تحولت المدارس التي تديرها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين، الأونروا، إلى ملاجئ للعائلات الفلسطينية التي نزحت بسبب القصف الإسرائيلي المتواصل والأمر بإخلاء شمال غزة.
وتؤوي إحدى مدارس الأونروا في مخيم المغازي للاجئين نحو 5,870 نازحاً، أي حوالي 1,100 عائلة في ظل وضع مأساوي.
وشرع النازحون الفلسطينيون بالاحتماء بمدارس الأونروا منذ الأيام الأولى للحرب، حيث قُتل حوالي 1300 إسرائيلي في هجوم المقاومة يوم 7 تشرين الأول / أكتوبر، فيما قُتل أكثر من 2300 فلسطيني في الغارات الجوية الإسرائيلية اللاحقة.
ظروف قاسية يعيشها النازحون في مدارس الأونروا بقطاع غزة.. نساء وأطفال وشيوخ وشباب يتجمعون في مدرسة تابعة للأونروا غرب خان يونس جنوب قطاع غزة هربا من القصف الإسرائيلي.
للمزيد:https://t.co/7b9aYDZsse pic.twitter.com/tMao1SdyEE— Aljazeera.net • الجزيرة نت (@AJArabicnet) October 15, 2023
وحضرت أم يوسف إلى مدرسة الأونروا من مخيم الشاطئ بعدما أصبح بقاؤها فيه بالغ الخطورة في ظل الخوف الدائم.
وقالت أم يوسف أن الصواريخ ” كانت تسقط حولنا ليلاً ونهاراً، وضجت السماء بأزيز الطائرات المشؤومة، لذلك أخذت أطفالي وغادرت إلى المغازي”.
وكان عشرات الآلاف من أفراد العائلات الفلسطينية قد نزحوا نحو الجنوب يوم السبت عبر طريق صلاح الدين، وهو أحد الطريقين اللذين أمرهم الإسرائيليون باستخدامهما في أمر الإخلاء الذي أصدره الجيش الإسرائيلي يوم الجمعة الذي سبق.
لكن الطائرات الإسرائيلية قامت بقصف إحدى الشاحنات التي تقل نازحين على الطريق ما أدى إلى ارتقاء 70 فلسطينياً معظمهم من النساء والأطفال.
وادعت إسرائيل أن حركة حماس هي من نفذ الهجوم لكن أم يوسف، التي شهدت الحدث بأم عينها، قالت إن طائرة ضربت الشاحنة.
وأضافت:” لقد رأى أطفالي الدماء وامتلأت وجوههم بالرعب، شاهدوا السيارات المتفحمة ورأوا شاحنة مليئة بالأطفال وفراشهم الغارق بالدماء، لقد رأينا ذلك بأعيننا”.
وأشارت أم يوسف إن رحلة نزوحها عن منزلها كانت “تذكيرًا مؤلمًا” بتاريخ النزوح في فلسطين، موضحةً:” ربما لم نشهد أحداث العام 1948، ولكننا الآن نعيش قصة مشابهة، لقد تركنا تحت البرد والحر دون ماء أو كهرباء أو طعام”.
وتابعت بالقول:” عانى أطفالي من الجوع والخوف والارتباك، ومع انفجار الصواريخ في مكان قريب، تشبثت بي ابنتي ملاك، البالغة من العمر 12 عامًا فقط، وهي تبكي: أمي، لا أريد أن أموت”.
ويقصد العديد من الفلسطينيين مدارس الأونروا طلباً للمأوى وللحصول على الطعام بعدما فرضت إسرائيل حصارًا كاملاً على غزة وقطعت عنها إمدادات الغذاء، والمياه والطاقة والإنترنت.
ويتم توزيع المواد الغذائية الأساسية في المدارس، لكن الإمدادات تتضاءل بمعدل مرعب.
ويوم الأحد، كان من المفترض أن يتم تزويد كل شخص في مدرسة المغازي بوجبة من الخبز والتونة المعلبة، لكن الأونروا لم تتمكن من توفير الخبز من المورد في منطقة غرب غزة التي تعرضت للقصف الشديد.
وتتعرض مياه الشرب والاستخدام الشخصي للنفاد السريع ولا توفر الصنابير الآن سوى المياه الملوثة لمدة نصف ساعة تقريبًا يوميًا، حيث تنفد الإمدادات بمجرد وصولها.
ويعاني نحو 6000 مقيم في مدرسة المغازي حالياً من الجوع والعطش الشديدين.
وقالت نور التي حضرت إلى المدرسة من منزلها بالقرب من الحدود مع إسرائيل:” تعرض منزل جارنا الطبيب للقصف وألحق ذلك أضرارًا بمنزلنا وتحطمت النوافذ على أطفالي، وكاد زوجي أن يقتل بسبب الشظايا”.
وتساءلت نور، التي تبلغ من العمر 39 عامًا، عن المكان الذي يمكنها فيه الحصول على الطعام والماء لطفلها أدهم، 12 عامًا، وابنتها حنان، 4 أعوام.
“يقولون لي: ماما، نريد أن نأكل، نحتاج إلى الماء، أين يمكنني الحصول على ذلك لهم؟ أين؟ أخبرني أين؟ أنا أختنق، لقد عشت من قبل في جوع، وعانيت، وكان الأمر فظيعًا، والآن أصبح الوضع غير مناسب للعيش.” نور، نازحة إلى مدرسة الأونروا.
وتعاني نور من مرض السكري ومن سرطان الثدي والغدة الدرقية، وكان من المقرر أن تخضع لعملية جراحية نهاية الشهر الجاري، لكن جميع مستشفيات غزة اكتظت الآن بضحايا الغارات حتى أن بعضها تعرض للقصف الجوي.
أما زوج نور، فيعاني أيضًا من مرض السكري ومن مشاكل في الرئة، ويتعافى من سكتة دماغية.
وقالت:” وصلت مرحلة أدعو فيها الله أن يأخذني صاروخ حتى يحصل أطفالي على مستقبل أفضل”.
ومنذ صدور الأمر الإسرائيلي لسكان شمال غزة بإخلائه، أرسلت الأونروا رسائل بريد إلكتروني تأمر جميع موظفيها بالتوجه جنوبًا.
وتقول الرسائل أن أي موظف يبقى في شمال غزة، بما في ذلك مدينة غزة، يفعل ذلك على مسؤوليته الخاصة.
وحتى الآن، مازالت مساعدات الأونروا كافية لإبقاء النازحين على قيد الحياة، حيث تستخدم الوكالة المخزون المتوفر بعد رفض إسرائيل السماح بدخول أي إمدادات جديدة إلى القطاع الذي بدأ يواجه أزمة نقص المنتجات الصحية كالحفاضات وحليب الأطفال.
وأقامت الأونروا نقطة صحية في المدرسة يعمل فيها طبيب وممرضة واحدة لخدمة ما يقرب من 6,000 شخص من الساعة 9 صباحًا حتى 2 ظهرًا، لكن هذه الخدمات لا تتوفر في حالات الطوارئ خارج تلك الساعات، أو عندما يتعلق الأمر بالأدوية غير المتوفرة من الأساس.
وقالت أم يوسف:” أناشد العالم ومن لا يزال في قلوبهم رحمة، أناشد الدول العربية ومنظمات حقوق الإنسان أن ارحموا معاناة الشعب الفلسطيني وتحركوا، نحن بحاجة ماسة إلى هدنة إنسانية، نحن بحاجة لمساعدتكم”.