنك أن ترى بوضوح أن المجاعة هي بطريقة ما اعتراف بالفشل الجماعي، يجب علينا أن نتحرك قبل وقوع المجاعة حتى لا يموت الناس جوعاً” – عارف حسين- كبير الاقتصاديين في برنامج الأغذية العالمي
من جانبه، أشار منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أن إسرائيل تستخدم المجاعة كسلاح في الحرب، مضيفا أن ما يحصل في غزة هو “مجاعة من صنع الإنسان”.
ما هي المجاعة؟
وفقاً لبرنامج الأغذية العالمي، يتم إعلان المجاعة عند استيفاء الشروط الثلاثة التالية في منطقة جغرافية معينة، أولها أن يكون هناك ما لا يقل عن 20% من السكان ممن يعانون من مستويات شديدة من الجوع، وأن يكون هناك 30% من الأطفال في نفس المنطقة ممن يعانون من “الهزال” أو النحافة الشديدة، وأن يتضاعف معدل الوفيات عن المتوسط، متجاوزاً حالتي وفاة لكل 10 آلاف يومياً للبالغين و4 وفيات لكل 10 آلاف يوميا للأطفال.
انطلاقاً من تلك الشروط، يرى كبير الاقتصاديين في برنامج الأغذية العالمي، عارف حسين، أنه “يمكنك أن ترى بوضوح أن المجاعة هي بطريقة ما اعتراف بالفشل الجماعي، يجب علينا أن نتحرك قبل وقوع المجاعة حتى لا يموت الناس جوعاً”.
كيف يتم تقييم وجود المجاعة؟
يستخدم التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) لتتبع وجود الجوع الحاد، وهي مبادرة تم تطويرها خلال أزمة الصومال عام 2004 من قبل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو).
تستخدم الحكومات ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية المبادرة كأداة تصنيف وتقييم ليس فقط لقياس حجم سوء التغذية الحاد وانعدام الأمن الغذائي، ولكن لدق ناقوس الخطر بشأن حالات المجاعة المحتملة.
“يتوقع أن يتجاوز شمال غزة مستوى سوء التغذية الحاد عتبة المجاعة البالغة 30% في أي وقت بين مارس ومايو 2024” – التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)
المبادرة لا تقوم بجمع البيانات، بل يعتمد بدلاً من ذلك على الشركاء في المجال الإنساني على الأرض لإنتاج معلومات تتعلق بالأمن الغذائي والتغذية والوفيات وتناول السعرات الحرارية، ثم يقوم التصنيف بتحليل هذه البيانات وتقييمها مقابل وفق 5 مراحل، ثالثها أزمة غذائية، ورابعها حالة طوارئ، وخامسها “كارثة” أو مجاعة.
يقول حسين: “ما نحاول القيام به هو الوصول إلى الناس قبل الوصول للمرحلة الخامسة”، وأضاف “نحن نعمل بجد على مستوى الأزمات وبالتأكيد على مستوى الطوارئ لإنقاذ حياة الناس حتى لا يصلوا إلى المرحلة الخامسة والتي تصنف على أنها مجاعة”.
“مجاعة وشيكة” في غزة
وفقاً لتقرير التصنيف المرحلي التكاملي، فإن يتوقع أن يتجاوز شمال غزة مستوى سوء التغذية الحاد عتبة المجاعة البالغة 30% في أي وقت بين مارس ومايو 2024″، كما أشار التقرير إلى أن 88% من سكان غزة يواجهون انعدام الأمن الغذائي عند المستوى الرابع أو الخامس.
من جانبها، كشفت فحوصات التغذية التي أجرتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) في الشمال في فبراير الماضي، أن 4.5% من الأطفال في الملاجئ والمراكز الصحية يعانون من “الهزال الشديد”.
لقد دفعت المجاعة الفلسطينيين في غزة إلى تناول بعض الأعشاب الضارة وخلط علف الحيوانات وأعلاف الطيور مع الدقيق لصنع الخبز، رغم ما لهذه الإجراءات من آثار ضارة على الصحة يمكن أن تؤدي إلى مشاكل طبية خطيرة، وخاصة عند الأطفال الصغار.
في تقريره، حدد التصنيف الدولي للأمن الغذائي الدوافع الرئيسية لانعدام الأمن الغذائي في القطاع المحاصر وعلى رأسها شدة الهجوم الإسرائيلي على القطاع، والقيود الشديدة المفروضة على وصول المساعدات الإنسانية عبر المعابر الحدودية التي تسيطر عليها إسرائيل.
ختم التصنيف التقرير بأن عدد الأشخاص الذين يواجهون مستويات كارثية من الجوع قد تضاعف منذ ديسمبر 2023!
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)