أثارت التوقعات بقرب تنفيذ إسرائيل عملية عسكرية برية في رفح، المنطقة الأكثر اكتظاظا بالسكان في غزة، المخاوف من انهيار المساعدات المقدمة للنازحين المحاصرين وممارسة التطهير العرقي بحقهم.
واستشهد 67 فلسطينياً على الأقل بعد أن قصف الطيران الإسرائيلي 14 منزلاً وثلاثة مساجد يوم الاثنين.
وتضاعف عدد سكان رفح التي تبلغ مساحتها 150 كيلومتراً مربعاً فقط خمس مراتٍ منذ بدء العدوان الإسرائيلي في 7 تشرين الأول /أكتوبر حيث يقطنها اليوم 1.5 مليون نازحاً فلسطينياً.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أعلن في مقابلة مع شبكة ABC الإخبارية يوم الأحد، نيته اقتحام المنطقة بقوات برية، وقال: ” سنفعل ذلك. سنسيطر على كتائب حماس الإرهابية المتبقية في رفح”.
وأضاف أن ذلك سيتم مع توفير ” ممر آمن للسكان المدنيين”، زاعماً أن إسرائيل ” تعمل على إعداد تفاصيله في الكثير” من المناطق التي تم تطهيرها شمال رفح”.
لكن عمال الإغاثة يصرون على عدم وجود مثل هذه المناطق الآمنة في القطاع المحاصر الذي يتعرض للقصف الدائم.
فقد ذكر أحمد بيرم، مستشار الإعلام والاتصالات الإقليمي للمجلس النرويجي للاجئين، أنه ليس في غزة “مكان آمن للفلسطينيين منذ أشهر”.
وأضاف: ” حتى رفح تعرضت للقصف بشكل متكرر، والطرق والمناطق الآمنة التي حددتها إسرائيل من جانب واحد عندما أعلنت أوامر إعادة التوطين شهدت إراقة الدماء وهجمات متكررة”.
وتابع بيرم: ” لقد نفدت خيارات المدنيين، كانت رفح ملاذهم الأخير، والآن لا يوجد مكان آمن للنزوح إليه”.
من ناحيته، أوضح خبير القانون الدولي وعضو مجلس إدارة منظمة القانون من أجل فلسطين حسن بن عمران أن تنفيذ العملية العسكرية البرية في رفح من شأنه أن ينتهك الإجراءات المؤقتة التي أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل بالالتزام بها الشهر الماضي.
وأضاف: ” اقتحام رفح يعني بالتأكيد أن إسرائيل تنتهك أمر محكمة العدل الدولية، أكثر من أي وقت مضى، لأن هذه المنطقة من المفترض أن تكون منطقة آمنة، لكن اقتحامها يعني غزو المواقع التي ينشيء الناس فيها خيامهم”.
وأضاف أنه لا يمكن النظر لهذه العملية إلا بموجب المادة 2 (ج) من اتفاقية منع الإبادة الجماعية، التي تحظر تعمد فرض ظروف تؤدي إلى تدمير جزئي أو كامل لمجموعة قومية أو عرقية أو دينية.
هناك حاجة إلى تحرك دولي عاجل لتجنب الكارثة الأخيرة التي تواجه المدنيين والرعاية الصحية في غزة” – المتحدث باسم منظمة العون الطبي للفلسطينيين
ومن بين الإجراءات التي أمر بها الحكم المؤقت لمحكمة العدل الدولية الامتناع عن عرقلة إيصال المساعدات إلى غزة وتحسين الوضع الإنساني.
لكن بيرم ذكر أنه: ” في ظل عدم كفاية إمدادات المساعدات التي تعبر رفح، فإن القصف الإسرائيلي للمناطق القريبة من عمليات الإغاثة يعرض نظام المساعدات بأكمله لخطر التعليق والانهيار”.
وأضاف: ” لقد اقتربت العمليات الإسرائيلية من الملاجئ المكتظة بالسكان ونخشى وقوع الأسوأ إذا مضت إسرائيل في تنفيذ مخططاتها”.
وأضاف أن عمال الإغاثة معرضون الآن لخطر الانقطاع عن معبر رفح بين غزة ومصر، الذي يوفر شريان الحياة الإنساني الوحيد للفلسطينيين تحت الحصار بعدما تم إغلاق معبر كرم أبو سالم بين إسرائيل ومصر لفترات طويلة خلال الحرب.
وقال بيرم: ” نحن أمام سيناريو يضطر فيه عمال الإغاثة إلى مغادرة المناطق التي تكون فيها الاحتياجات مرتفعة للغاية في هذا الوقت الحرج”.
وكان متحدث باسم منظمة المساعدة الطبية للفلسطينيين، وهي مؤسسة خيرية مقرها المملكة المتحدة وتقدم الخدمات الطبية في غزة، قد قال أن الاقتحام البري لرفح سيؤدي إلى “مقتل وإصابة المزيد من المدنيين”.
وأضاف: ” لا يوجد سوى عدد قليل من المستشفيات في رفح المكتظة من الأساس بسبب تدفق الإصابات الناجمة عن القصف العشوائي الإسرائيلي المستمر”.
وأردف بالقول أن هناك ” حاجة ماسة إلى تحرك دولي عاجل لتجنب هذه الكارثة التي تواجه المدنيين والرعاية الصحية في غزة”.
ونظراً لعدم وجود مناطق آمنة في غزة، فإن الفلسطينيين يخشون من أن يتحول النزوح من رفح وهي أقصى نقطة في جنوب القطاع إلى عملية طرد قسرية لهم إلى سيناء في مصر.
وسبق أن عبر فلسطينيون من غزة عن مخاوفهم بأن المقترحات الخاصة بإنشاء ممر إنساني بين غزة وسيناء المصرية يمكن أن تكون بمثابة “النكبة الثانية”، في إشارة إلى التهجير الجماعي لـ 750 ألف فلسطيني في عام 1948.
وقال مستشار القانون الإنساني إيتاي إبشتين على موقع X أن الهجوم على رفح يمكن أن يكون جزءًا من خطط “الترحيل القسري” للفلسطينيين.
وكان تقرير للمخابرات العسكرية الإسرائيلية صدر في تشرين الأول / أكتوبر قد تطرق إلى تنفيذ عملية فتح للطرق لإخراج الفلسطينيين من القطاع ضمن أربعة مراحل حددها للحرب.