سخّرت محاسن الخطيب موهبتها في الرسم وتصميم الشخصيات لتوثيق أهوال عدوان الاحتلال على غزة منذ اندلاعه في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ويوم السبت، نشرت الخطيب آخر أعمالها الفنية، والتي صورت فيها الشاب شعبان الدلو البالغ من العمر 19 عاماً، وهو يحترق حتى الموت جراء قصف الاحتلال لمستشفى الأقصى قبل أيام قليلة.
وبعد ذلك بوقت قصير، استشهدت محاسن في غارة جوية للاحتلال استهدفت حيها في مخيم جباليا شمال غزة.
كانت محاسن وعائلتها في المنزل عندما وقعت الغارة، وفي منشور على فيسبوك، قالت أنه لم يعد هناك مكان آمن في غزة للهروب إليه، بعد أن نزحت عدة مرات أمام آلة الموت التي كانت تقترب منها باستمرار.
وعلى مدى الأيام الخمسة عشر الماضية، كان جيش الاحتلال يغزو شمال غزة تحت قصف لا هوادة فيه، وصفه السكان بأنه الأعنف منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وقال حسام الخطيب، عم محاسن، لموقع “ميدل إيست آي”: “كان المنزل مليئاً بالنازحين عندما شن الاحتلال سلسلة من الهجمات المكثفة على الحي”.
وأوضح أن محاسن “استشهدت على الفور وأصيب ثمانية أشخاص، بعضهم في حالة حرجة”، حيث بذلت سيارات الإسعاف وطواقم الدفاع المدني جهوداً مضنيةً للوصول إلى المنطقة بسبب القصف المدفعي العنيف.
وأضاف: “ما زلنا غير قادرين على دفن جثتها المسجّاة في مستشفى كمال عدوان، بسبب الوضع الخطير”.
كانت محاسن فنانة مستقلة ترسم القصص المصورة ومصممة شخصيات ومرشدة للفن الرقمي، تدعم أسرتها من خلال عملها، وقد استخدمت موهبتها للدفاع عن حقوق الفلسطينيين ورفع الوعي بانتهاكات الاحتلال في فلسطين.
وحتى أثناء الحرب، أطلقت محاسن دورات مجانية عبر الإنترنت في الفن الرقمي المستقل لمساعدة أولئك الذين لديهم إمكانية الوصول إلى الإنترنت في إنشاء مصدر دخل.
“كانت محاسن واحدة من أكثر الفنانين في غزة احترافيةً وتواضعاً وجمالاً، لقد تركت انطباعاً دائماً لدى كل من علمته أو التقت به” – جمانة شاهين، صديقة محاسن وإحدى المتدربات لديها
وعلى الرغم من القصف المستمر وضعف الاتصال بالإنترنت، اعتادت الفنانة على تصوير الواقع في غزة ونشره على وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بها.
وقالت جمانة شاهين، وهي متدربة وصديقة لمحاسن بصوت مرتجف: “لقد أخبرتني ذات مرة أنها تريد مشاركة معرفتها وخبراتها قدر الإمكان حتى يعيش فنها وتنتقل معرفتها من خلال الآخرين في حال استشهادها”.
وبعد إجلائها إلى مصر، بقيت شاهين على اتصال مع محاسن، حيث وصفتها بالقول: “لم أقابل شخصاً صامداً مثلها، حتى عندما كانت تتحدث عن معاناتها من الجوع وأصوات القصف المرعبة، كانت تفعل ذلك بروح الدعابة”.
ولا يزال بلال أبو نادي، الذي عمل مع محاسن في شركة إعلام وتصميم جرافيكي، في حالة صدمة بسبب خبر استشهادها.
وقال بلال لموقع ميدل إيست آي: “لقد ألهمت طاقتها والتزامها في العمل الجميع، وجلبت روحاً مبهجة إلى كل ما فعلته، وحولت حتى ضغوط العمل إلى تجربة ممتعة وشجعت الجميع على بذل قصارى جهدهم”.
وانتشر خبر استشهاد محاسن بسرعة على وسائل التواصل الاجتماعي، مما ترك الآلاف من متابعيها وطلابها وزملائها الناشطين في حزن شديد.
وأضاف بلال: “كانت شخصيةً طيبة القلب وكريمة، وكانت تعتقد أن الفنانين في غزة يستحقون أفضل مما تقدمه لهم الحياة”.
للإطلاع على النص الأصلي من (هنا)